تعاني
الغوطة الشرقية في ضواحي العاصمة السورية دمشق من
حصار خانق يمتد إلى حوالي ثلاث سنوات أدى إلى استياء عام من استمراره إلى ما لا نهاية، في حين توجه انتقادات إلى
جيش الإسلام، القوى الأكبر في المنطقة، لتركيز جهوده على إحكام سيطرته.
في مطلع العام 2014 سيطر تنظيم الدولة على بلدة ميدعا، لكن جيش الإسلام استطاع فرض سيطرته عليها أوائل صيف العام نفسه لتأمين خط التواصل مع البادية السورية من جهة، ومع الحدود الأردنية عن طريق بلدة العبّادة من جهة ثانية، إضافة إلى تأمين طرق الإمداد إلى مقاتليه في بلدات عدرا وتل كردي شمال الغوطة، ومسرابا وبيت سوا غربا، وإلى بلدة النشابية جنوب الغوط1ة.
قبل أيام قليلة تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة على بلدة ميدعا، لكنّ أنباء منقولة عن ناشطين أكدوا أن جيش الإسلام تمكّن من السيطرة ثانية على البلدة عصر السبت في التاسع من شهر أيار/ مايو بعد معارك عنيفة استمرت لمدة ثلاثة أيام زادت خلالها الحالة المعيشية لسكان الغوطة الشرقية سوءا، فيما طفت على السطح حالات تململ من استمرار الحصار وعدم الجدية في العمل على كسره.
"يعيش السكان المحاصرون حالةً من عدم الركون إلى أحد الخيارين المتاحين أمامهما باتباع إحدى أهمّ القوتين في المنطقة هما جيش الإسلام أو جبهة
النصرة، مع استبعاد خيار النظام نهائيا"، بهذه العبارة لخّص أبو أحمد الخطيب حالةَ السكان، في حديث خاص مع "عربي21".
أبو أحمد الخطيب، النازح من بلدة حتيتة التركمان منذ شتاء 2013 إلى إحدى البلدات الواقعة تحت سيطرة جيش الإسلام في الغوطةِ الشرقية، هو أب لستة أطفال، توفي أحدهم قبل أسابيع بسبب الحصار المفروض من قبل النظام السوري على المنطقة، على حد قوله.
لكنّ أبو أحمد يستدرك قائلا: "هناك أنفاق ومنافذ خاصة يمكن لأيّ منا أن يسلكها لمغادرة المنطقة وجلب الدواء، لكنّ خطوة كهذه تترتب عليها تكاليف باهظة يجب دفعها لمقاتلي جيش الإسلام الذين يسيطرون على هذه المنافذ. وكأيّ نازح، أعيش على المساعدات والعطايا ولا أملك مالا فائضا عن لقمة العيش كي أشتري به علاجا، أو أدفع للمقاتلين".
ومن جانب آخر، يقول أحد مقاتلي جبهة النصرة، رفضَ التعريف عن نفسه، في حديث خاص مع "عربي21": هناك ميل باتجاه جبهة النصرة وأحرار الشام.
ويضيف مقاتل جبهة النصرة: "الحصار أتعبهم كثيرا، وجيش الإسلام بدأ يمارس سلطاته بشكل غير مألوف في المنطقة". وقال: "منذ فترة وهو يمارس ضغوطا شتى على أعيان ووجهاء المنطقة الذين يبدون تعاطفا مع النصرة والأحرار"، حسب تعبيره.
وعن طبيعة العلاقة بين جيش الإسلام وجبهة النصرة يقول المقاتل: "هناك حذر من جبهة النصرة لتجنب الاصطدام مع جيش الإسلام، على الرغم من أنه في الفترة الأخيرة أخذ يكثف من تواجده العسكري في مناطق مهمة في دوما وجوارها، قرب مقرات النصرة، في إجراء غير معهود من قبل"، لكنه أكد أنه "سنعمل على تجنب الاحتكاك، في نفس الوقت نحن ملزمون برأي عامة سكان الغوطة".