قال الكاتب الإسرائيلي عاموس هرئيل، في جريدة "هارتس" واصفا حالة محلل الجهاز الاستخباراتي الأجنبي، إنه في حالة من الصعب أن يحسد عليها، وهو الذي أصبح يتصدى لمهمة التبليغ بشكل مرتب لمدرائه، أمام الجلبة التي تعصف في أرجاء الشرق الأوسط.
وأشار هرئيل إلى أن السنوات الأربعة الأخيرة تميزت بحرب تجري بلا توقف تقريبا، من العراق في الشرق إلى ليبيا في الغرب، وتنقسم لعشرات النزاعات الفرعية الدامية.
وهي الحرب التي اعتبرها "خليطا إقليميا، ونزاعا ينتقل إلى المواجهة المجاورة ويؤثر عليها، مما يصعب على محللي الاستخبارات (وعلى قادتهم أنفسهم) تملك قدرة في الحد الأدنى على توقع الأحداث، فما بالك بتوجيهها".
فمعظم الاهتمام الإعلامي في الشهرين الأخيرين يتجه نحو اليمن، بسبب توحيد القوى العربية المفاجئ، حيث نجحت السعودية في حشدها هناك، في محاولة لصد تقدم الحوثيين المدعومين من إيران.
وذكّر هرئيل في المقالة ذاتها بما كانت عليه السودان قبل نحو سنتين، حيث السماح لطهران بتهريب الأسلحة دون عراقيل، "إلا أنه عندما أصبحت السودان عضوا في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، تشوش مسار التهريب المركزي لإيران إلى قطاع غزة".
وصنف الخبير الاستراتيجي شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي إلى أربعة معسكرات أساسية، تصارع في سبيل الهيمنة الإقليمية، أولها المحور الشيعي في أساسه، الذي تقوده إيران مع سوريا وحزب الله، ثم الأنظمة السنية المركزية التي تميل إلى الغرب، وتعرفها إسرائيل بـ"المعتدلة" (السعودية، مصر، الأردن، معظم إمارات الخليج).
ويضم المعسكر الثالث لاعبين مستقلين سنة يقيمون علاقة مع حركة الإخوان المسلمين (تركيا، قطر، حماس في غزة)، وأخيرا منظمات سنية/ جهادية (القاعدة وتنظيم الدولة، بعشرات الفصائل المحلية التي تبدل على نحو مستمر ولاءها بين التنظيمين الكبيرين).
وعزز المحلل الإسرائيلي، مقالته بما قاله أحد المصادر الأمنية داخل إسرائيل: "نحن نواصل البقاء على الحياد، وهذا ليس أمرا مسلما به، وذلك لأن هناك حاجة للحذر من السقوط في فخ الإغراءات لتحقيق مكسب تكتيكي، ولكننا أوضحنا لكل الأطراف، بأنه توجد خطوط حمراء لن نسمح بتجاوزها، وفي الحالات التي يكون فيها خطر على مصالحنا، يحتمل تدخل موضعي".
وزاد الكاتب: "كل هذا يحصل بالتوازي مع الحملة الهجومية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة في العراق وفي سوريا"، كما يبدو أن وضع التنظيم المتطرف أفضل بكثير في سوريا منه في العراق، حيث انسحبت قواته من عدة مناطق، وزخم تقدمه من الصيف الماضي توقف.
وزعم في تحليله أن "حماس" تركز على تطوير صناعة سلاح محلية، بسبب التضييق عليها وهدم المعابر، وغياب التهريب في غزة، إذ إن جودة الوسائل القتالية التي تنتهجها هذه الصناعة أدنى من السلاح الرسمي الذي كانت تحصل عليه من إيران في الماضي.
وتستعين "حماس" في مساعي الإنتاج هذه بالمال الذي تدفعه إيران لذراعها العسكري ولمنظمة الجهاد الإسلامي، وبالمواد التي تهرب من إسرائيل، عبر معبر كرم سالم، بعد أن يجري تمويهها بأنها مدنية "شرعية".
وخلص هرئيل إلى أن الإيرانيين يساعدون الأمريكيين في المعركة ضد تنظيم الدولة في العراق، وحزب الله يساعد الثوار في اليمن، والمصريون يكافحون ضد الأنفاق ويساعدون إسرائيل، التي تجري اتصالات مع "حماس" لوقف نار طويل المدى، أما الجاسوس الأجنبي الذي علق في المنطقة، فلا بد له أن يرفع يديه يأسا.