تناولت الصحف الفرنسية قضية الرفع التدريجي للعقوبات عن إيران، حيث استعرضت صحيفة "نوفال أبسرفتور" تفاصيل هذه الخطوة والقطاعات المستفيدة منها، واعتبرت صحيفة "لوفيغارو" أن هذا النجاح الإيراني في فك العزلة التي كانت تعيشها، يمثل نجاحا مضاعفا للرئيس حسن روحاني، في صراعه على الجبهة الداخلية ضد المعارضين للانفتاح على الغرب.
وقالت نوفال أبسرفتور، في تقرير ترجمته "
عربي21"، إن قرار الولايات المتحدة برفع العقوبات التي كانت مفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي، جاء بعد تأكدها من وفاء الجانب الإيراني بكل التعهدات التي نص عليها الاتفاق النووي، ولكن العقوبات المتعلقة بارتباط إيران بالإرهاب ستظل قائمة رغم ذلك.
واستعرضت الصحيفة أهم العقوبات التي كانت مفروضة من قبل واشنطن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، والتي ستشملها الخطوة التي تم الإعلان عليها يوم السبت، حيث ستحصل إيران على حوالي 50 مليار دولار من عائدات
النفط التي كانت مجمدة في البنوط الأجنبية، بمجرد أن تدفع بعض الديون والفواتير المترتبة عليها.
ورغم أن هذه الخطوة لا تعني عودة الشركات الأمريكية للتعامل بكل حرية مع نظيرتها الإيرانية، فإن هنالك ثلاثة قطاعات ستستفيد بشكل خاص، حيث سيكون بإمكان الشركات الأمريكية بيع الطائرات التجارية وقطع الغيار للأسطول الإيراني القديم والمتهالك، بشرط ألا تستخدم لأغراض عسكرية، كما سيتمكن المنتجون الإيرانيون من تصدير مواد غذائية فاخرة للولايات المتحدة، مثل الكافيار والفستق.
وقامت واشنطن بشطب أسماء 400 شخصية وشركة ومنظمة إيرانية، كانت متهمة بخرق العقوبات الأمريكية المفروضة على بلادها. وسيشمل الرفع أيضا عقوبات ثانوية أخرى ظلت غير معروفة لدى الكثيرين، تشمل منع غير الأمريكيين من التعامل مع إيران، في مجال البنوك والمالية، بما في ذلك التحويلات للبنك المركزي الإيراني، وقطاع التأمين، والنفط والغاز والبتروكيماويات، وقطاع الموانئ والنقل البحري، وتجارة الذهب والأحجار الكريمة، وقطاع السيارات.
ويشمل رفع هذه العقوبات الثانوية تجارة الألمنيوم والفولاذ والفحم الحجري وقطاع الكمبيوتر، بشرط ألا يتم استخدام هذه المواد لأغراض نووية ممنوعة بموجب اتفاق فيينا.
أما صحيفة لوفيغارو، فقد أشارت إلى أن رفع العقوبات المفروضة على إيران؛ كان أهم التعهدات الانتخابية لحسن روحاني في الانتخابات الرئاسية في سنة 2013، حيث وعد بالعمل على رفع هذه العقوبات التي خنقت الاقتصاد الإيراني وأنهكت المواطنين، وهو ما نجح بتحقيقه في 14 من تموز/ يوليو الماضي، ليكون أول رئيس يحقق هذا الوعد الذي لطالما انتظره الشعب الإيراني.
وأضافت أن هذا الانتصار الدبلوماسي تعزز بانفراج آخر في الوقت نفسه، من خلال الإفراج عن سبعة إيرانيين محتجزين لدى الولايات المتحدة، في مقابل أربعة أمريكيين كانوا في سجون طهران، منهم جايسون رضائيان، مراسل الواشنطن بوست في إيران.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الخطوات الإيجابية من الجانبين، تبين تغيرا في العلاقة بينهما، فبعد أن كانت الولايات المتحدة تنعت بأنها الشيطان الأكبر من قبل المتشددين الإيرانيين، خلص الطرفان إلى أن أسلوب المواجهة والتصعيد لا يصب في مصلحتهما.
وقالت الصحيفة إن قرار رفع العقوبات جاء في الوقت المناسب لحسن روحاني، بعد أن بدأ صبر المواطن الإيراني ينفد تحت وطأة الحصار الاقتصادي، وستمكن هذه الخطوة من إعادة تحريك عجلة الاقتصاد الإيراني، من خلال إتمام مشاريع تنموية في عدة مناطق، والرئيس في حاجة ملحة لاستعراض هذه الإنجازات، بعد أن عانت خزينة الدولة من الإفلاس.
وأكدت الصحيفة أن رفع العقوبات، قبل 40 يوما فقط من الانتخابات التشريعية، يمثل دفعا قويا لمعسكر حسن روحاني، لأن سياسة الانفتاح التي اختارها تحتاج لموافقة البرلمان، الذي تسيطر عليه اليوم أغلبية من المحافظين. ومن المنتظر أن تمكن هذه الخطوة الأخيرة من إنعاش حظوظ المرشحين المساندين لسياسة روحاني، رغم أن عوائق عديدة تقف في طريق نجاحهم.
وذكرت الصحيفة في هذا السياق أن مجلس الخبراء الذي يقوم بالنظر في طلبات الترشح للانتخابات التشريعية، قام في الأسابيع الأخيرة بإسقاط ترشح عدد من الإصلاحيين والمقربين من الرئيس روحاني، وهذا أمر يشغل بال الرئيس بالتوازي مع مسألة رفع العقوبات.
وقالت الصحيفة إن توقيت رفع العقوبات يأتي قبل 10 أيام من الزيارة الرسمية لروحاني لفرنسا وإيطاليا، حيث ستمكنه هذه الزيارة المرتقبة من تجاوز مستوى التحاور والتفاوض، إلى إبرام عقود واتفاقات تجارية، فقد أعلنت وزارة النقل الإيرانية، فور الإعلان عن رفع العقوبات، أنها تعتزم شراء 114 طائرة من شركة إيرباص الأوروبية.