أثار نشر وثائق رسمية خاصة بالمملكة العربية السعودية عبر موقع التسريبات الأشهر في العالم (ويكيليكس) حالة من الصخب الإعلامي والسياسي خاصة تلك الوثائق والمراسلات التي تخص الحالة المصرية والعلاقات الخليجية – الخليجية وغيرها من القضايا المثيرة للجدل.
تناول قضية تسريبات ويكليكيس لا يجب أن يغفل عيوننا عن مناقشة مشروعية التسريبات من عدمه حيث إنها عملية تعتمد على التجسس وسرقة البيانات وتوظيفها للنيل من شخص ما أو جهة ما أو بلد ما، وفي النهاية يمتلك من يقوم بالتسريب إمكانية العبث بما لديه من معلومات وتلفيق البعض الآخر ودمج بعض الصحيح بكثير من المزيف، لذلك فالتعامل مع هذه الأمور ينبغي أن يكون قائما على الحذر والتمهل وعدم الجزم بصحتها وعدم التعجل في نفي محتواها أو تبريره.
لكن على أي حال هناك عدة ملاحظات حول قضية ويكليكس السعودية التي صارت حديث الساعة خلال الأيام الماضية، أولا: حجم الانتقائية والازدواجية التى تعامل بها بعضهم مع الموضوع فكل طرف لم ير ما يتناول اتجاهه بل ركزعلى ما يشين الآخرين وينتقص منهم من خلال نظرة متناقضة تهلل هنا وتغض الطرف هناك رغم أن المنبع الذى خرجت منه الوثائق واحد لكن الهوى السياسي أعمى البعض وجعلهم يسيرون في اتجاه أحادي النظرة لا يريد أن يرى إلا ما يوافق هواه.
ثانيا: التوقيت الذى خرجت فيه تلك الوثائق وعلاقتها بموقف المملكة السعودية من حرب اليمن ومأساة سوريا وتمدد الموقف الإقليمي للمملكة خلال الفترة الماضية وكذلك ما حدث من ترتيبات فى بيت الحكم الداخلي عقب تنصيب الملك سلمان وأمور أخرى تلفت انتباهنا لضرورة التأمل في مسألة التوقيت الذي تم اختياره لبدء هذه الحملة.
ثالثا: (هذا أكبر جهد تقوم به دبلوماسية رسمية لمساعدة صاحب القرار على استبيان الرؤى وتحديد المواقف وخلق استراتيجية التعامل مع الملفات الهامة التي تؤثر بشكل مباشر على المملكة)، كان هذا وصف أحدهم لكم الجهد والبحث والتنقيب الذي تظهره هذه الوثائق والتي تشير بالفعل إلى مجهود هائل تقوم به تلك الجهات وهؤلاء الأشخاص من أجل مصلحة بلادهم، وهذا لا يعيبهم في شيء، فكل دولة محورية تبحث عن دور لا بدأن تمتلك أكبر قدر من المعلومات والاستشراف المستقبلي وقراءة الواقع من قريب ليمكنها من تأمين مصالحها ورسم خارطة تحالفاتها، والدولة التي لا تقوم بهذا تظل دولة بلا تأثير لأن صناعة التأثير تمر بمربع الآخر وكيفية احتوائه اوالاستفادة منه والسياسة – للأسف - لا تعرف الرحمة ولا المثل العليا.
رابعا: أظهرت هذه الوثائق أن أكثر المزايدين على وطنية الثوار ودعاة الديموقراطية هم الذين يتسولون بلا خجل بينما يكيلون في نفس الوقت كل الاتهامات الوهمية والكاذبة والمتهافتة حول التمويل الخارجي والتعاون مع الخارج، وهذا ملمح فاصل عل الناس تتعظ منه وترى حقيقة الأمور ليكتشفوا مدعي الوطنية وتجارها من الأفاقين والمطبلين لكل سلطة !
خامسا: إبداء الاندهاش الكبير حول الدور السعودي بالمنطقة لا معنى له، لأن كل الشواهد تؤكد منذ فترة انتقال القرار العربي إلى العاصمة السعودية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بل إن الدور السعودي أخذ في الازدياد والتضخم والتشعب عقب تولى القيادة الجديدة الحكم، واذا مرت الأيام وكشفت عن نشاط يوثق الفترة الحالية فقد نفاجأ بما لا نتخيله.
سادسا: في ظل حالة القرصنة العالمية وتفشى سرقة المعلومات كل شيء قابل للكشف ولن تنجو دولة ولا جهة ولا شخص من سهام الاختراق، لذلك فالأجدى أن تتسق الأفعال مع الأقوال وألا يكون هناك ما يشين الجهة أو الشخص أو الدولة إذا تم كشفه، وقديما قالوا: (إذا كنت تريد تأمين معلومة وحرمان خصمك من الانفراد بكشفها فاجعلها عامة على المشاع لتفقد قيمتها).
ستظل صفعات ويكليكيس تتوالى وسيمضي العالم لمستقبل لن يمكن فيه إخفاء شيء ولا ندري ما تحمله الأيام.
3
شارك
التعليقات (3)
محمد ابو علي
الأربعاء، 24-06-201511:46 م
ماتحمله الايام يكشفها الشرفاء من اجل الحق والحقيقه بما يملي الضمير والمبادئ بغض النظر عن الديانه او الضمير او الانتماء