نشرت صحيفة "هفنغتون بوست"، باللغة الفرنسية، تقريرا حول تحول شبكة الإنترنت إلى فضاء
صراع جيوسياسي في العالم أفقدها استقلاليتها.
وذكّرت الصحيفة الإلكترونية بعملية
قرصنة الموقع الرسمي لشركة "سوني بيكتشرز" مشيرة إلى أن هذه العملية تعدّ أكبر عملية قرصنة حتى الآن، نظرا لدرجة تعقيدها وضخامتها. فقد عمد القراصنة إلى سرقة كل البيانات الخاصة بهذه الشركة المتخصصة بصناعة الأفلام.
ونقل التقرير مقتطفا من مقال لفيليب اسكوند، نشر بصحيفة لوموند الفرنسية ورد فيه أن "الجريمة الإلكترونية، سواء كانت غايتها سياسية أو للتسلية، تعدّ قذرة، وقد شهدت نسبتها ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة".
كما نقل التقرير تصريحا لخبير بريطاني، عقب قرصنة 233 مليون شريحة معلومات تعود لعملاء لدى مؤسسة ضخمة للتجارة الإلكترونية، حيث يرى الخبير "أن الشبكة العنكبوتية تعدّ اليوم أوسع مجال للسرقة والغش في العالم".
وفي المقابل ، أورد التقرير انتعاشا في سوق الأمن الإلكتروني بمقدار ثمانية مليارات دولار، حيث يتوقع أن يصل حجمه إلى 86 مليار دولار سنة 2016. وقدرت "بونيمون انستيتيوت" في تقرير لها تكلفة سرقة بيانات شخصية للمؤسسة بـ4.16 مليون يورو منها، 2.28 مليون يورو خسارة مباشرة، و1.14 مليون يورو كلفة التعويضات اللاحقة بعد إصلاح البرنامج وإعادة فتح الخدمة، دون اعتبار الأضرار التي لحقت بسمعة المؤسسة في السوق.
وعلى عكس الطابع الحر الذي تتسم به شبكة الإنترنت ظاهريا، يؤكد التقرير أن الشبكة ظلت وفية لأصولها التكنولوجية والتاريخية المرتبطة بالدولة المبتكرة لها، الولايات المتحدة الأمريكية. فرغم تراجع سيطرتها على العالم الافتراضي، ظلت الولايات المتحدة تتحكم بمؤسسة منح الأسماء والأرقام على الإنترنت (ICANN).
وأورد التقرير أنه منذ عام 2010 وضعت وكالة الأمن القومي الأمريكية شبكة تجسس كاملة لقنوات الاتصال في كوريا الشمالية بهدف جمع المعلومات حول برنامجها النووي، غير أن شبكة التجسس تطورت لتصبح مجندة لضرب الاقتصاد الكوري. وهذا ما أكدته عملية القرصنة التي استهدفت البنوك الكورية سنة 2013، لكن في المقابل شكك خبراء في الرواية الأمريكية بسبب ضعف الأدلة. وبعد قرصنة شركة "سوني" استعملت هذه العملية كسبب لفرض حصار جديد على النظام الكوري، وهو ما اعتبره التقرير دليلا على أن ظاهرة القرصنة ليست بيد مجرمي الإنترنت أو المصالح الحكومية فقط، بل هي ظاهرة موجهة لخدمة أهداف جيوسياسية.
كما اعتبر التقرير أن شبكة الإنترنت بالنسبة للجهاديين ليست مجرد وسيلة إعلامية، بل أرض معركة حقيقية. ولفت التقرير الانتباه إلى ضخامة الإنفاق البشري والمالي والتقني الذي يعتمده تنظيم في هذا المجال، فسياسته الإعلامية لا تهدف للتبرير بقدر ما تحرص على تضخيم الرعب بنشر تسجيلات تطبيق الأحكام.
وردا على هذه السياسة، ينقل التقرير عن جريدة لوموند الفرنسية أن الجيش الفرنسي وضع وحدة لمكافحة الدعاية الجهادية عقب تشريع فرنسي يعتبر الهجمات الإلكترونية جرائم حرب في ظل تصاعد ما يصفه التقرير بـ"عسكرة الإنترنت".
وتختتم "هفنغتون بوست" تقريرها بتعريف لأوليفي زاج للإنترنت، وذلك في "مقدمة التحليل الجيوسياسي"، حيث يصفه بـ"الفضاء المسكون بالبشر، المليء بالرموز والذاكرات المتنافسة".
ومن هنا، تتحول الشبكة العنكبوتية إلى عالم تنتفي فيه جميع الحدود القضائية والرمزية، ما يجعل منها شبكة فوضوية وغاية في الخطورة.
عن هفنغتون بوست باللغة الفرنسية
رابط التقرير الأصلي
https://www.huffingtonpost.fr/jeanfrancois-fiorina/geopolitique-hacking-cyberdefense_b_6798106.html