قضايا وآراء

الدبلوماسية العربية وحقوق اللاجئين الفلسطينيين

علي هويدي
1300x600
1300x600
في ظل ما يحدث في منطقتنا العربية من متغيرات، وأوضاع اللاجئين الفلسطينيين جزء من تلك المتغيرات، فإن بإمكان الدبلوماسية العربية أن تلعب دورا استراتيجيا وأن تجري تغييرا مفصليا لتعامل "جديد" من قبل الدول العربية مع حقوق اللاجئين الفلسطينيين، حيث يتواجد ما يزيد على النصف مليون لاجئ فلسطيني، بل وكذلك التأثير في الحصول على حقوق اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في بقية الدول الإسلامية والغربية عموما والتي تستضيف ما يقارب الثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني..

فتعاطي الدبلوماسية العربية حتى الآن لم يتعد حضور قضية اللاجئين على المستوى الدولي وفي الإطار النظري فقط، والتذكير بالقضايا الرئيسية في حال التعرض لأزمة طارئة كما هو الحال مع سوريا أو غزة وغيرها من الدول، إلا أن انعدام وجود استراتيجية عربية موحدة تأخذ بعين الاعتبار توفير الحق في حماية اللاجئين، وتفعيل ملف اللجوء سياسيا يضمن حق العودة، انعكس سلبا على جميع نواحي حياة اللجوء الفلسطيني لا سيما في الدول العربية على المستوى القانوني والسياسي والإنساني والأمني..!

بإمكان الدبلوماسية العربية الدعوة إلى تفعيل دور لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين (UNCCP) التي تأسست في العام 1948 كأحد بنود القرار 194 الذي أكد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم والتعويض، وتشكلت من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا وتعطل دورها في منتصف خمسينيات القرن الماضي، فقد عُهِد للجنة التوفيق من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بمسؤولية توفير الحماية الدولية للاجئين الفلسطينيين بالمعنى الشامل (القانوني والفيزيائي والإغاثي)، و"السعي لإيجاد حل سياسي للصراع يضمن عودة اللاجئين إلى ديارهم الأصلية واستعادة ممتلكاتهم وتعويضهم"، أو أن تسعى الدبلوماسية العربية لضم مهام لجنة التوفيق إلى وكالة "الأونروا"..!

بإمكان الدبلوماسية العربية إعادة النظر في بروتوكول الدار البيضاء للعام 1965 وإعادة تبني مقرراته الأساسية دون تحفظ أي من الدول على توفير الحقوق المتساوية بين اللاجئ الفلسطيني والمواطن العربي من إصدار وثائق السفر وتجديدها وتوفير الحق في العمل والتملك ومغادرة إقليم الدولة التي يقيمون فيها والرجوع إليها وغيرها من الحقوق دون المساس بحق العودة..، لا بل وتمكين اللاجئ الفلسطيني من العيش بكرامة إلى حين العودة..!

بإمكان الدبلوماسية العربية أن تضع لنفسها محددات بفصل المتغيرات السياسية في أي من الدول العربية عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، وإن كانت منظمة التحرير الفلسطينية جزءا منها أحيانا، كما حصل في الأردن في العام 1970 حيث طردت الكثير من عائلات اللاجئين. وفي العام 1991 تبنت الجامعة العربية بناءً على اقتراح تقدمت به كل من المملكة العربية السعودية والكويت القرار رقم 5093 والذي قرن تطبيق بروتوكول الدار البيضاء حول معاملة اللاجئين الفلسطينيين بعبارة "وفق النظم والقوانين المعمول بها في كل دولة". وفي ليبيا سنة 1995، تم طرد مجموعة من عائلات اللاجئين كتعبير عن رفض الحكومة الليبية التوقيع على اتفاق أوسلو عام 1993، أو في مصر نتيجة اغتيال الكاتب المصري يوسف السباعي، ما أدى إلى تغيير وضع الفلسطينيين من مقيمين دائمين يتمتعون بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية على قدم المساواة مع المواطن المصري، إلى أجانب محرومين من تلك الحقوق، أو كنتيجة للاحتلال الأمريكي للعراق في العام 2003 وطرد أكثر من ثلاثين ألف لاجئ فلسطيني، وحاليا ما يجري في سوريا وإغلاق الحدود أمام اللاجئين الفلسطينيين..!

بإمكان الدبلوماسية العربية الضغط باتجاه ألا تبقى ميزانية وكالة "الأونروا" تطوعية من الدول المانحة وأن تتحول إلى الشكل الإلزامي لتلك الدول كتعبير منها عن تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه قضية اللاجئين، وبإمكان الدبلوماسية العربية أن تحقق اختراقات جوهرية في الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المحافل الدولية، وبإمكانها ضبط إيقاع الدبلوماسية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال وبما يحقق أهداف الشعب الفلسطيني بزوال الاحتلال وتحقيق العودة؛ لكن في المقابل هذا الحراك الدبلوماسي العربي يحتاج إلى قرار وإرادة سياسية وهو غير متوفر حتى الآن..! 
0
التعليقات (0)