أقدمت المملكة المغربية على صياغة مشروع قانون جديد، يدخل عدة تعديلات على مواد القانون الجنائي المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وذلك بإضافة مجموعة من الأفعال ذات الصلة بمعسكرات التدريب ببؤر التوتر الإرهابية بوصفها جنايات يعاقب عليها بالسجن من 5 إلى 15 سنة وغرامات مالية تتراوح بين 50 و500 ألف درهم.
المشروع الحامل للرقم 14-86 والذي حصلت "عربي 21" على نسخة منه بشكل حصري، تم التمهيد لمقتضياته الجديدة بـ"التنامي الخطير للإرهاب وأشكاله كلما تطورت وسائل مكافحته"، وبالسياق الدولي الداعي إلى تقوية الجوانب القانونية في مكافحة الإرهاب، كما أشار مشروع القانون لبعض التجارب الدولية في هذا الإطار من قبيل تجارب دول فرنسا وبلجيكا وألمانيا وكندا.
الأفعال الجديدة التي عدها المشروع أعمال إرهابية
وضمن تلك الأفعال الجنائية التي تضمنها المشروع الذي صاغته وزارة العدل والحريات "الالتحاق أو محاولة الالتحاق بشكل فردي أو جماعي أو في إطار منظم أو غير منظم بكيانات أو تنظيمات أو عصابات أو جماعات إرهابية أيا كان شكلها أو هدفها أو مكان توجدها"، حتى لو نتج عن ذلك أعمال لم تتضرر منها المملكة المغربية.
وحيث أن عدد المغاربة المقاتلين في ما يعرف ب "داعش" يقارب 2000 مقاتل حسب أكثر من دراسة، فإن القانون الجديد اعتبر من الأفعال المعاقب عليها "تلقي تدريبات أو تكوينات كيفما كان شكلها أو نوعها ومدتها داخل أو خارج أرض الوطن أو محاو ذلك بقصد ارتكاب أفعال الإرهابية داخل المملكة أو خارجها سواء وقع الفعل أو لم يقع"
مقتضيات مكافحة الإرهاب التي نادت عديد هيئات بتغييرها أو إسقاطها، أدرجت ضمن تلك الجرائم "تجنيد أو تدريب أو دفع شخص أو أكثر من أجل الالتحاق بكيانات أو عصابات أو تنظيمات أو جماعات إرهابية داخل المملكة المغربية أو خارجها أو محاولة ذلك.
القانون الجديد أعاد النظر في العقوبات المقررة في حق كل من قام بالإشادة أو الترويج أو الدعاية للأعمال الإرهابية كما يحددها الفصل 218.5 حيث راجع العقوبات التي كانت بين الإعدام والسجن المؤبد أو ثلاثين سنة إلى عقوبة سجينة محددة مع الغرامة المالية وترك التقدير للقضاة حسب حيثيات كل نازلة ومستوى الضرر الذي يكون قد تسبب فيه الفعل الإرهابي.
زعزاع: القانون نتيجة إملاءات أجنبية
تعليقا عن مضامين القانون الجديد، تأسف المحامي والفاعل الحقوقي، عبد المالك زعزاع في حديث لـ "عربي21" لهذه التعديلات التي اعتبرها "نتيجة لتدخلات أجنبية في الشأن الداخلي" وأضاف "نحن ضد الإرهاب لكن ينبغي أن يكون في إطار احترام تام لحقوق الإنسان ويضمن شروط المحاكمة العادلة وعليه أن يلبي حاجيات داخلية".
الكاتب العام لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان قال للموقع، إن مشروع الفانون من الناحية المنهجية يعد ترقيعيا ويعقد مهمة الباحث ورحل القانون، ولا يلبي مطالب الحقوقيين بضرورة صياغة منظومة جنائية متكاملة، مشيرا إلى المطالب الوطنية المتكررة بضرورة إلغاء مقتضيات مكافحة الإرهاب لارتباطها بالأجندة الخارجية والتجاوزات التي عرفها تطبيق تلك المقتضيات عقب تفجيرات 16 ماي التي تمت بمدينة الدار البيضاء سنة 2003.
وجوابا على سؤال للموقع حول، ما العيب في التعاون الدولي للرباط مع الدول العظمى من أجل مكافحة الإرهاب؟، قال الخبير في قضايا الإرهاب وحقوق الإنسان، إن المشكل يكمن في أن المنتظم الدولي ليس به توازنات تعطي لكل بلد حقه في المكافحة، فهناك شمال وجنوب" وأضاف شارحا، "ليس هناك توازنات أو ندية بل إملاءات من طرف ما يسمى بالدول الدركية.
زعزاع قال في نفس الإطار "إن الإرهاب لا لون له ، والأخطر هو الإرهاب المنظم الذي تمارسه القوى العظمى على الشعوب المستضعفة، مشيرا لكون العديد من التوترات الإرهابية التي تشهدها عدة مناطق هي نتيجة لإرهاب الدول العظمى على الشعوب، مشيرا في هذا الصدد لتجارب أفغانستان والعراق.
يشار إلى أن مقتضيات قانون مكافحة الإرهاب بالمغرب وجهت لها انتقادات عدة من طرف الهيئات الحقوقية والسياسية، مطالبين بإسقاطه في أكثر من مناسبة، بالنظر للتجاوزات التي رصدوها حوله.
كما كان العاهل المغربي محمد السادس من بين المتحدثين عن التجاوزات التي أعقبت أحداث 16 مايو 2003 في صلة بمكافحة الإرهاب في حوار له سنة 2005 مع جريدة "إلباييس" الإسبانية.