ملفات وتقارير

نظام الأسد يخسر معسكرين استراتيجيين خلال 24 ساعة

سقوط المعسكرين يقطع طريقا أساسيا لإمداد النظام بين دمشق وحلب ويفتح طريق الثوار بين حماة وإدلب
سقوط المعسكرين يقطع طريقا أساسيا لإمداد النظام بين دمشق وحلب ويفتح طريق الثوار بين حماة وإدلب

سيطرت فصائل متعددة بينها مجموعات في الجبهة الإسلامية مثل حركة أحرار الشام،وجبهة النصرة، خلال الساعات الماضية على معسكرين لقوات النظام السوري في ريف إدلب (شمال غرب)، بعد عامين من المحاولات المستمرة من قبل الفصائل المقاتلة، في ما يشكل ضربة لمحاولات قوات بشار الأسد التقدم شمالا، كما أصبحت مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة النظام تحت ضغط الثوار.

ويقع معسكر وادي الضيف شرق مدينة معرة النعمان الاستراتيجية التي استولى عليها الثوار في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2012، بينما يقع الحامدية المحاذي لقرية الحامدية جنوب المدينة على طريق دمشق - حلب.

وتسبب سقوط معرة النعمان بقطع طريق أساسي للإمداد بين دمشق وحلب على قوات الأسد. ومنذ ذلك الوقت، حاولت قوات النظام السوري مرارا استعادة المدينة، فيما سعت فصائل متعددة على مدى عامين إلى إسقاط المعسكرين، دون أن تنجح في ذلك.

ويرى خبراء أن سقوط المعسكرين اليوم سيصعّب على قوات الأسد استعادة معرة النعمان أو التقدم نحو الشمال السوري من وسط البلاد، وتحديدا من حماة، بينما ستفسح السيطرة عليهما الطريق أمام الفصائل المقاتلة وجبهة النصرة، لتوسيع نفوذها في هذه المنطقة التي تفرض سيطرتها عليها تدريجيا منذ أسابيع.

كما أن خسارة المعسكرين الاستراتيجيين قد تعبد الطريق وفقا للخبراء أمام جبهة النصرة والكتائب الإسلامية الأخرى للتقدم نحو مدينة إدلب، وهي المدينة الوحيدة المتبقية تحت سيطرة النظام في هذه المحافظة، أو حتى حماة جنوبا.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: "سيطرت جبهة النصرة وتنظيم جند الأقصى وحركة أحرار الشام على معسكر الحامدية بشكل كامل عقب اشتباكات عنيفة مع قوات النظام التي انسحبت باتجاه بلدتي بسيدا ومعرحطاط" جنوبا. وفي وقت لاحق أفاد نشطاء أن المجموعات المقاتلة اقتحمت قرية بسيدة التي فر إليها عناصر النظام السوري وألقت القبض على عدد منهم.

كما ذكر المرصد في بريد إلكتروني أن المهاجمين تمكنوا "من أسر 15 عنصرا من قوات النظام بينهم ضابط على الأقل"، في حين نفذ الطيران الحربي ما لا يقل عن 17 غارة على منطقة معسكري وادي الضيف والحامدية، وقصف الطيران المروحي بثلاثة براميل متفجرة على الأقل المنطقة ذاتها.

وقبيل سقوط معسكر الحامدية في أيدي الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة، خرج معسكر وادي الضيف القريب عن سيطرة قوات النظام، إثر هجوم كاسح للفصائل المقاتلة.

وأوضح المرصد في بريد إلكتروني: "سيطرت جبهة النصرة مدعومة بتنظيم جند الأقصى على معسكر وادي الضيف ومحيطه بريف مدينة معرة النعمان، بعد هجوم عنيف بدأتاه صباح أمس، تمكنتا خلاله من السيطرة على حواجز ومواقع قوات النظام داخل المعسكر ومحيطه".

وأعلنت جبهة النصرة على أحد حساباتها على موقع "تويتر" سيطرتها على المعسكر، لكنها شددت على أنها "الفصيل الوحيد المشترك في تحرير وادي الضيف"، مشيرة إلى أن مقاتليها يفككون ألغاما في المعسكر و"يطاردون" الجنود السوريين الذين غادروه.

من جهته، نقل التلفزيون السوري في شريط إخباري عاجل عن مصدر عسكري قوله إن "وحدات من الجيش تخوض معارك عنيفة في منطقة الحامدية في ريف إدلب بعد تنفيذها إعادة انتشار في منطقة وادي الضيف صباح اليوم".

وبدأ هجوم الفصائل المقاتلة على معسكر وادي الضيف أمس الأحد، إلا أن قوات النظام السوري تمكنت من صد الهجوم في بدايته، وقد تخلل ذلك اشتباكات عنيفة قتل فيها 31 جنديا من قوات النظم على الأقل و12 من المهاجمين.

وأكد مصدر في حزب الله اللبناني الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري في عدة مناطق من سوريا، في تصريح لصحفيين اليوم الاثنين، أن معسكر وادي الضيف سقط في أيدي جبهة النصرة وكتائب إسلامية أخرى بعد هجوم "شارك فيه أكثر من ثلاثة آلاف مسلح".

وفي السياق ذاته ذكر المرصد السوري أن "طائرة مروحية هبطت بعد منتصف ليل الأحد/ الاثنين في منطقة معسكر الحامدية (...) ونقلت عددا من الضباط والقادة في معسكر الحامدية قبل تمكن مقاتلي جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية وتنظيم جند الأقصى من استكمال سيطرتهم عليه صباح اليوم".

ويرى توماس بييريه الخبير في الشؤون الإسلامية في جامعة أدنبره أن قوات الأسد تحاول "التقدم نحو الشمال (...) وصولا إلى قواتها المتمركزة جنوب حلب"، إلا أن خسارتها لهذين المعسكرين "سيدفعها إلى التخلي عن طموحاتها هذه" بالسيطرة على طريق طويل من حماه في الوسط إلى حلب شمالا.

ويضيف أن خسارة المعسكرين "رمزية أيضا كونهما يقعان (...) في قلب" المنطقة الأهم في سوريا التي "يدعي النظام السيطرة عليها".

كما أن هذه الخسارة تمثل بحسب بييريه "هزيمة شخصية للضابط (العقيد) سهيل الحسن" الملقب بالنمر الذي تصفه حسابات في شبكات التواصل الاجتماعي مؤيدة للنظام بأنه "الجندي المفضل" لدى الأسد، بعدما تمكن الجيش بقيادته من فتح الطريق المؤدي إلى حلب قبل نحو عام.

من جهته، يقول المحلل في مركز بروكينغز الدوحة تشارلز ليستر إن أحداث اليوم "تحمل أهمية استراتيجية كبرى، كونها قد تؤدي إلى تعبيد الطريق أمام هجوم كبير على (مدينة) إدلب وشمال حماة" من قبل الفصائل المقاتلة.

وخلال هجومها على معسكر وادي الضيف "استخدمت جبهة النصرة دبابات وأسلحة ثقيلة أخرى كانت قد استولت عليها الشهر الماضي من "جبهة ثوار سوريا" (المدعومة من الغرب)"، بينها صواريخ "تاو"، وفقا لعبد الرحمن.
التعليقات (0)