يبدو المشهد السياسي
اليمني أكثر اضطرابا من ذي قبل، فبالإضافة إلى التحديات الاقتصادية المتصاعدة، تنامت الصراعات المسلحة بين قوات الجيش والمليشيات المسلحة في البلاد، ما جعل بعض الساسة يطلقون نداء عاجلا لإعداد خارطة طريق جديدة تنقذ اليمن من الانهيار .
ويرى مراقبون أن تعثر التسوية السياسية في إنجاز الكثير من الاستحقاقات ساهم بشكل كبير في تفجير صراعات رحلتها المبادرة الخليجية التي وقعت عليها أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر الشعبي الحاكم آنذاك .
الأكاديمي والباحث السياسي اليمني نجيب غلاب، أكد بأن "التسوية السياسية أدت وظيفتها وبشكل رائع وأن تجميدها يؤدي إلى إضعاف منجزاتها، والتعثر الذي حدث في مسارها الزمني كان إجباريا".
وأضاف غلاب لـ"عربي 21" بأن المعطيات على الأرض "تثبت بأن التسوية السياسية بحاجة إلى تسوية لا تهدد جوهرها، وإنما تنقلها إلى أفق يلاءم المرحلة وبعمل على ضرب مرتكزات الفساد في المؤسسة العسكرية والأمنية ".
وأشار بأن "استمرار التسوية بالاستناد على آلياتها التقليدية، خلق صراعات عبثية ونزاعات أضعفت مؤسسات الدولة وحاصرت الإرادة الرئاسية وساهمت في تفشي الفساد، بالإضافة إلى إعادة إنتاج المنظومات الفاسدة وقوة من عضدها "على حد وصف غلاب .
من جانبه رأى الكاتب والمحلل السياسي عبدالناصر المودع أن "التسوية السياسية التي رعتها المبادرة الخليجية أحدثت تغيّرا في موازين القوى" مشيرا إلى أن هذا التغير "كان اتجاه المزيد من تشتت السلطة وبعثرتها في اتجاهات كثيرة".
وأضاف المودع مؤكدا لـ"عربي 21" أن "ظهور قوى جديدة ،أهمها
الحوثيين والرئيس هادي ،إلى جانب الكتل السابقة مثل المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك يستدعي منح تلك القوى الجديدة حصة في السلطة وهذا بحد ذاته سيعقد الصراع السياسي".
وأوضح بأنه "نتيجة لتدهور الأوضاع بشكل يُـقرب الدولة من حالة الانهيار والفوضى فإن الأطراف قد تضغط باتجاه القبول بتسليم السلطة لحاكم قوي يلغي حالة التسويات بغرض إنقاذ الدولة".
ويذهب الصحفي مأرب الورد إلى القول بأن " أسوأ ما انتهت إليه ثورة 11 فبراير 2011، قبولها بتسوية سياسية، صيغت بعناية تجعل من التغيير ملائما لمصالح دول الإقليم والغرب من خلال تغيير وجه رأس النظام القديم وتصعيد نائبه الذي ينتمي لحزبه الذي ثار الشعب ضده إلى منصب الرجل الأول وهو ما يفسر دعمه بشكل غير مسبوق".
ولفت الورد لـ"عربي 21" إلى أن اليمن دخلت بسبب التسوية السياسية "تحت الوصاية الدولية وما تبعها من قرارات مجلس الأمن ووضعها تحت الفصل السابع، ما يعني أننا بحاجة إلى بناء نظام سياسي جديد عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة ، لتجاوز مرحلة
العنف والتردي الاقتصادي الذي يسود البلاد".
وشدد على ضرورة التسريع بإنجاز الدستور والاستفتاء عليه، وإنجاز السجل الانتخابي الإلكتروني، ليتسنى لنا إخراج اليمن من "عنق الزجاجة".