قال معهد "ستراتفور" الأمريكي إن تركيا أصبحت أكثر قدرة على لعب دور أكبر في العمق السوري، وإنها تجري في هذا الشأن مباحثات مع أمريكا بواسطة المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة.
واعتبر موقع "ستراتفور"، وهو مركز دراسات إستراتيجي وأمني أميركي، يعد أحد أهم المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، نشر الخميس، أن خطط تركيا أصبحت في المستقبل بشأن جارتها سوريا أكثر وضوحا، بعد أسابيع من التكهنات حول تورط أنقرة في الحرب الأهلية التي تجري على قدم وساق على طول حدودها الجنوبية.
وأضاف الموقع الاستخباري لقد بدأت الثلاثاء، المحادثات بين الولايات المتحدة وتركيا شارك فيها الجنرال "جون ألان" -المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة- ومجموعة كبيرة من الولايات المتحدة والمسؤولين العسكريين والاستخبارات التركية.
وتابع "ستراتفور"، لقد "كافحت الدولتان لوضع استراتيجية مشتركة للاستجابة إلى الصراع السوري ووجود الجهاديين الذين يتزايد تأثيرهم ونفوذهم من حين لآخر؛ ولعل أفضل مثال على ذلك هو تمدد تنظيم الدولة.
وسجل التقرير خلال اجتماع الثلاثاء الماضي، أن هناك تقدم تركي أمريكي بشأن عدة نقاط رئيسية، بما في ذلك استخدام الولايات المتحدة لقاعدة (أنجرليك) الجوية التركية في أضنة منصة لانطلاق الهجمات الجوية للتحالف في سوريا، بالإضافة إلى مناقشات حول دور تركيا في محاربة تنظيم الدولة.
وشدد الموقع، على أن "الأهم هو تناول المحادثات لخطة أنقرة إقامة (منطقة آمنة) داخل الأراضي السورية لدعم وحماية الجماعات المتمردة التي تقاتل ليس جهاديين فقط، ولكن أيضا القوات الحكومية السورية".
واعتبر أن "المحادثات من أقوى الإشارات حتى الآن على أن أنقرة قد تكون على استعداد تام لأخذ دور إقليمي أكبر في سوريا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، وأيضا تتعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة للتصدي لتهديدات متشددين على شاكلة الدولة".
واعتبر أن "تحركات القوات تشير إلى أن تركيا جادة على الأقل في السيطرة على حدودها مع سوريا، وتعطيل خطوط إمداد الدولة، والحفاظ على الخيار للانتقال إلى سوريا إذا لزم الأمر".
وأكد الموقع، أحبطت الرؤى والمصالح المتنافسة في سوريا (والصراع المتداخل في العراق) محاولات التعاون السابقة بين واشنطن وأنقرة، كما أنها وضعت أيضا إسفينا بين الجماعات التي تدعمها تركيا والتي تدعمها دول عربية مثل المملكة العربية
السعودية.
وأوضح أن تركيا تكافح أيضا مع الجماعات الكردية السورية التي منحها النزاع السوري الجرأة، وتحظى هذه الجماعات بدعم قوي من الولايات المتحدة، وبمستوى دعم أقل من الدول العربية السنية التي تسعى للحد من البصمة الإقليمية لتركيا.
وزاد في الوقت الذي تقترب فيه الولايات المتحدة وايران من التوصل إلى اتفاق بعد أكثر من 18 شهرا من المفاوضات النووية، فإن تركيا والحلفاء العرب السنة السابقين لها وجدوا أرضية مشتركة في العمل على تقويض مجال نفوذ إيران، وخصوصا في سوريا. وأدى التقارب بين الرياض والدوحة إلى قتال وتناحر أقل بين الجماعات المتمردة في الشمال، والتي تقاتل كلا من تنظيم الدولة وقوات الأسد.
وقد أدى ترتيب أولويات المملكة العربية السعودية بمحاربة إيران على الجماعات الإسلامية المعتدلة أيضا إلى تقليل الاحتكاك بين الرياض وأنقرة.
وأفاد أن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة هو حرب تنظيم الدولة لا سيما أنها لا تريد أن تضر بالعلاقة المتنامية مع إيران أو تفكك كليا مؤسسات الدولة السورية.
وسجل ستراتفور أن المكاسب المحدودة في هذا الصراع -على الأرجح- تجبر واشنطن على إعادة النظر في المقترحات التركية التي كانت قد عارضتها في السابق، مثل إقامة منطقة آمنة، طالما تركز تلك المنطقة الآمنة على الحد من قدرات داعش وإضعافها، ولا تتعدى على الأكراد أو تفتح الطريق لفوضى انهيار الحكومة، كما رأينا في ليبيا.
وأوضح التقرير أن أداء المتمردين المدعومين من تركيا والأردن والسعودية وقطر أفضل بكثير في الأشهر الأخيرة من خلال المقارنة، وعلى واشنطن أن تعمل الآن بشكل وثيق مع اللاعبين الإقليميين، على الرغم من الاختلافات في المتوسط بالنسبة للاستراتيجيات طويلة الأجل لسوريا والشرق الأوسط الكبير
وسجل أن النتائج من المرجح أن تتكشف ببطء على مدى الأشهر المقبلة، فلن تتخلى أنقرة عن الحذر الذي حدد صنع القرار، كما يتضح من التسريبات من طلب تركيا دعم الولايات المتحدة لأي منطقة آمنة أو غيرها من التدخل العسكري التركي على نطاق واسع على الأراضي السورية.
وأوضح أن تركيا ليست مستعدة لتحمل المسؤولية وحدها، وخاصة عندما تكون بالفعل في منتصف عملية تشكيل الحكومة الصعبة. وعلاوة على ذلك، فإن العمل العسكري التركي في سوريا لا يحظى بشعبية كبيرة بين الناخبين الأتراك.
وعلى الرغم من أن أنقرة والرياض تمدان يد العون للمتمردين في المدى القصير ومتحدتان في هدف مشترك هو الإطاحة بالأسد، إلا أنه لديهما تضارب في رؤى المستقبل حول دمشق.
كما أن واشنطن لديها استراتيجية لتحقيق توازن بين ما يخص سوريا ومفاوضاتها مع إيران، وتناضل الولايات المتحدة من أجل تسهيل دور إقليمي أكبر لتركيا، وعدم تخييب آمال الدول العربية السنية التي رفضت بالفعل فرضية التقارب بين الولايات المتحدة وإيران.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، يبدو -على الأقل- أن تركيا تعيد النظر بجدية في دورها في ميزان القوة الناشئ في الشرق الأوسط، مع وجود علامات تشير إلى مزيد من العمل.