أكتب لك وكلي أمل أن تصلك سطوري الحزينة، وأنت تتنعم بوافر الصحة والسلامة لك ولمن تحب.
سأقتصر هنا وأختصر لأن النص يخونني، ومعرفتي بفطنتك وذكائك كفيلة في قراءة ما بين السطور.
ما أصابك هو نسخة كربونية لما حصل معي، فقدت كما فقدت، وعانيت الذي عانيت، فرق واحد، كان يشعره قاتلنا، لكنه غائب عنا.
المنطقة ذاتها التي عرفت غادرتها قبل أن تغادرها، حاولت جاهدا البحث عن السبب المجهول الذي نجهله معا لما نحمله من حسن ظن.
ديني العظيم لن ولم يمحك، أو يلغك، ليس هذا من شريعتي التي أحفظ منها: (لا إكراه في الدين..)، من سرقك لم يعرف شيئاً من تعاليم ديننا المحارب للسرقة.
من خانك خانني..
الإنسانية التي جمعتنا لم تكن حكرا على ديني، فقد نادى بها سيدي عيسى عليه السلام كما نادى بها محمد عليه السلام.
(المجد لله في العُلا، وعلى الأرض السلام). أحفظها كما أحفظ: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
خيوط كثيرة جمعتنا لست بصدد تعدادها، وأهمها: مدينة تعايشنا بها فترة طويلة من الزمن إخوة متحابين، نعيش الأفراح والأتراح، ونقتسم رغيف الخبز معا، وكم تذوقت طعامكم كما أنتم.
وفي لحظة نفيكم من قبل الغرباء الذين لا يعرفون إلا أنفسهم، ذرفنا الساخنات، وخشينا أن يكون هذا فراقا فإذا به لقاء.
استطاعت داعش بهمجيتها توحيدنا أكثر وأكثر، وفتحنا بيوتنا المستأجرة خارج نينوى لنعيش الإخاء الذي عشناه في نينوى.
حاولت البقية الباقية من أهلي الحفاظ على دور عبادتكم ولكن دون جدوى، فأوباش داعش كانوا ماهرين في تقسيم ظلمهم وعدوانهم بيننا جميعا، فكنيسة العذراء عليها السلام التي انتهكت هي صورة طبق الأصل لما جرى مع مسجد النبي يونس عليه السلام من تسويته مع الأرض. والحال تكرر مع كل المراقد المقدسة في مدينتنا التي شكت إلى الرب ظلم الإنسان للإنسانية.
لم أرضَ الواقع الذي عشنا وقد فرضته علينا العصابات غصبا عنا، وكنت الضحية (أعني) أنتم لأننا واحد.
مساجد مدينتي لم تكن بعيدة عن كنائسها، ومسجد عبد الرحمن بن عوف (في منطقة الشعارين) شاهد، إذ لا يفصل بينه وبين الكنيسة سوى جدار متهالك، ينبيك عن مكان عبادة واحد: (وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا).
الحال ليس في نينوى، بل يتجاوزه إلى أربيل والسليمانية وبغداد وصلاح الدين وبعض مناطق الجنوب.
ولطالما تعانقت تكبيرات المساجد بأجراس الكنائس، لترسم لنا التعايش في أبهى صورة وأجمل حلة، مؤذنة بحال واحد ضمن بلد موحد.
والآن بعد كل الذي جرى..
لم يعد اعتذاري مجديا، كما أنه غير مقبول لديك، لأنك تعرف وأعرف أن داعش لا تمثل دين الإسلام، ونحن منها براء، كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
إساءة داعش لن تؤثر على علاقتنا الحضارية الممتدة إلى مئات السنوات التي تشاركنا فيها المحن والإحن والجوائح.
جرح الحصار في 1990 جمعنا، ودمنا اختلط بدمكم في حرب السنوات الثمان، ضد الجارة الشريرة إيران، وقدمتم وضحيتم ونحن سواء.
سنحيا من جديد عام 2016 لنعيش في مدينتنا. ليس هذا حدسا، بل أشاهد تفاصيله الآن، لنضرب المثل الإيجابي في التعايش، ولنكن شامة بين الناس، وعسى أن يكون ذلك قريبا. وإلى ذلك الحين أتمنى لك عيد ميلاد مجيد سعيد تحقق فيه كل أحلامك، وعلى رأسها حلم العودة إلى نينوى التعايش.
المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام.
0
شارك
التعليقات (0)
ابو عبدالله
الخميس، 31-12-201511:16 م
... ولا قيمة لك يا ...... اترضى الدنية من دينك يا مرتد.. لم تفعل الدولة الا ما امر به الله في تعاملها مع اهل الكتاب.. وارجع لشرع الله والذين طبقوه بداية برسول الله وصحابته وكل من تولى امر المسلمين الى نهاية الخلافة العثمانية.. عيب عليك اقرأ ثم اكتب عن بينة