كتاب عربي 21

استراتيجيات أوباما للقضاء على الإرهاب تغرق مع إيلان.. وحقوق الإنسان في قاع البحر

راميا محجازي
1300x600
1300x600
بينما ينزلق الأطفال السوريون من بين يدي أهاليهم ليذوقوا ملوحة الموت غرقا، وفي حين يعيش العالم حدادا على الطفلين إيلان وغالب اللذين استشهدا غرقا قبالة السواحل التركية، يعيش صاحب البيت الأبيض رعب انزلاق البنتاغون والشعب الأميركي من بين يديه. 

فلم تعد من دبلوماسية تنفع في ستر عيوب النظام الأميركي الحالي، ولا نعتقد بأن إدارة أوباما تملك حلولا طارئة يمكن أن تلبي الأزمات التي تسببت بها استراتيجياتها الفاشلة وإدارته السيئة وخصوصا لملف الإرهاب في الشرق الأوسط والتي تنعكس سلبا على واقع الولايات المتحدة سواء من خلال السياسات الداخلية المتأزمة في البلاد، أو السياسيات الخارجية التي لم تعد لها ذلك الوقع السابق على قوى عربية وأوروبية كانت لإدارته السلطة على أهم الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية فيها.
 
بدأ من فضيحة اللعب بالتقارير التي تتعلق بملف تنظيم الدولة وتزويرها قبل تقديمها للسيد أوباما وترتيبها على طاولة البنتاغون والتي وحسب ما سرب، تعطي واقعا أكثر تفاؤلا عن تقدم سير عمليات التحالف ضد تنظيم الدولة في العراق والشام. 

فعلى الرغم من تكتم إدارة أوباما عن سير التحقيقات ونتائجها تسرب ما يدعو إلى التساؤل: ما دامت التقارير التي قدمت للسيد أوباما أعطته صورة أكثر تفاؤلا، وكان نتيجتها تصريحا أن تنظيم الدولة قد يحتاج إلى ثلاثين عاما قبل القضاء عليه نهائيا، وأن استراتيجياته والتي تم وضعها بناء على التقارير التي تدعو للتفاؤل اقتصرت على العمل على تحجيم قدرات تنظيم الدولة تمهيدا للقضاء عليه ! فهل يمكن بعد تصحيح التقارير أن ننتظر خطابا من السيد أوباما يدعو فيه لاستعمال الدبلوماسية الحذرة مع التنظيم، ودعوات للتفاوض مع البغدادي في مؤتمر دابق 1 ومن ثم 2 و3 !!!!!! 

فعليا؛ لم نعد نستغرب من السياسة الأميركية أي استراتيجيات قادمة، تلك السياسة الغارقة في التناقضات، والتي بات همها الشاغل مجموعات الذئاب المنفردة التي بدأ عويلها يهز أرجاء البيت الأبيض! 

في تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية يقول إن تكلفة المقاتلين السوريين الذين دربتهم أميركا لقتال تنظيم الدولة بلغ مليون دولار للمقاتل الواحد! 

حيث نشر التقرير الثلاثاء الماضي، وفيه صور للمقاتلين الأربعة والخمسين الذين دربتهم وسلحتهم أمريكا بالأسلحة المتطورة، وهم كما أشار التقرير أيضا "لا يوجد ما يكفي منهم حتى الآن لإقلاق الدولة الإسلامية"! 

التقرير تضمن مقابلة مع أحد المقاتلين ويدعى أبو إسكندر يروي فيه بتذمر واستياء كبير أن سبعة عشر ألف سوري يريدون الانضمام لبرنامج التدريب، وبأن التدريب بطيء جدا وأنهم بحاجة إلى تخفيضه من خمسة وأربعين يوما إلى ثلاثين فقط وأنهم يريدون زيادة أعداد المتدربين. 

وأما إدارة أوباما التي قدمت تعهدا بتدريب خمسة آلاف مقاتل سوري معتدل لمحاربة التنظيم كعادتها لم تستطع الالتزام، حتى بعد حصولها على التمويل اللازم للتدريبات. 

وبحسب مصادر من الجيش الحر والتي أفادت مسبقا بأن شروط القبول بالمتدربين ومعايير الاعتدال بحسب المفهوم الأميركي قد تبدو قريبة من التعجيز، فمن أصل خمسة آلاف تم تدريب ستين مقاتلا انسحب منهم ستة متدربين ليبقى الناتج النهائي أربعة وخمسين متدربا وهو رقم أكثر من مخيب بالنسبة للبنتاغون. 

