خرج آلاف من
الرقيق والرقيق السابقون مساء الأربعاء في مسيرات جابت أهم شوارع العاصمة الموريتانية نواكشوط، وهم يهتفون ضد "التهميش" وما سموه باقي "
استرقاق" في البلاد.
ورفع المشاركون في المسيرات الأعلام الوطنية، ورددوا هتافات تنتقد تعاطي السلطات مع قضية الرقيق في البلاد.
وقد أغلقت قوات الأمن الشوارع التي مرت بها المسيرات، في وجه المركبات، ولم يسجل أي احتكاك بين الشرطة والمتظاهرين.
وشارك في المسيرات رؤساء أحزاب سياسية وقادة هيئات ومنظمات
حقوقية ونقابية.
وقال أبوبكر ولد مسعود، وهو ناشط حقوقي ورئيس "منظمة نجدة العبيد"، أقدم هيئة حقوقية مدافعة عن قضايا الرقيق في
موريتانيا، إن
مظاهرات اليوم تعد تعبيرا عن طموح متزايد لدى شريحة "لحراطين" أو الرقيق بالخروج من حالة التهميش التي قال إنها مورست عليهم منذ تأسيس الدولة الموريتانية.
وقال أبوبكر ولد مسعود، في تصريح لـ"عربي21" وهو يتوسط جموع المتظاهرين، إن الدولة الموريتانية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتطبيق القوانين المجرمة للرق في البلاد، والعمل على استراتيجية مستعجلة لتحسين ظروف هذه الشريحة، مضيفا أن العدل بين أفراد الشعب هو هدف المسيرة الأول والأساسي.
تشديد العقوبات
وأقرت الحكومة الموريتانية قبل أسابيع قانونا جديدا، يشدد من عقوبات من يثبت ضلوعهم في أي حالة استرقاق في البلاد، حيث أفادت مصادر حكومية لـ"عربي21" أن القانون الأخير سيعرض على البرلماني بغرفتيه (الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ) في أول دورة برلمانية قادمة، على أن يبدأ العمل به فور اعتماده من البرلمان.
هل من مسوغ شرعي للرق بموريتانيا؟
وقد أصدرت رابطة العلماء الموريتانيين (مقربة من الحكومة) فتوى أعلنت فيها أنه لم يعد هناك من مبرر ديني لممارسة الاسترقاق بموريتانيا، معتبرة أن كل الممارسات المحتملة بعد تاريخ بيان رابطة العلماء باطلة من الناحية الشرعية.
غير أن فتوى رابطة العلماء أثارت ضجة فور صدورها، إذا اعتبرت أغلب الهيئات الحقوقية أنها كانت دون المستوى، ورأى الحقوقيون أن الرابطة كان يفترض فيها أن تصدر فتوى تجرم الممارسة الاسترقاقية أصلا في البلاد.
وقال عدد من النشطاء والكتاب إن الفتوى لم تفلح في شيء سوى أنها أعادت القضية إلى المربع الأول، "لأنها تلغي ضمنيا جميع المجهودات التي قامت بها الدولة ومنظمات المجتمع المدني على مدى أكثر من عقدين من الزمن".
في المقابل، أصدر رئيس مركز تكوين العلماء بموريتانيا العلامة الشيخ محمد السحن ولد الددو، فتوى موازية، أكد فيها أن الرق الذي كان موجودا في موريتانيا ليس الرق الذي شرعه الإسلام.
وقال الددو في مقابلة نشرتها صحيفة "السراج"، إن الرق المذكور في القرآن والسنة له أصول واضحة وله ممارسات وحقوق واضحة وله أدبيات واضحة، مستشهدا بالحديث النبوي: "لا يقل أحدكم عبدي وأمتي، وليقل فتاي وفتاتي، إخوانكم خولكم، الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم، ومن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم، ويكسوه مما يكسو، ولا تكلفوهم ما لا يطيقون، وإن كلفتموهم فأعينوهم".
وقوبلت فتوى الشيخ الددو بترحيب واسع في الأوساط الحقوقية، إذا أكدت كل من حركة "الحر" وتنظيم "انبعاث الحركة الانعتاقية" أن فتوى العلامة الددو هي النموذج، باعتبار أنها نسفت شرعية الرق الذي كان ممارسا بموريتانيا، وطالبت هذه المنظمات العلماء بالاقتداء به، وعدم المجاملة في قول الحقيقة والدفاع عن القناعة التي يحملون.