حسم تصويت حزبي "الحركة الشعبية" (الأغلبية) و"التجمع الوطني للأحرار" (الأغلبية) ضد مرشحي حزب العدالة والتنمية (الأغلبية) انتخابات مجالس الجهات لصالحه حزب الأصالة والمعاصرة (المعارض)، المعروف اختصارا بـ"البام"، ليحصل على خمس جهات من بين 12 جهة، فيما حصلت باقي الأحزاب على رئاسة الجهات السبع المتبقية، فيما اعتبر عودة من النافذة لمن طردتهم صناديق الاقتراع من المدن إلى القرى والبوادي.
وتصدر حزب الأصالة والمعاصرة لائحة الأحزاب الفائزة برئاسة الجهات، وذلك برسم انتخابات رؤساء مجالس الجهات، التي جرت الإثنين، حيث ظفر الحزب برئاسة خمس جهات متبوعا بكل من أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال (جهتان لكل حزب) ثم حزب الحركة الشعبية (جهة واحدة).
وقالت وزارة الداخلية في بلاغ لها بأن عملية انتخاب مكاتب المجالس الجهوية مرت في "ظروف جيدة وفي مناخ اتسم بالوضوح والشفافية".
وأوضح البلاغ أنه "طبقا لأحكام القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، يخبر وزير الداخلية أن عملية انتخاب رؤساء مجالس جهات المملكة قد جرت صبيحة يومه الإثنين 14 أيلول/ سبتمبر 2015 في ظروف جيدة، وقد جرى الاقتراع عن طريق التصويت العلني لأول مرة، وذلك عملا بالمقتضيات المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون التنظيمي السالف الذكر مما ساعد على سير العملية في مناخ اتسم بالوضوح والشفافية".
وعرفت الانتخابات انقلابا لحزبي "الحركة الشعبية" و"التجمع الوطني للأحرار" على ميثاق الأغلبية، حيث صوتا لصالح مرشحي المعارضة، وتخليهما عن شريكهما العدالة والتنمية في الجهات التي تنافس فيها حزب العدالة والتنمية مع حزب الأصالة والمعاصرة.
والتزم حزبا العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية بميثاق الأغلبية وصوتا على مرشحي الأغلبية في كل الجهات
وكان حزب الأصالة والمعاصرة أكبر المستفيدين من تصويت أحزاب الأغلبية ضد حزب العدالة والتنمية، حيث ظفر بجهات الدار البيضاء، طنجة، بني ملال، فيما كانت طريقه سالكة في مراكش لعدم ترشح أي منافس.
وقال عبد الرحيم العلام، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، معلقا على نتائج انتخابات مجالس الجهات، إن "نتيجة اليوم عادية وطبيعية بسبب (ترييف) السياسة في المغرب و(بدونتها)، وهي عودة من النافذة لمن طردهم الشعب من الباب".
وسجل عبد الرحيم العلام في تصريح لـ"
عربي21" أن "عمليات ترييف السياسة تتمثل في أن عدد السكان في المجال القروي لا يشكل إلا أقل من 40 في المائة من عدد سكان المغرب، لكنه يساهم بأكثر من 70 في المائة من عدد الناخبين الكبار الذي يصوتون لتشكيل الجهات وغرفة المستشارين".
وتابع العلام، "هكذا يتساوى منتخب فاز بمكتبه في دوار صغير بـ 100 صوت مع منتخب فاز بـ 1000 صوت في المدينة، وبهذا تكون الأصوات متساوية أثناء تشكيل مجلس الجهة أو خلال التصويت على المستشارين بالبرلمان".
وأضاف المحلل السياسي، "هكذا يمكن لحزب أن يفوز بالمرتبة الأولى على الصعيد الوطني من حيث عدد الأصوات لكنه يأتي في الرتبة الثالثة من حيث عدد المقاعد، وربما الرتبة العاشرة في مجلس المستشارين".
وشدد على أن عملية "ترييف" الانتخابات (تكثير عدد المنتخبين القادمين من المجال القروي) تحد من إمكانية تحقيق أية مفاجآت، وهذا ما يسمى في لغة السياسة بـ "لعبة التحكم"، ومعناه أن تغلق اللعبة السياسية في وجه الفاعلين السياسيين، ويلزمون بالخضوع لمنطق السلطة كي يستمروا في العمل السياسي".
واعطى الباحث مثالا توضيحيا قال فيه "يحدث مثلا أن حزبا فاز بأغلبية مطلقة في مجلس النواب وشكل الحكومة بمفرده، إلا أنه لا يحضى بأية قوة داخل غرفة مجلس المستشارين التي من شأنها ضبط التوازن الذي يقتضيه المنطق السلطوي".
وأوضح العلام "صحيح أن العديد من المواطنين استبشروا خيرا عندما تم الإعلان عن نتائج الانتخابات، ومنهم حتى من ندم لأنه لم يذهب للتصويت، بعد أن تبين له أن الصوت يمكن أن يزحزح سماسرة الانتخابات عن كراسيهم".
لكنه حذر العلام "من خطورة هذه الممارسات على مستبقل العملية الانتخابية، قائلا لكن بعد ورود الأخبار عن أن التحالفات سرقة أصواتهم، وجلعت الذين بوأوهم الرتبة الأولى أن يتدحرجوا إلى الرتب الأخيرة فيما يخص تشكيل الجهات، فإن الأكيد أن العديد من المواطنين حتى الذين صوتوا، سيراجعون موقفهم من الانتخابات في المغرب، وهذا ما سيزيد من منسوب اليأس، ويصب في خانة الفئات التي تقاطع الانتخابات أو لا تبالي بها".
إلى ذلك حاز حزب الأصالة والمعاصرة على رئاسة كل من جهات الدار البيضاء (العاصمة الاقتصادي) ومراكش (الرمز التاريخي/السياحي) وجهة "طنجة-تطوان-الحسيمة" (المحادية لأوروبا)، وجهة الشرق (الحدود الجزائرية).
وحصل حزب العدالة والتنمية على رئاسة جهة الرباط-سلا- القنيطرة (العاصمة الإدراية)، وجهة درعة تافيلالت (موطن مؤسسي الأسرة العلوية الحاكمة).
وحصل حزب التجمع الوطني للأحرار (الأغلبية) على رئاسة مجلسي جهتي سوس-ماسة وكلميم-وادي نون، بعد انتخاب ابراهيم حافيدي رئيسا لمجلس جهة سوس ماسة وعبد الرحيم بن بوعيدة، رئيسا لجهة كلميم - واد نون.
وحصل حزب الاستقلال على رئاسة مجلسي جهتي الداخلة - وادي الذهب والعيون - الساقية الحمراء، بعد انتخاب كل من الخطاط إينجا رئيسا لجهة الداخلة - وادي الذهب وانتخاب حمدي ولد الرشيد، رئيسا لجهة العيون - الساقية الحمراء.
وظفر حزب الحركة الشعبية برئاسة مجلس جهة فاس-مكناس، بعد انتخاب امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، رئيسا لمجلس جهة فاس -مكناس، حيث حصل على 43 صوتا من أصل 69، فيما غاب حميد شباط عن جلسة الانتخاب، وحصل على 0 صوت.
ولأول مرة لم يحصل حزبا "الاتحاد الاشتراكي" والتقدم والاشتراكية" (يساري) على مقعد في الجهات، في ترجع واضح لتواجد الحزبين بين الناخبين الكبار.
ومني حزب الاتحاد الدستوري (يمين/ليبرالي) بالهزيمة وخرج خالي الوفاض بعدما كان يرأس جهة واحدة في السابق.