أما عن سبب استبعاد أعداد كبيرة من المتقدمين الراغبين بالانضمام لبرنامج التدريب الأميركي فيعود حسب الحر إلى ارتباط أقارب لهم حتى الدرجة الرابعة بالقتال ضمن صفوف النصرة أو تنظيم الدولة. 

من ناحية أخرى أكثر من مئة وخمسين مقاتلا ممن تم قبولهم في البرنامج تم انسحابهم لعدة أسباب أولها وأهمها وجوب الإمضاء على تعهد بعدم مقاتلة نظام الأسد العدو الأول للشعب السوري تحت طائلة المسؤولية، ومن المعروف أن المقاتلين المدربين أميركيا سيكونون في خط مواجهة مباشر مع قوات الأسد أثناء محاربة تنظيم الدولة، والسبب الثاني يعود لما سيتسبب به اتّباع هذا البرنامج من شرخ وفقدان للثقة بينهم وإخوانهم في الجهاد، حين سيتم تحولهم من قوات مقاومة شعبية إلى ذراع أميركية مما قد يضطرهم للمواجهة مع إخوانهم في أحيانا كثيرة. والسبب الثالث رفض اقتراح تقديم دعم جوي لهؤلاء المقاتلين أو أخذ مطالبهم المتمثلة بزيادة أعدادهم وإمداداتهم بعين الاعتبار. 

بشيء من التفصيل نذكر بأن المليون دولار التي تم إنفاقها على المتدرب الواحد في برنامج التدريب الأميركي ركزت خلال خمسة وأربعين يوما فقط على العنصر الفردي، والتدريب على مهارات استعمال الأسلحة النوعية كالصواريخ مضادات الدروع والقناصات المتطورة والتي أغلبها متوفر لدى نظام الأسد تحديدا، ولم يسمح إلى يوم كتابتنا لهذا المقال للمعارضة السورية مهما بلغت من اعتدال امتلاكها!
  
في المقابل يحتفل تنظيم الدولة احتفالات عارمة بتخريج دفعة جديدة من المقاتلين وانضمامهم إلى صفوفه، معسكر" سيف البحر"، حيث صدر عن المكتب الإعلامي لولاية الفرات تقريرا مصورا بعنوان" سيف البحر تدريبات وتخرج دفعة جديدة " ويظهر التقرير أعدادا كبيرة من المقاتلين أشداء البنية، وهم يقومون بجزء من تدريباتهم في المعسكر، ومن ثم صورا لاحتفالاتهم وهم يسيرون أرتالا كبيرة في سياراتهم الأميركية الصنع! وبأيديهم الأسلحة الأميركية - الروسية ! 

ولا تعتبر هذه الدفعة الأولى منذ نشأته عام 2012 حيث شهدنا قبلا تخرج دفعات من معسكر الشيخ أبي إبراهيم في ولاية الأنبار، ومعسكر أبي عيسى في ولاية الجزيرة. 

الإدارة الأميركية اليوم خسرت مصداقيتها لدى الحكومات الأوروبية والعربية على السواء وما يخرج من البيت الأبيض اليوم من تصريحات وتطمينات حيال ملف الإرهاب لم يعد له من وقع على المستويين الداخلي والخارجي، وتحديدا بعد تفاقم خطر تنظيم الدولة، الذي بلغ دخله السنوي ما يقدر بثلاثة مليارات دولار ومساحة ما يسيطر عليه من حقول الغاز الطبيعي والبترول توفر له احتياطياً يتجاوز الألفي مليار دولار حسب تقرير مركز دراسات الجماعات الإرهابية الفرنسي. 
1
التعليقات (1)
منتظر أحمد القاسم
الإثنين، 07-09-2015 02:02 ص
لا يمكن أن يكون ما يخطط له في الدوائر الأستراتيجية للحركة الصهيونية مناقضاً لما في مراكز القرار في الدولة الأمريكية فهما وجهان لعملة واحدة ولذلك لا أتوقع أن تقاتل أمريكا تنظيم الدولة الإسلامية والنصرة وهما اليد الطولا لصناعة الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط الجديد !!