مقابلات

يحيى مكتبي لـ"عربي21": النظام السوري له دور بتشويه الائتلاف

الأمين العام للائتلاف الوطني السوري د. محمد يحيى مكتبي
الأمين العام للائتلاف الوطني السوري د. محمد يحيى مكتبي
كثيرة هي أصابع الاتهام التي تطال الائتلاف الوطني السوري، وليس آخرها عدم تمثيله لشرائح الشعب السوري الثائر في الداخل.

وكثيرة أيضا المطبات التي تواجه عمل وأداء هذه المؤسسة التي تعتبر في صك ملكية الشعب الثائر، لا أعضاء الائتلاف أو الدول التي تسعى إلى إخضاعه لرؤيتها.

صحيفة "عربي21 " التقت الأمين العام للائتلاف الدكتور محمد يحيى مكتبي لتوضيح وجهة نظر الائتلاف حول الاتهامات والمستجدات التي تطال أروقة السياسة السورية، فكان ما يلي: 

هناك انتقادات كثيرة تطال الائتلاف حول آلية تعاطيه مع الثورة السورية فما تعليقكم عليها؟ من حيث المبدأ نحن نميز بين النقد الموضوعي البناء وهو مطلوب دوما ونعتبره سلوك حضاري، وبين التشهير وكيل الاتهامات بالمجان ودون دليل، والتجريح وتحطيم الرموز والمؤسسات والأفراد وهو مرفوض مطلقا، ونعتقد أن النظام وأعوانه قد أسهموا إسهاما كبيرا في ذلك حتى يضربوا الثقة عند شعبنا في كل شخص أو مؤسسة أو كيان يعمل للثورة. بالتأكيد لم يرتقِ مستوى أداء الائتلاف إلى مستوى تضحيات شعبنا وآلامهم وآمالهم، ولذلك أسباب عديدة منها داخلية وأخرى خارجية يضيق المقام عن ذكرها.

 لكن نؤكد على أن الائتلاف يعمل على تحسين طريقة تعاطيه مع الثورة وشعبنا ضمن الإمكانات المتاحة القليلة، ولعل أبرز محطة في هذا الصدد تواصله مع الكتائب العسكرية والجيش الحر من أجل التنسيق والتكامل بين العمل السياسي والعسكري، الذي هو حجر الزواية في انتصار الثورة كما نعتقد؛ وقد قطعنا شوطا لا بأس به في هذا الإطار ونحن بحاجة إلى المزيد من اللقاءات والجلسات للخروج بنتائج إيجابية تكون محل رضى وقبول لدى شعبنا الأبي.

أجسام جديدة تخرج هنا وهناك تطرح كبديل عن الائتلاف، كيف تتعاطون معها؟

الائتلاف مؤسسة وطنية ثورية ملك للشعب السوري تضم 32 حزبا و كيانا معارضا و ثوريا و ممثلين عن المجالس المحلية والحراك العسكري، تمثل أطياف مكونات الشعب السوري كافة؛ و لديه عناصر قوة منها اعتراف دولي من 114 دولة و 12 سفارة و مكتب تمثيل خارجي حول العالم وذراع تنفيذي هو الحكومة المؤقتة وهيئة أركان، وأعتقد أن من مصلحة الثورة و شعبنا المحافظة على المؤسسات، وإن كان هنالك أخطاء فيجب أن تصحح، وإن كانت المشكلة في الأشخاص المنتمين إلى هذه المؤسسات فلنوجد آليات ضغط شعبية لاستبدالهم بمن هو أكثر أهلية و كفاءة، أما أن نهدم مؤسسات قائمة لنبني أخرى ولا ندري إن كانت المؤسسات الجديدة ستكرر الأخطاء نفسها وندخل في حلقة مفرغة، فنعتقد أن هذا الأمر في غير مصلحة الثورة وشعبنا، ويلحق بهما ضررا كبيرا، حقيقة الأمر نحن بحاجة إلى مؤسسات فاعلة قوية مستقرة، وفي كل المجالات السياسية والعسكرية والخدمية والتنفيذية ....إلخ.

قمتم بتجميد المجلس العسكري وطالبتم بإعادة هيكلته فتم ذلك بمعزل عنكم كيف ترون الموضوع وما هي أهدافه؟

صحيح، تم تجميد مجلس القيادة العسكرية العليا بقرار من الهيئة العامة للائتلاف، التي شكلت في الوقت نفسه لجنة تضم تسعة أعضاء من غالبية الكتل المشكلة للائتلاف؛ مهمتها التواصل والتنسيق مع تشكيلات الفصائل العسكرية كافة، والجيش الحر بطبيعة الحال عدا داعش والنصرة، لتمهيد الطريق لتشكيل مجلس قيادة عسكرية عليا يعمل تحت مظلة الائتلاف السياسية، وينسق معه ويعبر عن كل السوريين والمناطق في سوريا، واللجنة المشار إليها ما زالت تتابع عملها وستنجز مهمتها في وقت قريب. أما ما تم الإعلان عنه من إعادة هيكلة للمجلس المجمد فليس لنا صلة به على الإطلاق ويسأل عنه أصحابه.

