وصف المسؤول الشرعي السابق لتنظيم جبهة النصرة "
أبو مارية القحطاني" في تغريدة سابقة له بصفحته الرسمية على "تويتر"، الأردنيين في
تنظيم الدولة بأنهم "الأكثر خبثا على الإطلاق بين جميع عناصر التنظيم".
لم يكتف "القحطاني" بهذا، بل تابع في تغريدته متهجما على أنصار تنظيم الدولة في الأردن قائلا:" الأردن تحوي الكثير من الخوارج القعدية"، أي يقصد أنصار التنظيم الذين لا يشاركونه القتال.
والخبث كما هو معروف باللغة، "إضمار الشر للغير، وإظهار الخير له، واستعمال المكر والخديعة في المعاملات مع الناس".
فلماذا وصف "القحطاني" الأردنيين في التنظيم بهذا الوصف؟ وهل فعلا هذا الوصف ينطبق على "أردنيي التنظيم"؟ وبماذا يدفع أنصار تنظيم الدولة الأردنيين عن أنفسهم تجاه هجوم القحطاني؟.
من جهته، رفض القيادي في التيار السلفي الجهادي الأردني محمد الشلبي المشهور بـ"
أبو سياف"، ما أطلقه "القحطاني" على الأردنيين المنضمين إلى تنظيم الدولة.
وقال "أبو سياف" لـ"
عربي21" معلقا على الوصف والاتهام: "إن ما تفوه به أبو مارية القحطاني تجاه الأردنيين في تنظيم الدولة، كلام مردود عليه، لأنه افتراء وكذب، واتهام ووصف لا ينطبق على المجاهدين في التنظيم".
واستدرك "أبو سياف" بقوله: "إذا كان القحطاني تعامل مع عدد محدود من الأردنيين في التنظيم، ووجد فيهم خبثا أو بدر عنهم خطأ، فلا يعني هذا أن الجميع بهذه الصفات، فلا يجوز تعميم الوصف أو الاتهام، وهذا ما علمنا إياه ديننا".
وفي الأسباب التي دعت "القحطاني" إلى إطلاق هذا الوصف على الأردنيين في تنظيم الدولة، لفت "أبو سياف" من وجهة نظره إلى أنه "من المشهور عن أبي مارية القحطاني أنه سليط اللسان، شديد على من خالفه، فلعل تركيبة شخصيته المبنية على هذه الصفات، هي ما دعاه لمهاجمة الأردنيين في التنظيم".
وحول رأيه في الأردنيين المنضمين لتنظيم الدولة، شدد "أبو سياف" بقوله: "لا أقول عنهم إلا إنهم أصحاب دين ومنهج، وإن صفة الخبث لا تليق بهم، فهم من أوائل من هب للدفاع عن عرض المسلمين ومقاتلة النظام السوري النصيري، فلا بد من احترامهم والدفاع عن عرضهم وأموالهم حال غيابهم وحضورهم".
و"القحطاني" اسمه "ميسر علي موسى عبد الله الجبوري"، عراقي الجنسية، أطلقت عليه أكثر من كنية، فهو "أبو مارية القحطاني" وهو "أبو مارية الهراري"، إضافة إلى أنه "أبو مارية الجبوري"، وكما يعتقد فإن "القحطاني" يدير ثروات جبهة النصرة، كما يعتبر القيادي الأول لمعسكرات الجبهة، فيما يتردد أنه مهندس علاقات "أبو محمد الجولاني" أمير جبهة النصرة.
خدم "القحطاني" ضمن صفوف ضباط "فدائيي صدام" في العراق، وبعد أن حل الجيش العراقي في العام 2004، كانت له أول مشاركة ضمن صفوف "دولة العراق الإسلامية"، بعدها تمت ترقيته ليصبح مسؤولا شرعيا في مدينة الموصل.
بايع "القحطاني" أبو عمر البغدادي، ومن بعده "أبو بكر البغدادي" في تنظيم الدولة، ولكنه بعد ذلك خلع البيعة وانضم إلى جبهة النصرة، بعد دخوله إلى سوريا، إثر خلافات، الأمر الذي أغضب تنظيم الدولة، فوضع "القحطاني" على قائمة المطلوبين له.
