رغم إقدام السلطات المصرية على إغلاق مكاتب شبكة الجزيرة الإخبارية بالقاهرة، واعتقال مراسيلها، وشن حملة إعلامية لشيطنة القناة، إلا أنه يبدو أن "الجزيرة" لاحقت الجنرال السيسي وسفراءه في كافة أنحاء المعمورة.
وفي
بريطانيا، باتت كما يبدو مهمة
السفير المصري أشرف الخولي صعبة في إقناع الإنجليز بالتحول الديمقراطي، وبدولة الحريات التي كان يبشر بها البريطانيون عقب انقلاب الثالث من تموز/ يوليو، وحاول بمبررات عدة إقناع الخارجية البريطانية بأن انقلاب الجيش في مصر على الرئيس المنتخب وسيلة غايتها استعادة الحرية التي اختطفها الإخوان المسلمون.
الخولي حاول عبر القنوات المصرية القول إن استدعاءه من قبل الخارجية البريطانية هو إجراء دبلوماسي طبيعي للتعبير عن القلق، و"الرفض المهذب" على حد وصفه، إلا أن بيان الخارجية البريطانية أوضح أن الرجل كان ربما في موقف لا يحسد عليه.
وفي تصريحها لـ"عربي21" قالت الناطقة باسم الخارجية البريطانية فرح دخل الله، إن وزير الخارجية وليام هيج استنكر بشدة الأحكام التي صدرت بحق صحفيي الجزيرة، وكذلك الإعدامات لـ 183 شخصًا.
وأضافت دخل الله أن بريطانيا تنظر لهذه الأحكام على أنها تقوض الثقة الدولية بفرص إحلال الاستقرار السياسي في مصر، وأكدت أن لندن تشعر بالقلق إزاء حال حقوق الإنسان في مصر.
ولعل الصفعة الأخرى للعربي هي نص حديث الناطقة باسم الخارجية البريطانية التي قالت إن "المملكة المتحدة تعتقد بأن أفضل سبيل كي يتمكن المصريون من تحقيق أهداف "ثورة يناير 2011" هو من خلال عملية سياسية جامعة تستطيع كافة الجماعات السياسية المشاركة بها". ويبدو في النص غياب أي إشارة لما سمي بـ"ثورة 30 يونيو"، وربما يستخلص من هذا النص أمرين مهمين، أولهما أن بريطانيا ربما تعترف فقط بـ25 يناير على أنها ثورة شعبية، كما أنها من جهة أخرى تدعو لإشراك كل القوى السياسية للمشاركة في عملية سياسية جامعة في تعارض تام مع الموقف المصري الرسمي الذي يصر على إقصاء الإخوان المسلمين وعدم مشاركتهم في أي عملية سياسية.
وما يدحض حديث السفير المصري أيضا بأن بريطانيا ليست غاضبة، هو حديث وزير الخارجية ذاته الذي حصل "عربي21" على نسخة منه، وفيه يقول وقد ورد في مذكرته الرسمية الصادرة عن الخارجية: "أشعر بالقلق بشكل خاص من أوجه القصور الإجرائية غير المقبولة أثناء عملية المحاكمة للصحفيين البريطانيين، بما في ذلك أدلة الإثبات الرئيسية، كما أنه لم تتح لفريق الدفاع فرصة الدفاع". ويضيف الرجل أن "حرية الصحافة هي حجر الزاوية في أي مجتمع مستقر ومزدهر"، وينهي بالقول أنه أوعز لذلك باستدعاء السفير المصري.
وكانت منظمة
العفو الدولية قالت في بيان لها، إن إدانة ثلاثة من صحفيي فضائية الجزيرة من العاملين في القناة التي تبث بالإنجليزية، عقب اتهامهم "بتلفيق الأخبار" وبالانتماء إلى حركة "الإخوان المسلمين" المحظورة في مصر أو تقديم العون لها، يشكل هجمة ضارية على
الحرية الإعلامية.
وتعليقاً على الأحكام، قال
فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن "هذا الحكم يلحق الدمار بالصحفيين وأسرهم، وإنه ليوم مظلم لحرية الإعلام في مصر عندما يُلقى بالصحفيين وراء القضبان ويوسمون بأنهم مجرمون أو إرهابيون، لا لشيء إلا لقيامهم بعملهم".
ويبدو أن كل هذه الإدانات من الخارجية البريطانية مضافا إليها البيان شديد اللهجة لمنظمة العفو الدولية التي تتخذ من لندن مقرا لها، سيصعبان من مهمة الخولي الذي حاول عقب الانقلاب العسكري بمصر وصف الإخوان المسلمين بأنهم "جماعة نازية"، ولاقت تصريحاته وقتها إدانات شديدة.