بعد مرور عشرين عاما عليها طفت على السطح هذه الأيام قائمة أرشيفية من مكتب أرشيف الاستخبارات القومي التركي، تم الحصول على هذه القائمة خلال التحقيقات الخاصة بالجرائم مجهولة الفاعل التي كانت منتشرة قبل عشرين عاما، استطاع صحفي بصحيفة "ميليت" الحصول على نسخة من هذه القائمة ونشرتها الصحيفة الأسبوع الماضي تحت عنوان "قائمة رجال الأعمال الأكراد مجهولي الفاعل في اغتيالهم".
وتوضّح الصحيفة أن هذه القائمة تم تجهيزها من قبل مستوى رفيع في الحكومة التركية في ذلك العهد، وحسب خبر الصحيفة، فإن هذه القائمة تُعتبر وثيقة رسمية توجد بأرشيف جهاز الاستخبارات التركي. وفي حقيقة الأمر هذه الحقيقة التي بدأت بالطفو على السطح ليست بالأمر الجديد، وذلك لأنه قبل حوالي عام اعترف أحد قادة جهاز الاستخبارات، في فترة التسعينيات، "محمد أيمور" بأن هناك عمليات اغتيال منظمة كانت تُنفّذ ضد رجال الأعمال الأكراد وبعض الإسلاميين، وكانت تُنسب هذه العمليات إلى مجهول".
وبعد انتشار عملية الاغتيالات في فترة التسعينيات وجِه سؤال بهذا الخصوص إلى رئيس الدولة في ذلك العهد سليمان داميرال، وردّ الأخير بأنه "لا يستطيع أحد القول بأن الدولة تغتال بعض المواطنين"، وأنكر داميرال دور الدولة في هذه العمليات، ولكن خلال لقائي بوزير الأشغال العامة في ذلك العهد "ضياء خالص" أكد لي بأن جميع المستويات في تركيا كانت على دراية كاملة بهذه القائمة، وغيرها من قوائم الاغتيالات.
وصرّح لي خالص بخصوص هذا الموضوع بأن اسمه هو الآخر كان على هذه القائمة، وعندما علم بذلك قدم دعوة في المحكمة الإدارية ضد الاستخبارات، ووفّرت المحكمة له الحصانة والحماية الشديدة في ذلك الوقت، ويضيف خالص بهذا الخصوص بأن "هناك عدة أسماء كانت موزّعة على عدة قوائم للاغتيال والقتل، الكثير منهم بريئون، حتى اسمي كان على هذه القائمة مكافأة لي على بعض إجراءاتي التقدمية والتطويرية خلال منصبي وزيرا للأشغال العامة في الحكومة!،
يبدو بأن هذه الإجراءات التطويرية أزعجت البعض. ومازال يحضر خالص بعض جلسات المحكمة الخاصة بهذا الموضوع شاهد عيان على هذه القوائم.
وفي النهاية اعترف جهاز المخابرات التركي، في الفترة الأخيرة، بأنه بالفعل، هناك قوائم تحتوي على بعض الأسماء للتصفية والاغتيال، بعض هذه الأسماء تمّت تصفيتها والبعض الآخر لم يتم اغتياله لتواجده خارج تركيا، وتبيّن المخابرات التركية بأن هناك قائمة تحتوي على 106 رجل أعمال كردي كان يُعتقد بأنهم يقدّمون الدعم لحزب العمال الكردستاني الإرهابي "البي كا كا".
ومن الأمثلة على رجال الأعمال الذين تم اغتيالهم حسب اعترافات أحد قادة المخابرات التركية، في ذلك العهد، "محمد أغار"، هو رجل الأعمال الكردي "ساواش بولدان" الذي تم اختطافه من أحد مداخل الفنادق في إسطنبول وتم قتله وتصفيته بوحشية حادة من قبل رجل المخابرات طارق أوميت.
تاريخ دولتنا القريب للأسف مليء بالكثير من الآلام والأخطاء الخاصة بالمشكلة الكردية، نتحدث عن تاريخ رجّحت فيه دولتنا الظلم والضيم على الحرية والديمقراطية ضد المواطنين الأكراد، الأوجاع والآلام الخاصة بالمواطنين الأكراد موثّقة ومحفوظة داخل أرشيف الدولة، من يريد أن يرى كيف تعاملت الأحزاب الأخرى مع المواطنين الأكراد عليه أن يبحث عن وثيقة "العار" المتمثلة بقائمة الموت والتصفية الخاصة برجال الأعمال الأكراد، لهذا تُعَد عملية المصالحة الوطنية من أهم العمليات التي أرجعت بعض الحقوق المسلوبة للمواطنين الأكراد.