مقالات مختارة

اكتشاف تركيا الجديدة

سمير الحجاوي
1300x600
1300x600
كتب سمير الحجاوي: لا شك أن تركيا تتمتع بمزايا لا تتاح إلا لقلة من البلاد في الدنيا، فهي تمتد في التاريخ والجغرافيا، من سفينة نوح التي هبطت على جبل الجودي، وتقول الأسطورة أن الجبل يقع في تركيا، أي أن جذور الإنسان هنا عميقة منذ بدء الخليقة.

الجغرافيا أيضا تخدم تركيا، فهي واسطة العقد، تقع في قارتين، وتفصل بين القارات، وتربط الشمال بالجنوب والجنوب بالشمال، والشرق بالغرب والغرب بالشرق، وهي ملتقى الثقافات والحضارات والتنوع العرقي والديني ولذلك في مميزة في كل تفاصيلها.

بعيدا عن السياسة، قضيت 10 أيام تجولت خلالها من إسطنبول في الشمال إلى أنطاليا في أقصى الجنوب، مرورا ببحيرة سبانجا الجميلة وهوائها العليل وفواكهها الشهية.
 
إسطنبول هي المدينة المفضلة عند العرب والعالم، فهي المدينة التي يشتهيها العالم ويرغب بها الجميع، وكل أمة تنسبها لنفسها، من الإمبراطور قسطنطين إلى السلطان العظيم محمد الفاتح، إلى الدرجة التي قال فيها نابليون بونابرت له لو كان العالم دولة واحدة لكانت القسطنطينية أفضل عاصمة له، وهي العاصمة الدينية المسيحية التي كانت تنافس روما، وهي عاصمة الإمبراطورية العثمانية التي امتد سلطانها من الصين وحتى النمسا.. مدينة أكبر من كل المدن ولا يوازيها إلا بغداد ودمشق في العالم العربي، ولا يفضلها إلا مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف.

إسطنبول هي المدينة التركية الأهم، لكنها ليست الوحيدة، فعلى بعد 138 كيلومترا هناك منطقة سبانجا الريفية التي شددنا الرحال إليها، وتمتعنا بجمالها الأخاذ وبحيرتها الصافية النظيفة وهوائها العليل والخضرة الساحرة، وهي منطقة تستحق الزيارة فعلا.

انتقلنا بعد ذلك بالطائرة إلى أقصى الجنوب، إلى أنطاليا التي تتربع على الخاصرة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، وعلى بعد 90 كيلومترا من المدينة نزلنا في منتجع جميل اسمه نينا، لم يترك القائمون عليه سببا من أسباب الراحة إلا ويقدمونه لضيوفهم في كرم غير عادي، وخلال الأيام التي قضيتها فيه لم أغادره لأنني شعرت أن هذا المكان هو ما أحتاجه أنا وعائلتي للراحة، وهي تجربة سأكتب عنها بالتفصيل في المستقبل بإذن الله، لأنها تجعل من السياحة في العالم العربي نكتة سمجة بالمقارنة معها.

لا أدري إن كان اسم نينا هو اسم الدلع للماء والخضراء والوجه الحسن في هذا المكان الذي كان يعج بالأوروبيين وخاصة الألمان مع وجود عربي خجول لا يتجاوز بضع عائلات ربما لأن العرب يفضلون المشي في شارع الاستقلال في إسطنبول. 

هذه هي المرة الأولى التي أقضي إجازة عائلية في العيد منذ سنوات طويلة، لكنني اكتشفت أنني كنت مشحونا إلى درجة الانفجار، ونجحت تركيا الجميلة بتفكيك بعض من هذه الشحنات لأن الأخبار العربية السيئة تطاردنا إلى كل مكان.

أجمل ما في الرحلة أنها معقولة التكلفة.. صحيح أنها استنزفت مدخراتي القليلة لكنها تستحق ذلك، ويستحق اكتشاف تركيا العناء ودفع المدخرات.

(عن صحيفة بوابة الشرق القطرية 27 أيلول/ سبتمبر 2015)
التعليقات (0)