إنها "الخليل" أيها السادة، وما أدراكم ما الخليل؟ هي موطن أبيكم إبراهيم عليه السلام، وهي بيعة الاستثناء لرسولكم عليه وآله الصلاة والسلام.. إنها الخليل لا أحلى ولا أبهى ولا أنبل.. وقوفا أيتها الأمة العظيمة، فها هو واحد من مواقعك العظيمة يشرئب بعنقه إلى السماء اقتدارا وقوة وصوابا، فحيا الله حراس مقام إبراهيم وإرث الأنبياء عليهم السلام المجبولين عزة وكرامة وعنادا أسطوريا، حياهم الله وقد رمى بهم العنصريين الصهاينة.
وهكذا تتزود ثورة فلسطين بيقينها وبالعزيمة كلها نحو الانتصار كاملا.. فها هو الخليل برحيق عنبه وصلابة صخره وبعراقة نسبه وكريم أصله يستلم راية الكفاح ليقود شعب فلسطين إلى الحرية والاستقلال.. من الخليل -الرمز والواقع- إلى القدس الرمز والروح يلخص شعب فلسطين ثورته..
حياكم الله شباب فلسطين وأنتم تتقاذفون على الصهاينة قدرا جميلا مزودا بالموت الزؤام.. حيا الله شباب فلسطين وهم يكسرون الحواجز والمعيقات التي ظنها العدو مانعة لأجيال فلسطين من الوثوب نحو وعد الله باسترداد فلسطين.. حيا الله شباب فلسطين وهم يدخلون المشهد بلغة جديدة وروح جديدة وبرنامج حيوي عملي واقعي بعد أن تكلست البرامج وتيبست المفاهيم وتجمدت عقول رهط من القوم في ماضوية عبثية.
الإعلام العربي مشغول بحروب الفتنة، وسياسيو العرب يتحسسون الأرض تحت أقدامهم تخوفا من زوابع الربيع العربي ومؤامرات العم سام بعد أن أفرغوا أموالهم في المعارك الحرام، واندفعوا بعنفوان في قتل بعضهم بعضا، يتناخون في ساحات العار واللهو القاتل.. ويراد من هذا أن يفرض على الثورة العظيمة في فلسطين ستائر التجاهل والتغافل.. ولكن أنى لهم ذلك، فلقد أدرك هؤلاء الشباب قانون المرحلة أنه الموت الانتخابي.. يرافقون الموت، وينبعثون للحياة في مشهد يصبح هو المشهد الحقيقي في المنطقة، ويصنعون بفعلهم الحضاري الإنساني الراقي دربا للخروج من مقت السياسيين وتحجر الأنانيين، ويعلنون من جديد أن مصير شعب فلسطين لا يتوقف على وجود الفصيل الفلاني أو العلاني، ولا يلتزم إلا بروح فلسطين، ويلقي بكل الأوراق التي وقعت في ظل ظروف استثنائية من الضعف وأمعن العدو في استهتاره بالتملص منها إلى حيث تلقى الأطمار البالية.
باختصار نحن الآن إزاء تجدد الشعب
والثورة.. بأشخاص جدد وأفكار جديدة وروح جديدة وبرنامج عمل يزيح من المشهد تلك البرامج المرحلية والمعوجة والهزيلة.. نحن الآن مع أبطال من نماذج أسطورية "مهند وبهاء والحروب وأشرقت..." ويدرك الشعب الفلسطيني أن التسول ليس طريقا لاسترداد الحقوق وأن التشكي والبكاء لن يقنع القريب والبعيد بجدارتنا للحياة بل لابد من الفعل القوي والمدوي.. فكانت ثورة السكاكين والدهس.
وانتم أيها السادة المحترمون من إعلاميين وسياسيين وعرب ومسلمين وبشر تقفون في هذه اللحظات أمام مسؤولياتكم وأمام فرصتكم بتجديد انتمائكم لقوميتكم وإسلامكم وإنسانيتكم.. اكسروا الحصار الإعلامي، واصرخوا في وجوه اللهاة من المليشيات والحكام: إن فلسطين أشرعت لكم باب العزة والكرامة لتقضوا على الغدة السرطانية التي تهدد أمنكم واستقراركم وتخترق أمنكم وتثير في ساحاتكم الفتن.. وفروا أموالكم، واحقنوا دماء شعوبكم، وتعالوا إلى هنا، فلقد رفع الخليل راية القدس من إبراهيم عليه السلام إلى معراج محمد صلى الله عليه وآله وسلم، تكتمل المعجزة والخطوة العملاقة.. فها هي فلسطين كلها من جنين وحيفا وقلقيلية ونابلس والناصرة والعفولة ويافا وغزة وبئر السبع تقف على بوابات الانتصار وعرس الحرية.. حياكم الله يا من اعد تالينا الروح وأزحت عن قلوبنا الهم والغم.. تولانا الله برحمته.