سياسة عربية

التسريبات والأحكام المسيسة تطيح بسمعة القضاء المصري

التسريبات والأحكام المسيسة تطيح بسمعة القضاء المصري - أرشيفية
التسريبات والأحكام المسيسة تطيح بسمعة القضاء المصري - أرشيفية
"الثورة القادمة ستكون ثورة على القضاء" جملة قالها المستشار أحمد سليمان وزير العدل الأسبق في مصر، لخص بها حال القضاء المصري في عام 2014.

وتعرض القضاء المصري في 2014 لأعنف هزة بعد الانتقادات العاصفة التي تعرض لها، عندما برأ الرئيس المخلوع حسني مبارك ورجاله وكل رجال الشرطة بلا استثناء، وأصدر أحكاما غير مسبوقة في التاريخ الحديث بإعدام المئات من المعارضين السياسيين.

وقبل أيام من نهاية العام 2014، أطاحت التسريبات التي أذاعتها قنوات فضائية مناهضة للانقلاب بما تبقى من سمعة القضاء المصري، بعدما ظهر في صورة من يتلقى المكالمات الهاتفية ويتلاعب في القضايا لإرضاء النظام الحاكم، وفقاً لما يرى المعارضون.

1504 أحكام بالإعدام

وشهد العام 2014 دخول مصر موسوعة الأرقام القياسية بأكبر عدد من أحكام الإعدام في العالم، وصلت إلى 1504 حكما، شملت كل قيادات جماعة الإخوان المسلمين تقريبا، وفقا لتقرير أصدرته الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.

وكانت غالبية هذه الإعدامات، في قضايا سياسية متهم فيها مناهضون للانقلاب، لم يستغرق نظرها عدة دقائق قبل إصدار حكما بإزهاق أرواح مئات المتهمين دفعة واحدة!.

وبدأ المسلسل الأسود لأحكام الإعدام في مصر يوم 16 آذار/ مارس الماضي عندما حُكم بإعدام 26 متهما بتهمة استهداف المجرى الملاحي لقناة السويس.

وفي 24 من الشهر ذاته صدر حكما بإعدام 529 متهما من المنيا في قضية اقتحام مركز شرطة مطاي وقتل أحد الضباط، وهو الحكم الذي أثار عاصفة من الانتقادات المحلية والدولية لأنه صدر من أول جلسة والتي لم تستغرق سوى عدة دقائق فقط، وسط اتهامات للقضاء المصري بتحوله إلى ذراع باطشة للنظام الحاكم.

وقبل أن يستوعب المصريون والمجتمع الدولي هذا الحكم، عاد القضاء المصري وحكم في 28 نيسان/إبريل على 683 متهما بالإعدام في قضية اقتحام وحرق مركز شرطة العدوة بالمنيا، ضاربا بكل الانتقادات عرض الحائط.

وفي 19 حزيران/يونيو حُكم بإعدام 14 متهما للمفتي في قضية مسجد الاستقامة، على رأسهم مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع.

وفي الشهر التالي أيدت محكمة شبرا الخيمة الحكم بإعدام 10 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في قضية قطع الطريق الزراعي بقليوب من بينهم المرشد وزير التموين السابق باسم عودة.

وفي آب/ أغسطس أيدت محكمة جنايات الجيزة الحكم بإعدام 13 متهما في القضية المعروفة إعلاميا بـ"أحداث كرداسة"، كما حكمت محكمة عسكرية في الشهر نفسه بإعدام 7 متهمين في قضية "عرب شركس" للمفتي، وهو أول حكم بالإعدام يصدر من محكمة عسكرية هذا العام.

وفي الثاني من كانون أول/ ديسمبر حكمت محكمة جنايات الجيزة بإعدام 185 متهماُ للمفتي لإدانتهم بقتل ضباط وأفراد قسم شرطة كرداسة.

براءة مبارك ورجاله

وجاء هذا الحكم الصادم بعد يومين فقط من تبرئة القضاء المصري للرئيس المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من مساعديه في قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة يناير.

واستقبل المصريون هذا الحكم بلا مبالاة، في مشهد عكس إلى حد كبير توقعاتهم من القضاء المسيس الذي يسيطر عليه رجال مبارك، بحسب مراقبين.

 بينما تعجب آخرون من القضاء الذي برأ مبارك بعد 30 عاما من الفساد وقتل الثوار في قضية استغرقت نحو أربعة أعوام، في حين يُحكم بالإعدام على المئات في جلسة واحدة فقط.

تسريبات فاضحة

وفي الأسبوع الأخير من ديسمبر نشرت قناتا "مكملين" و"الشرق" تسريبات من مكتب عبد الفتاح السيسي حينما كان وزيرا للدفاع أظهرت تواطئا كاملا من النيابة والقضاء مع السلطة التنفيذية لتزوير الأدلة والتدخل في القضايا لتبرئة متهمين وإدانة آخرين.

وعصفت تلك التسريبات بما تبقى من سمعة القضاء المصري التي اهتزت بشدة منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013، وما تلاه من أحكام مسيسة وقاسية ضد المعارضين للنظام من كافة الانتماءات، بحسب مراقبين. 

وفي التسريب الأول عكف قادة المجلس العسكري على تزوير مكان احتجاز الرئيس محمد مرسي ليبدو وكأنه إجراء قانوني بعد نصيحة من النائب العام هشام بركات.

وفي التسريب الثاني يطلب اللواء عباس كامل مدير مكتب عبد الفتاح السيسي من ممدوح شاهين عضو المجلس العسكري التوسط عند النائب العام للتلاعب في قضية مقتل 37 سجينا في قضية أبو زعبل، وفي الثالث يتوسط كامل لدى النائب العام لرفع حظر السفر عن نجل الكاتب محمد حسنين هيكل المتهم في قضية فساد.

وقبل يومين من انقضاء عام 2014، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لقاض مصري يشغل منصب نائب رئيس مجلس الدولة في أوضاع مخلة مع فتيات ساقطات بإحدى الدول الآسيوية، لتؤكد الصورة الذهنية السيئة التي انطبعت في عقول كثير من المصريين عن فساد القضاة، حسبما يرى مراقبون.

يسقط قضاء السيسي

ونشرت حركة "الاشتراكيون الثوريون" صورة على صفحتها الرسمية على "فيس بوك"، تهاجم القضاء المصري، وكتبت "يسقط قضاء السيسي.. الحرية لكل المعتقلين" تعليقا على حبس 23 ناشطا يوم الأحد الماضي، لمدة عامين في قضية مسيرة الاتحادية بتهمة التظاهر دون تصريح.

من جانبها، قالت حركة شباب "6 أبريل": "عندما يحكم على شباب جامعي بالسجن عامين لأنه عبر عن رأيه، وفي نفس الوقت يبرأ ضباط قتلوا 36 سجينا في قضية أبو زعبل، فيمكن أن نقولها بوضوح.. لا يوجد قضاء في مصر".
0
التعليقات (0)