ملفات وتقارير

مزارعون تحت خط النار.. ومساحات زراعية خارج الخدمة بحلب

قمح
قمح

يمنع الخوف الحاج أحمد (75 عاماً) من إرسال ابنه إلى حقله الكائن في الريف الشمالي لحلب، بعد أن قضى ابنه الأصغر عبد العزيز (32 عاماً) قبل نحو عشرة أيام أثناء حراثته الأرض، حيث استهدف الجرار الذي كان يقوده بقذيفة مدفعية مجهولة المصدر، ما أدى إلى مصرعه على الفور وإلحاق ضرر كبير بالجرار.

وكان عبد العزيز مدرساً إلى جانب عمله في زراعة الحقول التي يمتلكلها والده في محيط قريتهم الصغيرة "حوار النهر" الواقعة تحت سيطرة "الدولة الإسلامية".

وتجاور القرية مدينة مارع، إحدى أكبر معاقل الثوار في ريف حلب الشمالي، والتي يشهد محيطها اشتباكات متقطعة بين قوات "الدولة الإسلامية" التي تحاول اقتحام المدينة، والثوار الذي يحاولون صد الهجوم.

في الوقت ذاته، يواصل بعض الفلاحون حراثة حقولهم وزراعتها، دون أن يثنيهم الموت المتربص بهم في أي لحظة، فلا سبيل للحياة إلا عبر قطعة أرضٍ يمتلكونها، بحسب بعضهم.

يقول الفلاح عبد الجواد في حديث خاص لـ"عربي21": "أعلم حجم المجازفة عند الذهاب إلى الحقل، ولكن ليس باليد حيلة، والجوع أيضاً هو موت، لذلك لن أتخلى عن زراعة أرضي، خصوصاً وأن الأمطار جيدة هذا الموسم".

ويتابع: "لا أستطيع العمل خارج الزراعة والوضع الاقتصادي يزداد سوءاً، لا سيما وأننا لم نحصد محصولنا من القمح في العام الماضي، بسبب الجفاف الذي تأثرت به البلاد، ولهذا لا بديل عن الزراعة والأمل بموسم وفير"، مستدركا: "من له عمر لا تقصّره شدة".

وعن فرضية عدم تمكنه من جني محصوله وقت حصاده، قال عبد الجواد متبسماً: "من الآن إلى وقت الحصاد يخلق الله ما يشاء، ولكن كن على ثقة، حتى لو كنت متيقناً من عدم تمكني من الحصاد، فسوف أقوم بالزراعة، فلا خيار (آخر) لدينا في حياتنا هذه".

لكن في المقابل، يمتنع قسم كبير من الفلاحين عن الذهاب إلى حقولهم، مفضلين بوارها على مجازفة الذهاب والدخول تحت خط النار.

ويمتد خط التماس بين قوات "الدولة الإسلامية" والثوار في الريف الحلبي على مساحات واسعة، وذلك لطول خط هذه الجبهة الممتدة من مدينة السفيرة شرقي المدينة، وصولاً إلى الخط الحدودي التركي شمال المدينة. وأدى هذا التطاول الجغرافي إلى صعوبة في استثمار مساحات كبيرة من  الأراضي الزراعية الخصبة في الريف الحلبي.

وتعليقاً على ذلك، أكد المهندس الزراعي معن ناصر، في حديث لـ"عربي21"، على ضخامة هذه المساحات، وخسارة الملايين من الدولارات جراء عدم استثمارها، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى الإنتاج الزراعي من كل متر مربع واحد.

وأضاف ناصر، الذي يشغل مدير "المؤسسة العامة لإكثار البذار الحرة"، أن الهطولات المطرية في هذا العام الزراعي مقبولة وتبشر بالخير، والبلاد تعاني من نقص في مخزون  محصول القمح الاستراتيجي. وقال: من المعروف أن الفرد السوري الواحد يسجل نسبة استهلاك مرتفعة من مادة القمح، والخبز الغذاء الرخيص.
التعليقات (0)