أمضى المسلمون في
السويد شهر صوم قاسيا، إذ إنه تعين عليهم أن يمسكوا عن الطعام والشراب 20 ساعة في اليوم. ورغم ذلك فقد بدت على وجوهم ملامح السكينة أكثر من ملامح الجوع والعطش.
بعد يوم صوم طويل، عند العاشرة مساء، تهم شمس
ستوكهولم بالغروب، فيجتمع عدد من
المسلمين في مسجد المدينة، استعدادا لصلاة المغرب والإفطار، ملقين على بعضهم البعض تحيات مختصرة.
ويقول إمام المسجد اعتصام ثانوي، مع ابتسامة دمثة: "المسلمون الأكثر إيمانا هم الذين يكونون الأكثر استرخاء" في هذا الشهر.
وحل
شهر رمضان لهذا العام في وقت الانقلاب الصيفي، حين يصبح الليل قصيرا جدا في المناطق القطبية، وتكتسي السماء في الليل لونا أزرق يوحي بأن الفجر يوشك أن يحل بعيد الغروب.
ويرى طلحة محمد، وهو مهندس من باكستان مقيم في السويد منذ نحو عشر سنوات، أن الصوم في ستوكهولم ليس أشد من الصوم في مناطق أخرى من العالم.
ويقول هذا المهندس البالغ من العمر 35 عاما: "إن أردتم الصوم في الظروف الحالية فاليوم طويل جدا، هذا صحيح، لكن في المقابل فإن الطقس لطيف بخلاف ما هو عليه في دول الشرق الأوسط وآسيا، حيث قد تصل درجات الحرارة إلى 40 درجة أو 45".
ويضيف: "هناك من يعملون أيضا في الخارج في درجات الحرارة تلك.. العيش في السويد أمر مريح".
ويعيش في السويد 525 ألف مسلم، أي ما يشكل 5.5% من السكان، بحسب مركز بيو الأمريكي للإحصاء.
ويروي طلحة أن الصوم في الأيام الثلاثة الأولى من شهر رمضان يصيب المرء بالتعب والنعاس، لكن النشاط والطاقة يعودان ويصبح المرء أكثر إنتاجا ما إن يعتاد الجسم على الصوم.
ورغم أن ساعات العمل في السويد لا تخفض في شهر رمضان، ورغم أن ساعات الصوم الطويلة، فإن طلحة يؤكد أنه يقوم بنشاطه وعمله كالمعتاد.
ويقول: "أنا أعمل وأمارس الرياضة، وأذهب إلى المسجد، وأمارس مختلف أنواع النشاطات الاجتماعية والدينية.. ولدي أصدقاء كثيرون مثلي، لكن بالتأكيد هناك آخرون يعانون من نقص النوم".
في المسجد، يفطر الحاضرون على بضع تمرات وبعض الماء، ثم يقيمون صلاة المغرب ويعودون بعدها إلى متابعة طعام الإفطار.
ويقدم المسجد وجبة الإفطار مجانا، تعدها عائلة الشيخ اعتصام، لكن العادات تقضي بأن يحضر رواد المسجد ومعهم بعض الطعام أو المال لشرائه.
ويقول: "لا ينقصنا الطعام بتاتا، بل أحيانا يكون لدينا الكثير".
وقبيل بدء شهر رمضان، أصدر المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث إرشاداته للمسلمين الصائمين في بلدان ذات نهارات طويلة.
وقال متحدث باسم المجلس: "بما أن الشمس لا تغرب بشكل كامل، ولا يوجد فجر واضح للعيان، فإن ذلك يؤدي إلى مشكلة في تحديد موعد صلاة الفجر".
وحدد المجلس مواقيت جديدة لساعات الصلاة ولوقت الإفطار ووقت السحور.
لكن هذه المواقيت لا تحظى بموافقة الكل، بل تثير نقاشا بين المسلمين في العاصمة السويدية. ويبدو أن الشيخ اعتصام لا يلقي لها بالا. ويقول: "بضع دقائق لن تؤثر، لا أحد هنا غير المواقيت، نحن نتبع القرآن وليس الفتاوى، ونحن أقوياء ونفضل ألا نخاطر بصومنا".