قضايا وآراء

هل يتعلم الإسلاميون من العصاة؟!!

عصام تليمة
1300x600
1300x600
ربما تعجب القارئ من عنوان المقال، وهل يتعلم الإنسان المتدين من العصاة، وبخاصة إذا كان المتعلم على درجة من درجات التدين، أو ممن يقومون بحمل عبء الدعوة إلى الله عز وجل، أو صاحب رسالة، أو ثائر يثور ضد الظلم.

إن الإنسان العاقل لا يعدم الحصول على الخير من أي موضع كان، حتى وإن كان الموضع شرا تماما، ولا يتوقع منه الخير، وهو الاستفادة حتى ممن نظن فيهم الشر كله، ولا يخرج منهم إلا الشر، متمثلا ذلك في قمة الشر (إبليس)، فقد حاول إبليس خداع أبي هريرة رضي الله عنه ثلاث مرات، يوهمه أنه فقير يحتاج للطعام، ويأخذ منه الطعام، إلى أن أمسك به في المرة الثالثة، فعرض عليه إبليس عرضا، بتعليمه آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه، وأن الله يحفظه بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم عن نصيحة إبليس لأبي هريرة: "أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟". قال: لا، قال: "ذاك شيطان". فهنا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على صدق إبليس في نصحه، وإن كان الأصل فيه الكذب، ولم يمنع أبا هريرة من الاستفادة من نصح إبليس أنه عرف من صاحب النصيحة، بل استفاد وقبل النصيحة حرصا منه على الخير، من أي فم خرج.

والمتأمل في حال وممارسات بعض العصاة، يجد دروسا ملهمة يستفيد منها الإسلاميون، والثوار كذلك، في كيفية تنحية الخلافات والتوحد حول هدف واحد، وعدم الجدال فيما لا طائل من ورائه، ولنتأمل معا هذه الممارسة العملية من العصاة، وكيف نستفيد منها؟

تجد العصاة لا يميلون كثيرا لوجع الرأس، والجدال في قضايا لا طائل من ورائها، ولن تجدي نفعا، والأفضل أن تريح المجادل الذي يجادلك بالتسليم له بطريقة تصرفه عنك، وتجعلك تكمل طريقك، وكل له رأي، فلن تربح من طول الجدل فيها، فالصواب أن تعرض عن مثل هذا الجدل، ترى ذلك من العصاة، عندما ترى مدخنا، أو تاركا للصلاة، تخاطبه بحرمة التدخين، وأنه حرام، ومضر بالصحة، أو بأن ترك الصلاة حرام، والصلاة فريضة، فيقطع عليك العاصي الطريق حتى لا تطيل معه في الكلام، فيقول لك: ادع الله لي بالهداية، دعواتك يا مولانا، إنك لا تهدي من أحببت، فهو يلقي بتبعة الأمر إليك، إنك مطالب بالاجتهاد في الدعاء له، حتى يهديه الله، ويترك التدخين، أو المعصية، فقد ألقى عليك بالمهمة.

وترى العصاة يجتمعون حول معصيتهم متوحدين دون خلاف، فمثلا: الذين يشربون المخدرات، تراهم يوزعون الأدوار بينهم بلا خلاف، وبلا انشقاق، ثم يأخذ كل منهم دوره من المخدرات، بالشيشة مثلا، فيأخذ بلغة الحشاشين: النَّفَس أو النفسين، ثم يدور بالنارجيلة على صاحبه الآخر، دون أن يقول له صاحبه لقد أخذت نفسا زائدا، أو أقل، أو شجارا وخلافا كبيرا حول من يبدأ، بل ترى بينهم الوحدة تنتشر انتشارا ملفتا للنظر، قبل انتشائهم وبعد انتشائهم.

رغم اتفاقنا بداية على حرمة ما يقوم به العصاة، لكن لا مانع من الاستفادة منهم في درس: التركيز، وعدم الخلاف، أو التفكير فيما يعكر عليهم صفو هدفهم المحدد، فأصحاب المعصية يحددون هدفهم، ولا يشوش على هذا الهدف شيء، بل بينهم تناغم في تنفيذه.

