صحافة دولية

رحلة شاب ألماني من الكاثوليكية للسلفية ثم عودته للكاثوليكية

أتباع التيار السلفي ينشطون بشكل مكثف في جامعات ولاية شمال الراين - أرشيفية
أتباع التيار السلفي ينشطون بشكل مكثف في جامعات ولاية شمال الراين - أرشيفية
نشرت صحيفة دي فيلت الألمانية تقريرا عن رحلة شاب ألماني، من أتباع الكنيسة الكاثوليكية، للتعرف على مجموعة سلفية واعتناق الإسلام، ثم التراجع عن قراره والعودة إلى ديانته الأصلية؛ بسبب ما اعتبره تشددا داخل التيار السلفي.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أتباع التيار السلفي ينشطون بشكل مكثف في جامعات ولاية شمال الراين، في غربي ألمانيا، حيث تشهد أعدادهم تزايدا كبيرا، ويقومون باستقطاب أتباع الديانات الأخرى.

وهو ما حصل مع الشاب مايكل، الذي انضم إلى هذا التيار، قبل أن يقرر العودة من جديد للمذهب الكاثوليكي، بسبب مآخذه العديدة على الفكر السلفي.

وذكرت الصحيفة أنها قابلت مايكل في إحدى المدن الصغيرة الهادئة في ولاية شمال الراين، في مقهى يقع أمام كنيسة المدينة. وقد كان متوترا، حيث إن اللقاء معه تم ترتيبه بموافقة الأجهزة الأمنية وتحت مراقبتها.

وأضافت أن مايكل ليس اسمه الحقيقي، ولكنه اختار عدم الكشف عن هويته لقراء الصحيفة؛ لأنه يخشى على حياته. فهو يتجنب الظهور للعلن والتعبير عن رأيه، لأنه يخشى من المضايقات والتهديدات التي قد تصله من قبل أولئك الذين كانوا بالأمس أصدقاءه المقربين، وهم شباب التيار السلفي، الذين يتبنون تفسيرا متشددا للإسلام، مشابها لأفكار تنظيم الدولة وجبهة النصرة، بحسب رأيه.

وأشارت الصحيفة إلى أن أجهزة الشرطة في ألمانيا لا تعرف بالضبط عدد الشباب الذين انضموا لهذا التيار، ولكنها تعلم أنهم كثر. فجامعات ومعاهد البلاد لا تخضع لرقابة كبيرة، والطلبة يستطيعون اتباع الأفكار التي يريدونها بكل حرية.

ولكن الواضح هو أن عدد أتباع التيار السلفي ينمو بسرعة كبيرة، ففي ولاية شمال الراين فقط تقدر السلطات عددهم بأنه بين 500 و2100، ذهب منهم حوالي مئتان إلى سوريا والعراق للانضمام لتنظيم الدولة، وقد عاد إلى حد الآن 54 شابا من بينهم.

ونقلت الصحيفة عن مايكل قوله: "إنه عندما انتقل من المسيحية للإسلام قبل خمس سنوات، لم تكن مسألة التطرف والإرهاب مطروحة أصلا، فتنظيم الدولة لم يكن موجودا، ولا أحد كان يتحدث عن الذهاب لسوريا والعراق لحمل السلاح".

حينها كان مايكل قد بدأ للتو دراسته الجامعية في جامعة وستفاليا، وقد كانت بدايته في الجامعة مليئة بالانطباعات والأفكار الجديدة. وبعد أن كان يعاني من مشاكل اجتماعية في مدينته الصغيرة، بدت له الجامعة كمكان مناسب للقيام بمغامرة فكرية مثيرة.

ونقلت الصحيفة عن مايكل قوله: كنت محبا للاطلاع، فتعرفت على مجموعة من الشباب المسلم في مقهى الجامعة، بعضهم ألمان، وبعضهم من أصول تركية وعربية. فشعرت بالحماس؛ لأنني أتيحت لي الفرصة للتعرف على المسلمين بشكل مباشر، عوض سماع آراء الآخرين حولهم".

وقد تأثر مايكل منذ البداية بصور معاناة المسلمين بسبب السياسات الغربية، حيث يرى أن "الغرب قام باستعمار دول الشرق الأوسط، ثم عند انسحابه رسم فيها حدودا مصطنعة فرضها بالقوة، دون مراعاة لإرادة تلك الشعوب".

 "كما أن الولايات المتحدة وأوروبا لا يهتمون بشيء غير الاستحواذ على نفط الدول العربية، أما أرواح المسلمين فهي لا قيمة لها، لأن الرغبة في الحصول على النفط تبرر شن الحروب ودعم الأنظمة الدكتاتورية".

ويضيف مايكل أن أصدقاءه لم يؤمنوا بأن الحل لكل هذه المشاكل هو الديمقراطية، بل هو العودة إلى الفكر الديني القديم، الذي كان موجودا في العصر الأول للإسلام، وهو منهج السلف".

ويروي مايكل أنه تأثر كثيرا بتعاليم الإسلام، وبهذا العالم الجميل الذي دخله، حيث أحب صوت ترتيل السور القرآنية، والخط العربي على المصحف، ولم يستغرق أكثر من أسابيع قليلة ليعلن إسلامه وينطق الشهادتين.

وذكرت الصحيفة أن أنشطة التيار السلفي في ألمانيا تتركز على شبكة الإنترنت، وفي الطرقات، حيث يتم توزيع الكتب الدعوية في ممرات المترجلين، كما أن الداعية الشهير بيير فوغل يحظى بشعبية واسعة، وكذلك محاضراته المصورة.

كما نقلت الصحيفة عن باحث ألماني في الحركات الإسلامية تفنيده للفكرة الرائجة حول كون المنتمين للتيار السلفي كلهم من الطلبة الجدد، الذين سرعان ما يتأثرون ببعض الآيات القرآنية، حيث تشير الأبحاث إلى أن الأنشطة الدعوية للتيار السلفي في الجامعة تستقبل العديد من الطلبة، والمتخرجين أيضا.

كما أن الاجتماعات التي تنظمها شبكة "العودة للجذور"، التي كونها أبناء التيار السلفي في منطقة ولاية شمال الراين، تستقبل المئات من الطلبة و الدكاترة والمهندسين.

ولكن مخاوف مايكل بدأت مع حضوره دروسا في المسجد، بعنوان "كيف أتصرف عندما أتعرض للإيقاف والتفتيش"، تبين كيفية التعامل مع الشرطة الألمانية، تواجد فيها أيضا الناشط المتهم في قضايا متعلقة بالإرهاب، برنهارد فولك، الذي يساند اليوم تنظيم القاعدة بشكل علني عبر صفحته على "فيسبوك"، والذي عرف ببحثه عن السجناء المسلمين وربط العلاقات معهم لجذبهم للتيار السلفي.

وبعد ستة أشهر قضاها مايكل في هذا العالم السلفي، تبددت فكرته الإيجابية عن الإسلام، بسبب بعض من قابلهم، ممن يصفهم بالمتشددين. وهو اليوم يشارك في أنشطة معارضة للتيار السلفي، ويتعاون أيضا مع الأجهزة الأمنية لجمع المعلومات حول هذا التيار. 



تقرير: ستيفان لورين

صحيفة دي فيلت الألمانية

الرابط: https://www.welt.de/regionales/nrw/article145484250/Vom-Katholiken-zum-Salafisten-und-wieder-zurueck.html
التعليقات (1)
ابن محمد علي
الثلاثاء، 25-08-2015 08:35 ص
إنك لا تهدي من أحببت ، ولكن الله يهدي من يشاء صدق الله العظيم

خبر عاجل