قضايا وآراء

شجون النفس

طارق البرغوثي
1300x600
1300x600
الجهل هو آفة التطور، والجهل دركات، ولعل الهاوية هو جهل المرء بأنه جاهل، فضلا عن اعتقاده بأنه عالم.
 
اكتشاف ذواتنا من اهم أسباب تقدمنا بعد تخلف ورقينا بعد نكوص.
 
التجارة الرائجة في العالم اليوم هي دورات اكتشاف أسرار الذات، وافضل الكتب مبيعا هي التي تتحدث عن السعادة وإيقاظ القدرات التي بداخلنا.

كلما ظن علماء النفس أنهم بدأوا يفهمون أسرار النفس الإنسانية تحطمت آمالهم أمامها.
هذه هي النفس تتلاطم أمواجها في عالم من المتغيرات، فلا تعرف لها قرارا ..والنجاح هو ركوب الموجه!
 
معرفة النفس ضرورية لأن من عرف نفسه عرف ربّه.
 
في عالم متناقض ومتغير يجب على الإنسان أن يضع مجموعة من الثوابت التي تحميه من تلك المتغيرات ومن عاديات الزمن.
 
الله الذي خلق هذه الكينونة أعلم بما يصلح لها؛ لذلك كان القرآن والمتواتر من الحديث، اللذان ما تركا شاردة ولا واردة، لهما الفيصل في كل أمر. (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي)
وأي نعمة أفضل من أن يجد الإنسان الكتالوج الرباني لهذه النفس!
 
الذين يعيشون بعيدين عن المنهج الرباني ثم يبحثوا عن ذواتهم فلن يجدوها "ماذا وجد من فقَدَ الله"
البعد الأخروي هو ذلك البعد الذي يحفزك على العمل والإنجاز، يجعلك تشعر أن السعادة في العطاء لا في الأخذ، وان الرزايا بعض العطاء، والمصيبات بعض الكرم.
 
المنهج الرباني يفرش لك الطريق، فيصوغ لك الأهداف التي توصلك إلى الضفة الأخرى، وأي أهداف أو وسائل تتعارض مع المنهج تجعلك تقاومها باستماته، لأنك تعلم أنها ستلقي بك في اليمّ.
 
المنهج يقوّم لك بوصلتك الأخلاقية لأن البعد الأخروي لن تصل إليه إلا عن طريق كل الفضائل، فهو كالحديقة ورودها الصدق والعفاف والأمانة.
 
القلب هو الإنسان، فكما في الحديث إذا صلح صلح الجسد كله، والحب هو الذي يجلو القلوب، ويحيلها إلى جنة ظلالها وارفة، وأي حب أسمى من حب الله "يحبهم ويحبونه"، "والذين آمنوا أشد حبًا لله".
 
الاشتغال بالظاهر وترك الباطن هو آفة الآفات، فكلٌ منّا يريد أن يرتدي أجمل الثياب، ويعيش في القصور، ويقود أفخم السيارات، ونسي أو تغافل أن الله لا ينظر إلى صورنا وأجسادنا، وإنما ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا.
 
فهم الذات يعني أن ينسجم سلوكك مع عقيدتك ومبادئك، ومن الملاحظ أننا أمة تجيد التنظير وتقلّ العمل، وإذا عملنا كان العمل عكس مبادئنا وعقيدتنا، وكأنّ المسلم اليوم يعاني من "شوزيفرانيا" أو فصام الشخصية.
 
الخلو بالنفس والتفكّر تنظيم لشحنات الذات السلبية التي تتراكم مع الزمن، فكل منا يحتاج إلى غار حراء، يسكب فيه العَبْرات، ويقيم  الصلوات، ويتلو الآيات، ويناجي رب السموات، واذا أردت أن تصقل الروح، فلك في قرآن الفجر من ذلك دواء، وفي تهجد الليل شفاء. 
 
صُبَّ الإيمان واليقين في قلبك صباً، فالإيمان طارد لليأس، وإذا ضاقت عليك الدنيا فاعلم أنك أنت الضيق وافتح رئتيك للهواء وللناس، وكن جميلا ترى الوجود جميلا، واستعن بالله ولا تعجز، وعلو الهمة رأس الأمر وملاكه، فكم فاق ذو اجتهاد أهل الذكاء، فلا ذكاء بدون اجتهاد، ولا اجتهاد إلا بالتوكل على الله، فهو المستعان وعليه التكلان.
 
الذات كما الثوب الأبيض طرّزه بالعلم، فالعلم هو الجدار الذي يحميك، وهو الموصل إلى العليم سبحانه، وبالعلم نرقى ونتمايز.
 
لم تكن الظروف التي نعيش هي المعيار لتحقيق الطموح، فكثير من حولنا بلغوا أعلى المراتب، رغم أن ظروفهم أسوأ منا.
 
الثقة بالنفس هي المرحلة الوسطى بين احتقار الذات والغرور، فاحرص على أن تكون واثقا بالله وبنفسك وبالآخرين، وتقبل ذاتك، واعرف نقاط ضعفك وتجاوزها، واعرف قدراتك وابنِ عليها، حتى تحولها إلى ميزة تنافسية تجعل منك إنسانا مميزا.
 
ليست هناك خلطة للنجاح، فحين وضع الأهداف واختيار آليات التطبيق عليك أن تتأكد أن تجعل الهموم هما واحدا، لتدخل في قوله تعالى "أولئك هم الفائزون "
 
أيها الإنسان، إذا فهمت سر وجودك في هذه الحياة بلغت المنزل .
التعليقات (0)