بورتريه

بني ارشيد.. مراقب لإخوان الأردن ينتظر التتويج (بورتريه)

زكي بني ارشيد
زكي بني ارشيد
بين الحكم عليه بالسجن لعام ونصف وبين الإفراج عنه عقب انقضاء محكوميته، تبدلت أحوال جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن من حال إلى حال أسوأ.

أصبحت هناك "جمعية" للإخوان المسلمين، و"جماعة" للإخوان، وأصحاب "مبادرة زمزم"، ومجموعة "الحكماء" الذين سعوا إلى رأب الصدع، لكنهم في نهاية المطاف أصبحوا مجموعة رابعة.

والأخطر هي الاستقالات المتتالية لقيادات تاريخية في "الجماعة" من حزب "جبهة العمل الإسلامي"، الذراع السياسية لـ"الإخوان"، تعبيرا عن رفض "الإقصاء والتهميش الممارس عليهم من قبل قيادة الحزب"، وفقا لتعبير بعض المستقيلين. وهي استقالات، حصرت على أي حال، في الحزب وليس من "الجماعة".

خرج من السجن بعد أن سجن بتهمة "تعكير العلاقة مع دولة شقيقة"؛ على خلفية مقال نشر في عدد من المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، عقب تصنيف حكومة دولة الإمارات "الإخوان المسلمين" وفروعها في الدول الإسلامية والأوروبية والولايات المتحدة "تنظيمات إرهابية".

في مقاله ذاك، وصف بني ارشيد حكام دولة الإمارات بأنهم "الراعي الأول للإرهاب، ولا يتمتعون بشرعية".

تُتهم الحكومة وبشكل غير مباشر بأنها كانت الراعي الرسمي والحصري لجميع الانشقاقات التي وقعت لـ"إخوان الأردن"؛ في الأعوام الثلاثة الأخيرة على الأقل.

فهي شدت من عزم المراقب العام السابق لـ"الجماعة" عبد المجيد الذنيبات ووافقت على طلب تقدم به لترخيص "الجماعة" المرخصة أصلا، ومنحتها الترخيص كجمعية في لمح البصر مع سبق الإصرار والترصد، ومنحت شخصيات مقربة منها مباركتها قبل ذلك للمبادرة الأردنية للبناء "زمزم" التي شكلها قياديون في "الإخوان" في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2012.

واعتبرت الحكومة الأردنية "جمعية ذنيبات" وصحبه ممثلين عن "إخوان الأردن"، في مسعى لإسقاط الشرعية القانونية عن "الجماعة" التي أسست في منتصف أربعينيات القرن الماضي في الأردن، أو على الأقل تهميشها. لكنه مسعى لم يتحقق بالكامل نتيجة لبقاء الغالبية الساحقة من أعضاء "الجماعة" مع القيادة الحالية لـ"الإخوان"، بحسب ما يقول رموزها.

وفي منزله الذي عج بالمهنئين بالإفراج عنه؛ تقرب من التيار "الإخواني" الذي يقف على النقيض من القيادة الحالية لـ"الإخوان" بقيادة المراقب الحالي الدكتور همام سعيد؛ ربما في محاولة لتجميد الاستقالات من حزب "العمل الإسلامي"، وثني المستقيلين عن قرارهم حتى لا تمتد النار إلى "الجماعة" نفسها.

زكي سعد بني ارشيد المولود في الزرقاء عام 1957 من بلدة الأشرفية، في لواء الكورة شمال الأردن، حاصل على دبلوم هندسة كيميائية من كلية عمان الهندسية، ويعمل في القطاع الخاص، حيث يملك شركة للسياحة والسفر.

انتمى إلى جماعة "الإخوان المسلمين" في مرحلة مبكرة من عمره، وتدرج في صفوفها، إلى أن أصبح في عام 1999 الأمين العام الرابع لحزب "جبهة العمل الإسلامي"؛ أكبر الأحزاب السياسية في الأردن .

عـرف بعلاقاته الوثيقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتي كانت سببا في الضجة التي أثيرت حول ترشحه لمنصب الأمين العام للحزب.

اعتقل في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2014، حين كان يشغل منصب نائب المراقب العام لـ"جماعة الإخوان المسلمين"، وبصفته متهما بـ"تعكير صفو العلاقة مع دولة شقيقة هي الإمارات.

أثير الجدل في الأردن حول مجموعة وثائق ويوميات كتبها القيادي البارز في "الإخوان" أثناء سجنه بخط يده. ومنعته السلطات من أخذ دفاتر يومياته في السجن التي وثقها على مدى 18 شهرا، لكنه عاد فيما بعد وأكد تسلمه مذكراته.

وبدا من اللحظة الأولى لاستعادة حريته مندفعا ومتحمسا للحديث حول الشأن الداخلي الأردني، إذ أكد حرص "الحركة الإسلامية" على "فتح صفحة سياسية جديدة والبدء بسطر جديد"، داعيا إلى "التخلي عن العقليات التي تعيق الإصلاح الحقيقي وتفسد كل شيء".

وأعلن أنه سيعود للميدان ومستعد لفتح صفحة جديدة، وسيتقدم بمبادرة وطنية لم تتضح معالمها.

ودعا بعد خروجه من السجن، الأردنيين إلى "تبني مبادرة وطنية للإصلاح السياسي من شأنها أن تعلي شأن الوطن وبمفهوم تصالحي".

وقال بني ارشيد، في كلماته الأولى، إن "المشهد السياسي الأردني لم يعد يحتمل إهدار الوقت بعد أن أصبحت الحالة الأردنية، مشبعة بسوء الإدارة والتدبير". وأضاف: "انتظرونا في تشكيل مبادرة وطنية تعلي من شأن الوطن".

ودعا أصحاب القرار إلى "العمل في الميدان، إن كانوا يطالبون القوى الوطنية والشعب الأردني بما هو جديد". وقال: "مرحبا على أن لا يكون التجديد هو مفهوم التطويع والانطواء"، في حين أعرب عن أمله في "أن لا توضع عقبات أمام هذا التجديد".

بني ارشيد، رأى أن "الجميع على موعد مع القدر والتاريخ لصناعة ما هو جديد... لأننا نعشق الحرية ونحب الإبداع والتجديد بمفهوم تصالحي يشارك فيه الجميع دون إقصاء لأحد، ودون استحواذ، ودون احتكار، ودون المزيد من الثرثرة في الإصلاح".

وتوارت الخلافات الداخلية، التي تعصف بـ"الجماعة" إثر الاستقالات، داخل خيمة استقبال المهنئين في منطقة أبو نصير بعمان، خلف ابتسامة بني ارشيد وترحيبه بالقياديين المستقيلين من حزب "العمل الإسلامي" وبقيادات "الجماعة".

ويمثل خروج بني ارشيد دعما قويا لـ"جناح الصقور" في "إخوان الأردن". وهذا الجناح لا يبدو مستعدا للتوافق. وبالتالي فإن الحديث عن الإصلاح والحوار لن يكتب له النجاح إذا لم يتحقق في صفوف "الجماعة" أولا.

وتبدو الأرض معبدة بشكل مريح لبني ارشيد كي يتسلم منصب المراقب العام الجديد لـ"الإخوان" خلفا للمراقب العام الحالي همام سعيد الذي تنتهي فترة ولايته الشهر المقبل، وهو ما قد يعتبر مؤشرا على القطيعة النهائية مع المنشقين عن الجماعة.. والأهم أنه سيعتبر رسالة تحدّ للدولة الأردنية التي تعول على إقصاء تيار"همام-بني ارشيد" نهائيا عن "الجماعة".
التعليقات (0)

خبر عاجل