انشق شيرو عن جيش النظام بعد أن أصيب في إحدى المعارك بالقرب من مدينة القصير في ريف حمص، وعلى الرغم من أنه ابن مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، التي تقطنها غالبية من
الأكراد، أصحاب الثأر القديم مع نظام الأسد الأب ومن ثم الابن، إلا أنه سلم نفسه للنظام من أجل أداء الخدمة الإلزامية بعد ضغوطات عديدة، حسب قوله.
يحكي شيرو قصته لــ"
عربي21"، ويقول: "أردت الزواج من خطيبتي التي أحبها وتحبني، إلا أن والدها رفض تزويجي قبل أن أنهي الخدمة الإلزامية، خوفا منه على مستقبل ابنته، كما أخبرني مرارا وتكرارا. فكوننا نقيم في مدينة حلب يعتبر والد خطيبتي أنني معرض للاعتقال من قبل قوات النظام في أية لحظة، وستكون الأمور سيئة لو حدث ذلك وأنا زوج لابنته، لهذا اشترط أداء
الخدمة العسكرية كشرط رئيسي للزواج".
ويضيف: "وافقت على ذلك بعد أن عرفت ألا حل سواه، وسلمت نفسي في ثكنة هنانو في حلب قبل أن يقوم الثوار بعملية تفجير ضمنها بأيام، وتم فرزي إلى قطعة عسكرية مقاتلة، وإخضاعي لدورة سائق دبابة حتى أصبحت سائقا بارعا في وقت قصير. وبقيت ضمن قطعتي العسكرية رغم الأوضاع المشتعلة في كل البلاد لعدة شهور، وكنت مرتاحا بذلك، كما كان الأهل والأقارب سعداء ببعدي عن المعركة".
وحسب شيرو، لم تطل إقامته الهانئة تلك في معسكرات قوات النظام، حيث وصله ورفاقه أمر بالتحرك إلى مدينة القصير في ريف حمص لمواجهة "المجموعات المسلحة" هناك، ووصل المنطقة كما وردت الأوامر، وشارك ورفقاؤه في المعركة التي وصفها بـ"العنيفة والمرعبة جدا".
يحدثنا شيرو الكردي عن بعض فصول المعركة، ويقول: "بعد ثلاثة أيام من المعارك كدنا نموت من العطش والجوع، فقد نفد ما نملكه من قوت وماء، ولم تصلنا أية إمدادات تتعلق بذلك". ويضيف: "يتوفر الماء وحتى الطعام في المنطقة لا سيما أنها منطقة مأهولة بالسكان، أو كانت مأهولة، لكن لمجرد أن تخرج من دبابتك فأنت في مرمى قناصي
الجيش الحر والكتائب الإسلامية المقاتلة هناك، ولن تسير أكثر من دقيقة قبل أن تلقى حتفك".
ويكمل: "مشينا بالدبابة وتحصنا خلف بناء ضخم وخرجنا منها، بحثا عن شيء نأكله أو نشربه. ولم أمش بعيدا عن دبابتي سوى أمتار قليلة حتى شعرت بقيام الساعة قربي. إذ أطلق مقاتلو الجيش الحر صاروخا مضادا للدروع على دبابتي، وشاهدت من حولي باقي العناصر صرعى، منهم مقطعو الأوصال، ومنهم من أصبح دون رأس، ومن ثم فقدت الوعي".
ويشرح شيرو الكردي لـ"
عربي21" كيف استطاع الفرار من الخدمة العسكرية الإلزامية، وذلك عندما استيقظ ليجد نفسه في أحد المشافي العسكرية، حيث تلقى العلاج من الجروح والحروق التي أصيب بها، وكل ذلك دون علم أهله أو خطيبته ووالدها. وبدأ بمحاولات متعددة للحصول على نقاهة أو إجازة، إلا أن تلك المحاولات لم تنجح، إلا بعد أن دفع مبلغا ماليا ضخما كرشوة للضابط الطبيب المشرف على علاجه، ليمنحه إجازة لمدة عشرة أيام، وتوجه بعدها إلى حلب والتقي بذويه.
يقول شيرو لـ "
عربي21": "على الفور أخبرت خطيبتي وأباها أنني لن أعود مهما حدث، فكان اقتراحهم أن نذهب جميعا إلى عفرين". ويتابع موضحا: "كانت رحلة شاقة طويلة متعبة، بل ومرعبة، إذ كنت أحمل إجازتي وأريها لعناصر حواجز النظام، ورغم حملي لورقة الإجازة، كنت أعاني طويلا حتى يسمحوا لي بالمرور. أما فصائل الجيش الحر فكانوا يسمحون لنا بالمرور سريعا عبر حواجزهم، على اعتبار أننا نازحون أكراد متجهون إلى عفرين، وكوننا نصطحب معنا نساء لم نتلق أية مضايقات منهم".
لم تنته معاناة شيرو الكردي بوصوله إلى عفرين، إذ بدأت قوات الحماية الشعبية تطالبه بالتطوع في صفوفها، وعندما رفض مارسوا ضده وضد أسرته شتى أساليب المضايقات، التي وصلت إلى حد أنهم أعطوا أوامر للمتاجر ألا تبيع تلك العائلة حتى المواد الغذائية.
يقول شيرو: "حتى في عفرين كدنا نموت من الجوع، فكلما أدخل إلى سمان (بقالة) لأشتري شيئا يقول لي: "ما عندي"، رغم أنني أرى ما أطلبه أمامي".
يعبر الشاب الكردي شيرو الحدود مع خطيبته التي أصبحت زوجته، وتوجه إلى تركيا حيث بدأ بالعمل هناك بعيدا عن قوات النظام، وبعيدا عن قوات الحماية الكردية، وبالقرب من الفتاة التي أحبها، وأنجب منها طفلا. ولا يحلم هذا الشاب الآن إلا بحياة مستقرة بعيدة عن الوجع السوري كله.