ولكن للخبير في شؤون التنظيمات الجهادية "أسامة شحادة" رأي آخر في ما أطلقه "القحطاني تجاه الأردنيين في تنظيم الدولة، حيث رأى "شحادة" أن "أبو مارية شخصية متقلبة، فالمتابع لتاريخه، يجد أن بداياته كانت مع فدائيي صدام، ومن ثم مع الدولة الإسلامية في العراق، وبعدها بايع "أبو بكر البغدادي" أميرا لتنظيم الدولة، ولكنه في النهاية انتقل إلى جبهة النصرة إثر خلافات مع تنظيم الدولة".
وواصل الباحث "شحادة" في تفسيره لما قال "القحطاني" بقوله: "يأتي ما قاله القحطاني عن العناصر الأردنية في تنظيم الدولة، في سياق كرهه وخصومته للتنظيم ، بحكم أنه أحد عناصر جبهة النصرة، فهذا سبب وجيه يدعوه للتهجم على عناصر تنظيم الدولة، ليس الأردنيين فقط، بل كل العناصر".
ورأى "شحادة" أنه من الأسباب المتوقعة من وراء هجوم القحطاني على الأردنيين في التنظيم هو أن "الأردنيين في التنظيم يشكلون إسنادا ودعما كبيرا في تنظيم الدولة، خاصة في الجوانب الشرعية، وهذا ما يجعل تنظيم الدولة يقف خصما قويا وعنيدا أمام جبهة النصرة، الأمر الذي يقلق القحطاني وجبهة النصرة التي تسعى إلى إزاحة التنظيم من أمامها".
في حين، لم يكن "أبو مارية القحطاني" وحده من هاجم تنظيم الدولة، سواء عناصره الأردنية أو غيرهم، فقد شن "أبو قتادة" الذي يعتبر أحد منظري وقيادي التنظيم الكبار هجوما عنيفا على التنظيم.
حيث قال "أبو قتادة" في بيان نشره في حسابيه على "تويتر" و"فيسبوك" ردا على سؤال ورده من جنود جبهة النصرة في الغوطة الشرقية حول حكم التعاطف مع تنظيم الدولة: "إن مقاتلي جماعة البغدادي وأتباعهم ليسوا إخوانا لنا، إني أستخير الله فيهم دوما، فلا أزداد بهم إلا بصيرة أنهم كلاب النار، وأصدقكم والله حسبي وحسيبكم إنهم إلى زوال، وإنها فتنة لتنقية صف الجهاد من هؤلاء، فهم ليسوا منا، ولسنا منهم".
وأردف "أبو قتادة" واصفا عناصر التنظيم بـ"الخبث" بقوله: "يرون أن قتالكم لردتكم أولى القتال في هذا الزمان، فأي إجرام أكبر من هذا، وأي خبث في قلوب الناس أكثر من هذا الخبث".
إلى ذلك، يرى القيادي البارز بالتيار السلفي الجهادي الأردني، والأكثر تأييدا لتنظيم الدولة، عبد القادر شحادة المشهور بـ"أبو محمد الطحاوي"، أن "الجهاديين الأردنيين هم من المساهمين الأكبر في إرسال المقاتلين إلى سوريا، حيث يعتقد أن نحو 3 آلاف جهادي أردني يقاتل في سوريا".
في حين يعتقد "الطحاوي أن "أغلب الأردنيين التحقوا بتنظيم الدولة بعد إعلان البغدادي الخلافة وتزايد انتصارات التنظيم، حيث يقدّر أن نسبة الأردنيين المنتقلين من جبهة النصرة إلى تنظيم الدولة بـ80 بالمئة".
وعند ذكر أبرز الأردنيين الذين انضموا إلى تنظيم الدولة، وبايعوا "أبو بكر البغدادي"، يحضر اسم القيادي الجهادي في مدينة إربد شمالي المملكة، عمر مهدي زيدان، ومن ثم القيادي سعد الحنيطي.