والرسالة الموجهة هنا للإسلاميين والثوار: هلا تعلمنا من العصاة هذا الدرس، بالتوحد وعدم الشقاق والخلاف، وعدم إضاعة الوقت في غير طائل، من الجدل والمراء، والتنازع حول أمور تؤخر النصر، بل تنذر بانتكاسة عظيمة، أم أن العصاة سيكونون أهدى سبيلا ممن ينتسبون للتدين؟!



 جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "عربى21" 
5
التعليقات (5)
طارق الخير
الثلاثاء، 17-11-2015 09:59 ص
غير موفق ... و لنتعلم من أسوتنا الأنبياء و حوارييهم و المؤمنون في كل زمان ...ممكن أن نتعلم من غيرنا من المجتهدين و الحكماء لكن المثل المضروب لا يليق ...
مشاهد
الأحد، 15-11-2015 01:01 ص
نصيحة عجيبة و غير موفقة
محب الفاروق
السبت، 14-11-2015 03:09 م
إلى أخى صاحب تعليق الله يخيبك ، مع الأسف الشديد ان يصدر التوبيخ لرجل اراد أن يلفت النظر بمثال على التضامن و التراضى و التوحد و التكامل بين من يعادون الدين و نصرته و غضهم النظر عن الاستفادة الفردية فى سبيل بلوغ الهدف الجمعى الذى يمكن الالتقاء عليه ، نعم المثال جاء عن نوعية غير مقبولة على اى مستوى و لكن التعلم منهم فيما يقصده الرجل هو الهدف و قد فهمه من يريد ان يفهم و أنا منهم ، و إليك مثال قد يقرب الفكرة إليك ، أذكرك بأن الرسول صلى الله عليه و سلم قد أمر بأن يتعلم المسلمون من الأسرى الكفرة و المشركين و المعادين لدين الله القراءة و الكتابة بلغاتهم ليفتدوا أنفسهم من الأسر ، فهل كان على صواب ما أمر به ام اننا نعاند أنفسنا بضيق الأفق و نرفض لمجرد الرفض ان نفهم المقاصد من الأشياء التى تساق إلينا ، أخيراً اسمح لى أن أعتذر للشيخ بالنيابة عنك فالنية طيبة و القصد سليم و الأمر لا يجب ان يصل للفت فى عضد بعضنا بعضا . دعواتى للجميع بالهدى و الابتعاد عن تضييق ما وسع الله على عباده من فسحة الالتقاء على الخير
قارىء و متابع
السبت، 14-11-2015 02:59 م
شيخنا الفاضل و داعيتنا المستنير ، اغبطكم على الحصافة و الاستنارة و وضوح القصد فيما تدعو له ، و اذكر نفسى و الجميع نعك بالفتنة الكبرى التى وقف عندها المسلمون حين طالب الناس بعضهم فى تناحر بأن يكون ثار الدم أولا و قبل استتباب الامر بالخلافة و توحد الأمة ثم الثأر للدم إبان الحدث الجلل مع الخليفة الراشد عثمان ابن عفان رضى الله عنه و أرضاه ، أذكر الجميع بأن الأولويات يجب أن توضع فى الترتيب الذى يخالف ما حدث أيام هذه الفتنة البغيضة و التى نتج عنها ما نتج من تحارب و تناحر و متاهات التشيع و الانقسام فهو السلاح الأخطر الذى يلاعبنا به أبالسة الإنس و الجن معا و يلاعبنا به أنصار الإنقلاب و من أسف أنهم يجدون فينا و فى فرقتنا و اختلاف رؤانا المادة الخصبة لزراعتهم ، و لكم أفلحوا فى استنبات الفرقة كلما ألتأم جرح جد بالتنكيل بنا ما هو أعمق و أصعب ، هدانا الله إلى ما يرضيه جميعا و ألف بيننا على ما يوحدنا و نور بصائرنا بهديه لنستحق نصره و تأييده جل فى علاه ، و الله المستعان
الفارروق
الجمعة، 13-11-2015 06:43 م
الله يخيبك يا بعيد عاوز امة الحبيب تتعلم من الحشاشين بئس للظالمين بدلا

خبر عاجل