كتبت موناليزا فريحة: كدنا نعتقد أن معاقبة الغرب الرئيس بشار الاسد على استخدام الاسلحة الكيميائية والسماح له في المقابل بكل أنواع الاسلحة الاخرى هي أسوأ سياسة يمكن أن يعتمدها المجتمع الدولي حيال سوريا، ولكن يبدو أننا على خطأ. وقد نكون مقبلين على ما هو أسوأ.
الصيف الماضي، نجح الرئيس فلاديمير
بوتين في انقاذ الاسد، بعدما كان الرئيس باراك أوباما يستعد، وإن مرغما، لتوجيه "ضربات جراحية" الى نظامه. وبين ليلة وضحاها، تحول الاسد من رئيس "يجب أن يرحل" الى شريك اساسي في عملية تفكيك الترسانة الكيميائية لبلاده، وأطلقت يداه في استخدام كل الترسانات الاخرى ضد مدن سوريا وقراها، من الغارات الصاروخية الى غارات البراميل. وبعد بوتين، ها هو "الخليفة ابرهيم" يتيح له فرصة جديدة، لتعزيز هذه الشركة مع الغرب، ليضطلع بدور "المكافح"
للارهاب الذي طالما ادعى أنه ضحية له.
منذ مطلع السنة، كثر الحديث عن احتمال اعادة مد جسور بين واشنطن والنظام السوري، بحجة تمكين وكالات الاستخبارات الغربية من اختراق الجماعات المتطرفة، وفي مقدمها "داعش" والمساعدة في تحديد هويات مئات الجهاديين الغربيين الذين يتدفقون الى سوريا. ومع تدهور الوضع في العراق أخيراً، تطور النقاش داخل الادارة الاميركية الى ما اذا كان ينبغي اعتماد استراتيجية جديدة حيال سوريا، والتراجع عن الهدف المعلن وهو، ازاحة الاسد، والدخول في تحالف أمر واقع مع نظامه، لمحاربة ما صار "الدولة الاسلامية" والجهاديين الاخرين.
يدرك مسؤولون أميركيون، وخصوصا أولئك الذين عملوا في سوريا والعراق، أن نظام الاسد وفّر خط ترانزيت رئيسياً للجهاديين الذين قتلوا الاف الجنود الاميركيين في العراق، وهو لم يتوان عن مد "داعش" لاحقاً بحفنة متمرّسة من المقاتلين أطلقهم من سجن صيدنايا وغيره. لا بل يجادل بعضهم بعدم إمكان حل مشكلة التطرف في المنطقة الا بازاحة الاسد. ففي رأيهم ان بشار الاسد ليس مغناطيسا للارهاب فحسب، بل ان نظامه والمتطرفين يعملون معاً داخل سوريا.
ليس واضحا علام يعول الداعون الى التحالف مع الاسد لمحاربة المتطرفين في حين لم تفتح قواته جبهة واحدة ضد "داعش" ولا قصفت قاعدة له على أراضيها. بل إن "داعش" نفسه نجح في التوسع وتجنب الخسائر البشرية والمادية عندما تفادى المواجهات مع قوات النظام، حتى إنه لم يتوان عن بيعه النفط لتمويل عملياته ضد الفصائل الاخرى.
لعل خطورة الوضع في العراق وسوريا كما خارج حدودهما تفترض مقاربة استثنائية للتعامل مع الوضع. لكنّ التعامل مع النظام لن يؤدي في أي حال الى لجم "داعش" الذي يشكل صعوده السريع نتيجة مباشرة لممارسات الاسد.
(النهار اللبنانية)