مقالات مختارة

لماذا يريد أردوغان مقاما أدنى من مقامه الحالي؟

مليح التين اوك
1300x600
1300x600
هناك أمران يشغلان تفكير المواطنين الأتراك الذين يعارضون فكرة النظام الرئاسي في الحكم. الأمر الأول، هو أن النظام الرئاسي سيطبق الفيديرالية على نظام الحكم، والأمر الثاني هو أن هذا النظام سيعطي صلاحيات مطلقة للرئيس، الأمر الذي من المحتمل أن يؤدي إلى الاستبداد.

هناك سبب واحد فقط وراء جدية هذه المخاوف، هو كونها هواجس بسيطة، وهو بالضبط ما يجعلها قابلة للتهويل.

لذلك فإن قوى المعارضة التي تقوم باستغلال نقاط ضعف الشعب، وتثق بقدرتها على تكرار الأكاذيب دائما، قامت باختيار الطريق السهل، معتقدين أن الأطراف الأخرى ستمل من الرد على افتراءاتهم.

بالرغم من أن مدار حديثنا مختلف في هذه الصفحة، لكن دعونا نتطرق لهذين الموضوعين بشكل مقتضب.

فالفيديرالية ليست شرطا للنظام الرئاسي إنما هي مجرد اختيار، فعلى سبيل المثال هناك العديد من الدول التي تمتلك نظاما برلمانيا، ولكنها تطبق الفيديرالية كألمانيا، وكذلك الحال في فرنسا، التي لم تختر الفيديرالية بالرغم من أنها تعتمد نظام نصف رئاسي.

أما بالنسبة لمراقبة الرئيس، فالرئيس في النظام الرئاسي بالإضافة إلى كونه تحت رقابة المحكمة العليا، فهو أيضا تحت رقابة مجلس الشعب المشددة. الرئيس لا يستطيع أن يخطو أي خطوة دون إقناع المجلس، على العكس تماما من النظام البرلماني الذي لا يستطيع فيه المجلس اتخاذ أي قرار دون موافقة رئيس الجمهورية.

فكروا بذلك، فبالإضافة إلى الصلاحيات المطلقة لرئيس الجمهورية، يعتبر أردوغان الشخص الوحيد الذي لا يخضع للمحاسبة القضائية في النظام البرلماني. ومن يشتبه في ذلك فليقرأ المادة عدد 104 من الدستور، التي تفيد بأن رئيس الجمهورية يمتلك صلاحية تغيير المجلس بأكمله.

نعم، إن الأجوبة على هذه المخاوف بسيطة أيضا. ولكن بصراحة، لو كنت ضد النظام الرئاسي لأحرجت الطرف الآخر بأسئلة أصعب. على سبيل المثال، لماذا يصر أردوغان وحزب العدالة والتنمية منذ إنشائه، على فرض النظام الرئاسي الذي سيمتلك فيه صلاحيات أقل من الصلاحيات التي يمتلكها الآن؟ لا أحد يريد أن بفقد صلاحياته!

الإجابة على هذا السؤال تكمن في وجهة نظر أردوغان الاستراتيجية؛ فأردوغان الذي حقق إنجازات كبيرة للجمهورية التركية خلال 13 سنة، تمكن من فرض مواقفه من خلال تجربته في الحكم المحلي.

هذا هو سر نجاح أردوغان، الذي يعتقده البعض معجزة. لهذا فإن أردوغان الذي استمر في الساحة السياسة العالمية لأكثر من 13 سنة، والذي سيكون الخيار الأول للسنوات العشر القادمة، واحد من السياسيين النادرين.

أردوغان اليوم يتمتع بصلاحيات مطلقة باعتباره رئيس الجمهورية في النظام البرلماني، لكن إنجازه لأي عمل سيستغرق الكثير من الوقت، على عكس النظام الرئاسي.

لذلك فإن دفاع أردوغان الشديد عن النظام الرئاسي نابع من إرادته العمل بشكل أسرع وأنجع، الأمر الذي يوفره هذا النظام.

دعوني أوضح الصورة بشكل أفضل: في النظام الرئاسي، إذا أراد الرئيس أن يقوم بأي عمل عليه أولا أن يقدم مشروعه للمجلس، الذي يستطيع أن يوافق على مشروع الرئيس أو أن يقترح تعديله.

أما النظام الحالي، فهو عبارة عن نزاع قائم بين المجلس ورئيس الجمهورية، حيث تصبح مشاريع الأعمال ضحية بين القبول والرد.

لذلك فإن أردوغان يريد أن يخطو خطوة للأمام ليس بهدف العرقلة، إنما بهدف تحقيق الرقي الاقتصادي لتركيا.

فمفتاح النجاح السياسي لا يكون بإقناع الشعب بالوفاء للقيادة، إنما يكون عن طريق الإنجازات الواقعية.

الشعار والهدف بسيطان جدا: "سأنجز مشروعا، وإذا كان هناك من ينجز مشروعا أفضل سأتنافس معه،لا نريد عرقلة الإنجازات. ليقيم الشعب ذلك وليقرر!".

لماذا يتم اعتبار محاولة أردوغان، الذي انتصر في الانتخابات الأخيرة طيلة 13 سنة، لحماية حكمه بالطرق الديمقراطية، محاولات غير مشروعة؟
0
التعليقات (0)

خبر عاجل