فنون منوعة

"أحبك من هنا إلى بغداد".. دنيا ميخائيل تنسج عالما إنسانيا

 الشاعرة العراقية دنيا ميخائيل - أرشيفية
الشاعرة العراقية دنيا ميخائيل - أرشيفية
في مختاراتها الشعرية التي صدرت في القاهرة، تنسج الشاعرة العراقية دنيا ميخائيل من بقايا الانفجارات والتدمير عالما إنسانيا أكثر رحمة، إذ إنها تقف على مسافة من المشهد تسمح برؤيته بوضوح لتعيد رسمه.

ولا يوجد في ديوان "أحبك من هنا إلى بغداد" قصيدة بالعنوان نفسه، ولكن الشاعرة في قصيدة "لارسا" تناجي ابنتها "لارسا"، فهي لديها "رسول جديدة.. تبعثين لثغات وإشارات إلى الكون.. فأنسى أعدائي كلهم.. أتركهم يذوبون معا.. رجال ثلج مسالمين".

وفي قصيدة "لارسا"، وهو اسم سومري يعني ربة الشمس، يتضح أن "هنا" الواردة في عنوان الديوان تعني الولايات المتحدة الأمريكية حيث تقيم الشاعرة التي تخاطب لارسا في نهاية القصيدة: "أحبك من هنا إلى بغداد.. وأحبك أكثر من كل الكلام.. وأحبك أعلى من الدخان في المدينة.. وأحبك أقوى من صوت الانفجارات.. وأحبك أعمق من جرح يتبادله عراقيون وأمريكيون.. بقرب عبوة ناسفة".

وتبدو سيرة الحرب طيفا أو شبحا يطارد كثيرا من قصائد الديوان. وتبدأ الحرب باللغة ففي قصيدة "ألواح": "اللغة العربية.. تحب الجمل الطويلة.. والحروب الطويلة.. والأغاني الطويلة.. والسهر.. والبكاء على الأطلال". وتبدأ قصيدة "الحرب تعمل بجد" بست كلمات هي: "كم هي مجدة الحرب.. ونشطة وبارعة".

ثم تستعرض أنشطة الحرب وتجلياتها ومنها أنها: "تلهم طغاة لإلقاء خطب طويلة.. تمنح الجنرالات أوسمة.. والشعراء موضوعا للكتابة.. تساهم في صناعة الأطراف الاصطناعية.. توفر طعاما للذباب.. تضيف صفحات إلى كتاب التاريخ.. تحقق المساواة بين القاتل والقتيل.. تعلم العشاق كتابة الرسائل.. تدرب الفتيات على الانتظار.. تملأ الجرائد بالمواضيع والصور.. تشيد دورا جديدة لليتامى.. تنشط صانعي التوابيت.. تربت على أكتاف حفاري القبور.. ترسم ابتسامة على وجه القائد".

وتبلغ قصائد "أحبك من هنا إلى بغداد" 112 صفحة متوسطة القطع، وصدر الديوان في سلسلة "آفاق عربية"عن الهيئة العامة لقصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة المصرية.

ودنيا ميخائيل شاعرة ومترجمة ولدت في بغداد ودرست الأدب الإنجليزي في جامعتها وهاجرت إلى الولايات المتحدة وتخرجت في جامعة وين ستيت، ونالت عام 2001 جائزة من الأمم المتحدة لكتاباتها عن حقوق الإنسان. ولها دواوين منها: "مزامير الغياب" 1993، و"يوميات موجة خارج البحر" و"على وشك الموسيقى" 1997.

وبين العراق وأمريكا كجغرافيا بشرية توجد مقابلات ومفارقات توجزها قصائد منها "الطائرة"، حيث تنطلق طائرة من بغداد تحمل جنودا أمريكيين وترتفع "فوق القمر المنعكس على نهر دجلة.. فوق غيوم مكدسة كالجثث.. فوق أناس مخطوفين.. فوق خرائب تنمو مع الأطفال... الطائرة.. بركابها المنهكين.. ستحط على بعد ستة آلاف ميل.. من إصبع مبتور في الرمل".
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم