حول العالم

"اطلع بره" و"رجال مافي".. من أسماء الأحياء في جوبا

يرى كثير من الباحثين بجنوب السودان أن دلالات الأسماء ترتبط بذاكرة الشعوب وتاريخها - أرشيفية
يرى كثير من الباحثين بجنوب السودان أن دلالات الأسماء ترتبط بذاكرة الشعوب وتاريخها - أرشيفية
"اطلع برة" و"لباس مافي" و"رجال مافي".. أسماء غريبة أطلقها الجنوب سودانيون على أحياء في العاصمة جوبا، ارتبطت بحقبة الحرب الطويلة التي استغرقت قرابة الـ20 عاما بين حكومة الشمال ومسلحي الحركة الشعبية، الحزب الحاكم حاليا في جنوب السودان.

فمدينة جوبا كانت مقر القيادة العسكرية للحكومة، ما حولها إلى ما هو أشبه بالثكنة العسكرية أكثر من كونها عاصمة للإقليم الجنوبي آنذاك. لذلك، فقد سكن المواطنون الجنوبيون بأعداد قليلة في الأحياء السكنية المحصورة في نطاق ضيق، بعدما هجرتها أعداد كبيرة من السكان الذين قرروا النزوح إلى مناطق أخرى داخل السودان، في حين اختارت مجموعات أخرى الفرار إلى دول الجوار في كينيا وأوغندا وإثيوبيا، خشية أن يتم اتهامها بموالاة التمرد الذي تقوده الحركة الشعبية، رغم أن أبناءها يقاتلون في صفوف هذه الحركة.

في ظل تلك الظروف تغيرت أسماء الأحياء التي نشأت في أوضاع الحرب؛ فبخلاف حي "الجلابة" الذي يقع في شمال المدينة، وكان يسكنه السودانيون الشماليون، ظهرت أحياء بأسماء جديدة، مثل "اطلع برة" الذي يقول السكان المحليون إنهم أطلقوه على المنطقة التي كان يزورها ليلا جنود من الجيش السوداني ويطالبون الرجال بالخروج من منازلهم تحت تهديد السلاح ويقولون للواحد منهم "اطلع برة" أي "اخرج من منزلك".

وإلى جانب حي "اطلع بره" يوجد في أواسط المدينة حي آخر يحمل اسم "رجال مافي" أي أن المنطقة خالية من الرجال الذين فروا، إما خوفا على حياتهم أو أنهم انضموا للتمرد في الغابة، ولا يزال الحي يحمل الاسم ذاته إلى الآن.

ومن الأسماء الغريبة للأحياء في جوبا "لباس مافي"، واللباس هنا مقصود منه الرداء الداخلي للرجل أو المرأة الذي يظهر من اسمه أنه منطقة ربما ارتبطت بتجارة الجنس أو الدعارة خلال فترة الحرب الأخيرة، ولم يتم تغييره حتى الآن.

وفي حي "مونيكي" الواقع غرب مدينة جوبا يوجد سوق شهير يحمل اسم "سوق مليشيا"، الذي يرجح أنه كان مقرا لإحدى المليشيات الجنوبية التي كانت تحارب إلي جانب الجيش السوداني ضد متمردي الحركة الشعبية.

بطرس جون، الصحفي في صحيفة الموقف العربية (خاصة)، يقول إن "الأحياء الشعبية نتجت من فلسفة استعمارية أطلقها بعض الجنود السودانيين أثناء الحرب".

ويضيف: "أعتقد بأن الوقت قد حان لتغيير هذه الأسماء الغريبة بعد الاستقلال. والآن نجد أن بلدية جوبا اتبعت بعض هذه السياسات لتغيير أسماء هذه الأحياء الشعبية. فبرأيي لا غاية من وراء هذه الأسماء الغريبة. يجب أن يحمل الحي اسمًا ذا دلالة ترمز لشيء مفيد أو ذي معنى".

وكان عمدة بلدية مدينة جوبا، كريستوفر سرفينو واني، قد قال في تصريحات للصحفيين مؤخرا بجوبا إنهم يعتزمون إعادة تسمية الشوارع والأحياء بالعاصمة جوبا، حيث إنه سيتم إطلاق أسماء مدن البلاد على الأحياء مثل حي "توريت"، أو "بور"، أو "جونقلي"، أو "ملكال".

وتقول ديانا جون، الصحفية من جنوب السودان، إن "تلك الاسماء التي أطلقها السكان المحليون على الاحياء والأسواق، كانت ترتبط بظروف الحرب التي أصبحت جزءا من تاريخ شعب جنوب السودان".

وتتابع: "من وجهة نظري فإنه يجب أن يتم الاحتفاظ بتلك الأسماء التاريخية كيما نتذكر المعاناة التي مررنا بها كشعب".

ويرى كثير من الباحثين في جنوب السودان أن دلالات الأسماء ترتبط بذاكرة الشعوب وتاريخها غير المدون في جنوب السودان، الذي شهدت فيه المدن الرئيسة خلال فترة الحرب العديد من الانتهاكات التي مورست بحق المواطنين العزل.

يقول نيكولا فرانكو، الباحث والمسرحي من جنوب السودان: "تلك الأسماء جاءت نتيجة للحروب الأهلية التي كانت بين نظام الحكومة في السودان والثورات المسلحة في جنوب السودان، وهذه الأسماء مربوطة بالعسكر الخاص لدى حكومة السودان.. فمثلاً (رجال مافي) يدل على خروج الرجال من المنازل أثناء الحرب وترك النساء في المنزل لأن العسكر يبحثون عن الرجال و الشبان. وعليه فإنه يجب الاحتفاظ بها لتذكيرنا بمثل تلكم الممارسات غير الحميدة التي نرجو  ألا تعاد مرة ثانية".

وتعتبر جنوب السودان دولة حديثة تأسست عندما استقلت عن السودان في استفتاء شعبي لسكان الجنوب أعلن عن نتائجه النهائية في شباط/ فبراير 2011، وتم الإعلان عن استقلال كامل للدولة في 9  تموز/ يوليو 2011.
التعليقات (3)
فيكتور يوحنا
الخميس، 18-03-2021 01:49 م
براي يجب تغير هذه الاسماء حتى لا نتزكر معانا الماضي
ماريو تيم شو
الثلاثاء، 14-06-2016 11:53 ص
الحمدلله التحيه لمدينه جوبا انا في راي انو تظل هذه المسطلحات زي ماهي لنها بترتبط بتاريخ وايام صابه جدا جدا ونتمني بان لاترجع تلك الايام لجنوبنا الحبيب وشكراااااااا
عصام عوض
الإثنين، 28-09-2015 12:33 ص
اتمني ان تعاد تسمية الاحياء في جوبا باسما راقية