خلفت
الأزمة السورية المستمرة منذ نحو أربع سنوات صعوبات حياتية كثيرة بات معها المواطن السوري أمام تحدي ابتكار وسائل جديدة لتأمين متطلباته المعيشية وغذائه.
وفي حين تعتبر لحوم الأرانب مكونا رئيسا للموائد في عدد من البلدان العربية، وتعتبر وجبة مستحبة، كان تناول هذه اللحوم أمرا غير مستساغ لدى السوريين الذين كانوا يفضلون تناول لحوم المواشي والدجاج. ولكن بسبب ظروف الأزمة وغلاء المعيشة توجه العديد من المواطنين للبحث عن بدائل ومنها لحوم الأرانب.
وبسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية، ولا سيما اللحوم، وتراجع الإنتاج الزراعي والحيواني، إما بسبب الجفاف أو ارتفاع تكاليف الزراعة، فقد لجأ المواطن بيكاس أوصمان من ناحية شيراوا في مقاطعة عفرين بمحافظة حلب شمال
سوريا إلى تربية الأرانب في حديقة منزله واتخذ من تلك الحرفة مصدراً للرزق بالإضافة إلى مصدر لتأمين مادة اللحم لعائلته.
وقال أوصمان، إن "الحرب في سوريا أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل عام، لا سيما اللحوم الحمراء التي ارتفعت أسعارها في الأسواق بشكل كبير حيث وصل سعر كيلو غرام الواحد من لحم الغنم إلى 1800 ليرة سورية (9 دولارات) أما مثيله من لحم العجل فيبلغ سعره 1400 ليرة (7 دولارات)، لذا فقد شكّل
لحم الأرانب بديلا جيدا، فهي تعتبر أرخص أنواع اللحوم الحمراء ويبلغ سعرها 600 ليرة سورية (3 دولارات) للكيلو غرام الواحد".
وأشار إلى أن لحم الدجاج الذي يصنف ضمن اللحوم البيضاء ينافس لحم الأرانب من حيث السعر والاستهلاك حيث يبلغ سعر الكيلو غرام منه 300 ليرة سورية، (1.5 دولار).
وأضاف: "توجهت إلى تربية الأرانب في حديقة المنزل التي كانت مزروعة أساسا ببعض الأشجار المثمرة والخضروات، لكنها يبست بسبب الجفاف وقلة المياه التي تنقطع أحيانا لأسابيع، وبالتالي حولتها إلى مكان لتربية الأرانب بهدف تلبية احتياجات أسرتي من اللحوم للاستهلاك الذاتي".
وتابع المواطن السوري، بأن "فكرة تربية الأرانب خطرت لي خلال زيارة لأحد الأصدقاء الذي نصحني بتربيتها، فقمت بشراء خمسة أرانب في البداية، لكنها تكاثرت بسرعة وازداد عددها ليصل إلى 150 أرنبا خلال أقل من عام واحد، ما جعلني أفكر بالتحول إلى استثمار تربيتها للتجارة حيث تعاقدت مع أحد المطاعم لتوريد لحم الأرنب إليه بشكل دوري". وأضاف: "صحيح أن تربية الأرانب لا تفي بكل احتياجاتنا المعيشية لكنها أتاحت لي دخلاً إضافياً من خلال بيع بعضها في السوق، إذ إن الأرانب تبلغ وزن التسويق (1.5– 2 كلغ) في عمر صغير (10– 12 أسبوعا).
أما عن الصعوبات التي تواجه مربي الأرانب فأوضح أوصمان، أن "المشكلة الأبرز التي تواجهنا تتعلق بتوفير الحماية للأرانب ضد أعدائها الطبيعيين كالقطط والكلاب والجرذان التي تلتهم صغار الأرانب، وتأمين المكان المناسب لأجل حماية الأرانب من مياه الأمطار والتيارات الهوائية الباردة في فصل الشتاء وأشعة الشمس المباشرة في فصل الصيف".
"وحول موضوع تربية الأرانب، قال الطبيب البيطري يحيى حنان، إن "الأرنب يصل لسن البلوغ عند عمر 3– 4 شهور ويمكن لعكرشة (أنثى الأرنب) أن تلد عدة مرات وتنجب من 30 إلى 40 خرنقا (صغير الأرنب) في العام. في المقابل، فإن الماشية والأغنام لا تلد سوى مرى واحدة في السنة".
وأضاف الطبيب، أن "أنثى الأرنب يمكنها إنتاج من 20 إلى 25 ضعف وزنها لحما في العام، من خلال الولادة، كما أن أنثى الأرنب المغذاة على مساحة من البرسيم (نبات عشبي يزرع ويحتوي على كمية من البروتين) تنتج خمسة أضعاف ما تنتجه الأغنام من المساحة نفسها، والأرانب تتناول كل شيء من العلف والحبوب وبقايا الخضراوات والحشائش وجذور الأشجار".
من جانبه قال شورش حسين صاحب أحد المطاعم في عفرين، إن "تقديم المأكولات التي تحتوي على لحوم الأرانب شيء جديد بالنسبة لنا في مقاطعة عفرين وفي سوريا عموما، فغالبية أصناف الأطعمة المعتادة كانت تحتوي إما على لحوم الأغنام أو الدجاج".
وأوضح أن، "مأكولات لحم الأرانب لاقت إقبالا من قبل بعض الزبائن، فهناك من يرتاد المطعم خصيصا لتناول لحم الأرانب المشوي، فلحوم الأرانب تمتاز بسهولة الهضم وهي تحتوي على القليل من الكولسترول وتحتوي على نسبة عالية من البروتين، ومذاقها طيب ومميز، في حين أن هناك زبائن آخرون لم يستسيغوا هذا النوع من اللحوم وفضلوا البقاء على الأصناف المعتادة التي نقدمها أيضا".