مقالات مختارة

هل تصبح تركيا حليفة؟

عبد الرحمن الراشد
1300x600
1300x600
طبعت السنوات العشر الماضية العلاقة مع تركيا بعواطف مختلطة، بين الحب والإعجاب والغضب، ثم طغت عليها الاختلافات في وجهات النظر، معظمها تفصيلية. إنما بقيت هذه الدولة تحمل أهمية خاصة لدول الشرق الأوسط، والسعودية من بينها. ورغم خلافات التفاصيل، استمرت أنقرة طرفا سياسيا فاعلا في قضايا المنطقة، من فلسطين إلى لبنان، ولاحقا في مصر وسوريا والعراق وليبيا.

ولا نفهم جيدا المنظور التركي من معظم هذه القضايا، وأحيانا تحيرنا بسبب تناقضها، فقد وقفت ضد إسقاط نظام القذافي في ليبيا، في الوقت الذي أخذت فيه موقفا سياسيا حازما ضد نظام الأسد في سوريا. وفي الوقت نفسه تتمتع بعلاقة جيدة مع إيران، وعملت لعقد كامل كبوابة مفتوحة ضد الحصار الدولي على نظام طهران، مع أنها عضو في حلف الناتو. وبعد الربيع العربي تبنت جماعة الإخوان المسلمين المصريين، فصارت لهم المقر والماكينة الدعائية، بديلا لقطر. واستضافت كذلك الإخوان المسلمين الخليجيين المعارضين. وفي إحدى المرات، ومن قبيل هذه المناكفة، بحثوا عن مسؤول تركي يستقبل معارضين من الإخوان من دولة خليجية، مع أن عددهم لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، فلم يجدوا من يستقبلهم من المسؤولين الأتراك إلا رئيس بلدية أحد أحياء مدينة إسطنبول، فذهبوا لالتقاط صورة معه لإغاظة الحكومة الخليجية، لكن رئيس البلدية، الذي لم يفهم المسرحية، أثنى أمام المعارضين على حكومة بلدهم، وفاخر بأن علاقته معها جيدة!

معظم الخلافات مع تركيا هامشية، وليست على مسائل استراتيجية، وبعض اللوم يقع على الأتراك بسبب خوضهم في وحل الخلافات العربية الداخلية، التي تضعف موقف تركيا. وفي رأيي أن مساندتهم للإخوان في مصر، لم تفشل وحسب، بل ربما هي السبب في تشدد النظام المصري الجديد والتضييق على الإخوان.

لتركيا مكانة كبيرة، ودور إقليمي قادر على التغيير، لو أنها تخلت عن التحالفات الصغيرة، وتجنبت دس أنفها في المعارك العربية الداخلية. بانتظارها دور أهم، حيث إن بإمكانها إعادة التوازن الاستراتيجي، ببناء منظومة إقليمية جديدة، تمنع الفوضى والانهيارات والحروب. وفي حال أبرمت إيران اتفاقا نوويا مع الغرب، فإن تركيا ستصبح قطبا ضروريا يمكن أن يعمل مع الأقطاب الرئيسية الأخرى لبناء حلف يوازن ويمنع التمدد الإيراني في المنطقة، الذي يهددها أيضا. فهي ترى كيف تسارع إيران من أجل السيطرة على العراق وسوريا، الدولتين اللتين تؤثران بشكل مباشر على أمن واستقرار تركيا، وتحاصرها من ثلاث جبهات شرقية وجنوبية.

مصر، التي مضى على نهاية نفوذ تركيا عليها مائة عام بالضبط، هي اليوم دولة محورية، وليس من صالح تركيا معاداتها. وقد سمعت في زيارتي الماضية، من الأتراك أيضا، نفس الانطباع، بأنهم لم يتمنوا أن تنحدر الأمور مع مصر إلى هذه الدرجة، لكن بكل أسف صارت العلاقة ملوثة بالخلافات الصغيرة. ولو أن الأتراك قادرون على تغيير الوضع في القاهرة لفهمنا سر اندفاعهم وحماسهم للإخوان المسلمين، لكن قدرة تركيا على التغيير في مصر تقريبا صفر!

في المقابل، نرى الأتراك مهمين جدا على المسرح الإقليمي، وتأثيرهم هائل في إطار المعادلة الشرق أوسطية مع إيران، والقوى الموالية لها في العراق ولبنان. وقدرتهم على التغيير في سوريا كذلك لا تضاهى. هذا ما يجعلنا نعتقد أن للأتراك دورا أهم، وعليهم أن يعيدوا قراءتهم للوضع الإقليمي.

فدول الخليج ومصر والأردن، تشترك مع تركيا في الكثير من المصالح والأهداف الكبيرة، لكن تفعيلها يتطلب أن تكون السياسة التركية متحررة من النزاعات الصغيرة. تستطيع هذه المجموعة، المكونة من تسع دول، وضع حد للتمدد الإيراني، والضغط على الغرب في سَبِيلِ حل عادل للفلسطينيين، ووقف الفوضى في العراق وسوريا، وتأسيس نظام إقليمي ضد الإرهاب. ولتركيا تجارب عتيدة تاريخية في لعب أدوار استراتيجية، منذ حلف بغداد وحلف البلقان، وإلى حلف الناتو الحالي، ودورها في منظومة دول جنوب القوقاز.



(نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط)
التعليقات (4)
محمدسالم
السبت، 28-02-2015 04:32 ص
نعم التحالف بين العرب وتركيامهم،لكن لايوجدفرق أخلاقي بين السيسى والأسد.
سردار أوزال
الخميس، 26-02-2015 09:01 م
أخطأ الكاتب أخطاء فادحة جدا؛ أنت تريد تحييد تركيا لكي تستفردوا بسحق الإخوان من الوجود؛ بينما نحن الأتراك نرى أن أنظمة الخيانة والعمالة كنظام السيسي وآل نهيان هي ما يؤخر نهضة الشرق الإسلامي كله، هي ما يسحق العدل، ويشيع الظلم، ويرسخ التبعية للصهاينة. إيران تتدخل من أجل حزب الله في دولة لينان، والبحرين؛ لأنهم عمق استيراتيجي لها، وأنت تقول لتركيا: اتركي مصر والإمارات ووووو لكي يقتلوا الإخوان ويسحقوهم؛ هذه عبارات غير بريئة (كلمة مؤدبة لمعنى مقالك)؛ حقيقة نحن غاضبون من طرح مريض كهذا، ومن حقنا التعبير عن رأينا.
متابع عربي
الأربعاء، 25-02-2015 04:57 م
الراشد لا يستحي يقول أي شيء؛ ويميل حيث مالت الريح النفطية!!
محمد مهنا
الأربعاء، 25-02-2015 07:26 ص
?افهم كل هذا الاصرار من السعوديين على معاداة إيران، إيران دولة جارة شئنا ام أبينا، لذلك الافضل لدولنا مصادقتها ?ن مايجمعنا اكثر بكثير مما يفرقنا، ولتترك السعودية البحث عن تحالفات هنا وهناك من اجل الدفاع عن ال سعود وليس عن اراضي دولة الحجاز ونجد التي ?يههدها سوى ال سعود الذين طوبوها باسمهم.