الفساد سواء المالي أو الإداري الذي يكتنف مؤسسات الائتلاف لا سيما المكتب الإعلامي ما خطتكم لإصلاحها؟

الفساد بشقيه المالي و الإداري أحد أمراض العصر، وهو لا يشمل بلد بعينه أو مؤسسة بعينها ويتباين في مستوياته حتى في البلدان و المؤسسات التي لديها رقابة مالية صارمة ، والفساد لم يطل فقط مؤسسات الائتلاف بل أغلب المؤسسات التي عملت للثورة في الداخل و الخارج، ولكن الصورة التي يحاول البعض رسمها عن مؤسسات الائتلاف بأنها بؤرة للفساد غير صحيحة؛ نحن قطعنا شوطا مهما في ضبط النفقات، ووضعنا سلما للرواتب، ونحتاج إلى نظام رقابي صارم و معايير دقيقة وضوابط واضحة من أجل التقليل من هذه الظاهرة الخطيرة إلى أدنى درجاتها، وهذا ما نعمل عليه من خلال إقرار نظام مالي و جلب شركات تدقيق مالي دولية موثوقة للاطلاع على سجلاتنا و إصدار تقرير عن ذلك. 

 وفي سبيل إصلاح أداء المكتب الإعلامي شُكلت لجنة من أربعة أعضاء من الائتلاف ممن لديهم خبرات إعلامية متميزة ؛ لمتابعة عمل المكتب ورفع مستوى أدائه وتصويب أخطائه ، بشكل عام سيبقى الفساد يصاحبنا خلال المراحل القادمة، ويحاول أن يتغلغل داخل حياتنا ومؤسساتنا، ولابد أن نقف في مواجهته يدا واحدة وبكل السبل.

ما هي أهم المعوقات التي تقف في وجه أداء الائتلاف؟

أهم المعوقات التي تقف في وجه أداء أفضل للائتلاف، تتمثل في حالة الاستقطاب داخل الائتلاف الذي هو انعكاس للحالة الإقليمية واستنفاذ إمكانات أعضاء الائتلاف و خبراتهم في الخلافات الداخلية، وعدم استثمارها في العمل السياسي، كذلك ضعف الموارد و العمل المؤسساتي وعدم وجود خطة استراتيجية للتعامل مع المشهد السوري وتطوراته ، و الوضع الإقليمي والدولي متضارب المصالح وعدم وجود مؤسسات رافدة لعمل الائتلاف مثل مركز للدراسات و الأبحاث يزود صناع القرار في الائتلاف بمعلومات وتحليلات عن المشهد السوري، يستطيع من خلالها صناع القرار اتخاذ القرارات الأقرب للصواب ... في هذه المرحلة هنالك رغبة حقيقية عند غالبية أعضاء الائتلاف لتجاوز هذه المعوقات، ونعمل بجدية على تحقيق ذلك خلال الفترة المقبلة.

الناس تطالب الائتلاف بإصلاح الوضع الخدمي والإنساني في الداخل، ما ردكم؟

للأسف نقولها بكل وضوح وصراحة ، لقد تعامل أصدقاء الشعب السوري مع الائتلاف و مؤسساته والشعب السوري عموما في مسألة الدعم خلال المراحل الماضية على طريقة (لا تموت ولا تحيا)، وكأننا دائما في (غرفة العناية المشددة) ويأتي الدعم بالقطارة ؛ هذه الطريقة جعلت الائتلاف والمؤسسات التابعة له، تقصر في عملها لتقديم الخدمات والمساعدات للداخل السوري، الذي تقول كل التقارير الدولية بأنه أكبر كارثة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية.

 في المقابل نجد دعما كبيرا و غير محدود ومستمر من إيران وروسيا لنظام الإجرام في دمشق، وعلى المستويات كافة؛ السياسية و العسكرية و الاقتصادية إلخ، تجعله يُظهر نفسه كيانا متماسكا، ويعمل كدولة وهو في حقيقة الأمر لا يعدو أن يكون ميليشيا من الميليشيات الموجودة في سوريا، و مجرم الحرب بشار الأسد هو قائد تلك الميليشيا. نتمنى من أشقائنا وأصدقائنا تقديم الدعم اللازم للائتلاف ومؤسساته؛ ليتمكنوا من خدمة شعبنا المنكوب وتقديم كل ما يحتاجه، وخاصة في الملفين التعليمي والصحي.

محاولات الانفصال الكردية لا سيما من وحدات حماية الشعب ما موقفكم منها؟

وحدات حماية الشعب هي جهة راديكالية متطرفة لها مشروع خاص وتمارس اضطهادها وقمعها ضد العرب والكرد والآشوريين وغيرهم ؛ تتألف من خليط من هذه المكونات ولها تواصل مع نظام الإجرام في دمشق...في المقابل هنالك المجلس الوطني الكردي شركاؤنا في الائتلاف وفي المشروع الوطني، ونتشارك معهم في دعمنا لثورة الشعب السوري ورفض كل أشكال التطرف و الإرهاب، والحرص على سوريا وحدة موحدة والعمل معا لبناء دولة ديمقراطية تعددية، يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات، وتحترم فيها حرية الرأي تحت مظلة سيادة القانون ... نحن نعتقد أن محاولات الانفصال وتقسيم سوريا ستبوء بالفشل، ولو أن وحدات حماية الشعب غيرت خياراتها من خلال التخلي عن ارتباطاتهم بنظام الأسد و الانحياز إلى خيارات الشعب السوري ووحدة أراضيه، فسيكون ذلك موضع ترحيب منا.

مؤتمر القاهرة وتعاطي مصر مع الملف السوري كيف تقيموها؟

نحن مع أي جهد يُقارب بين أطراف المعارضة شرط أن يحافظ على الحد الأدنى من تطلعات الشعب السوري في نيل حريته وكرامته والانطلاق نحو بناء سوريا المستقبل، دون وجود لبشار الأسد ونظامه الأمني الإجرامي. ورغم الهواجس والمخاوف التي صاحبت مؤتمر القاهرة إلا أننا نحن ننظر بإيجابية إلى مخرجات المؤتمر، ونحن نقدر مكانة مصر ودورها الريادي في العالم العربي والمحيط الإقليمي، ونعتقد أن مصر لن تقبل بأقل من تحقيق تطلعات الشعب السوري والتخلص من نظام الإجرام في دمشق، والإرهاب المتمثل بداعش وبقية المنظمات الإرهابية.

هل تتوقعون تغيرات جذرية بالتعاطي الدولي مع الملف السوري بعد الاتفاق الأوربي الأمريكي الإيراني الأخير حول الملف السوري؟

نتمنى أن يكون الاتفاق النووي بين الغرب و إيران بوابة لحفظ الأمن و السلام في المنطقة و العالم، ويوقف التدخل السافر لإيران في دول المنطقة كما يحدث في سوريا و العراق و لبنان واليمن و البحرين، ودعم إيران للميليشيات الطائفية في تلك البلدان التي تشارك في إحداث عمليات قتل وقلاقل وإضرابات على أسس طائفية، لذلك نحن لدينا مخاوف و توجس مما يلي الاتفاق النووي، و أن يكون على حساب شعوب المنطقة ومنها الشعب السوري، وأن تستخدم إيران الأموال التي سيفرج عنها من البنوك الغربية لمزيد من الدعم لنظام الإجرام في دمشق المتهالك ، ليتابع حرب الإبادة التي يقودها ضد الشعب السوري .

دي مستورا وطروحاته في الملف السوري هل تحوي جديدا وكيف يمكنكم دفعها للتغير؟

نحن نقدر جهود الأمم المتحدة والسيد دي مستورا في السعي لإيجاد آلية لدفع العملية السياسية في سوريا نحو الأمام، ولكن تلك الجهود تصطدم بعدم وجود توافق و إرادة دوليين لوقف حمام الدم السوري من جهة، و من جهة أخرى بالفيتو الروسي و التعنت الإيراني اللذَين يسمحان بغطرسة نظام الإجرام في دمشق، وخاصة بعد الاتفاق النووي الإيراني الذي بدا واضحا من خلال خطاب بشار الأسد الأخير، الذي نسف من خلاله كل العملية السياسية من خلال عدم قبوله الجلوس على طاولة المفاوضات، و البدء بالمرحلة الانتقالية بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي دون وجود لبشار الأسد وزمرته كما نص على ذلك بيان جنيف 1 وجميع القرارات الدولية ذات الشأن. نحن على تواصل مستمر مع السيد دي مستورا، ونتبادل معه وجهات النظر وننتظر ما سيسفر عنه تقديم السيد دي مستورا لتقريره النهائي عن المشاورات الثنائية التي أجراها طوال الفترة الماضية إلى السيد الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن.

مؤتمر الخليج القادم ما دوركم فيه؟

نحن رحبنا بالدعوة الكريمة إلى المؤتمر بعد مؤتمر القمة الخليجي الأخير، وبالتأكيد سيكون للائتلاف دور محوري ورئيسي في حال انعقاد المؤتمر، الذي يهدف إلى تجميع جهود المعارضة بكل أطيافها على مبادئ أساسية وقواسم مشتركة والاستعداد لمرحلة ما بعد الأسد.

الائتلاف والثورة السورية إلى أين وهل هناك وعود جديدة تلوح بالأفق؟

الائتلاف والثورة السورية ماضيان في طريقهما نحو التخلص من الاستبداد والقهر والظلم والتطرف والإرهاب رغم كل المعوقات؛ ولن يقبل الشعب السوري بعد كل هذا الثمن الباهظ الذي دفعه والتضحيات الجسام التي بذلها إلا باسترداد حريته وكرامته وإزالة بشار الأسد ونظامه الإجرامي، الوعود كثيرة، ولكن المشكلة كما قلنا آنفا بأنه لم تتوافر إرادة وتوافق دوليان يسمحان بوقف حمام الدم السوري، ومازال المجتمع الدولي يدير الأزمة في سوريا ولا يبادر إلى إنهائها
التعليقات (0)