قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن بشار
الأسد الذي ترشح للرئاسة ويعد بإنهاء المتمردين مع نهاية العام سيواجه تحديا كبيرا سيكون نابعا من الجماعات التي دعمته والتي تعتقد أنها لن تستفيد من بقائه.
ويقول بعض الموالين للأسد إن السوريين الذين حافظوا على نظام الأسد أصبحوا يدركون أنه يعتمد عليهم للبقاء، وسيحاولون المطالبة بحصة أكبر من السلطة إن شعروا بزوال خطر الانتقام من المتمردين.
وتشير الكاتبة آن برنارد إلى ما كتبه يزيد صايغ، المحلل في معهد كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، حيث قالت إن انتصارا قصير الأمد للأسد "قد يكون الأمر الوحيد الذي سيعبد الطريق لمعارضة جادة تخرج من داخل دوائره الاجتماعية وقاعدته المؤسساتية".
فالأسد مدين في بقائه للقوة والتماسك والتضحيات التي قدمتها مجموعتان متداخلتان: أبناء الطائفة العلوية المتواجدون بنسبة عالية في قيادة وخدمة الجيش والأمن. وقيادات الجيش البارزة من طوائف مختلفة، والذين عانوا خسائر كبيرة في الحرب، وشعروا أحيانا بخيبة الأمل من سياسات الرئيس، وبدأ بعضهم بالحديث عن أنه يحق لهم التمتع بمزيد من الرخاء والفرص التي يتمتع بها القريبون من الأسد والمرتبطون به.
وتشير الصحيفة إلى ما قاله رجل في منتصف عمره في دمشق له أصدقاء في الجيش والحكومة وعلم حديثا أن أحد الضباط من أصدقائه قتل في المعركة، فقال معلقا على الخبر إنه وعندما يأتي النصر، وهو يأمل ذلك، فإن أقوى مؤيدي الأسد سيرسلون له برسالة يحتفظون بها: "عليك أن تدفع لكل هذا".
و"لخطورة هذا الكلام في
سوريا تمت مقابلة هذا الرجل وآخرين غيره لهذا المقال، حيث اشترطوا عدم ذكر أسمائهم".
ويصف التقرير مواقف العلويين الموالين للنظام وأفكاره -بمصطلحات يرددها عدد قليل متزايد من العاملين في المؤسسة الأمنية- حيث قال: "أعطينا كل شيء، كل شيء. ولن نعطي هذه الهدية لبشار الأسد خذنا وخذ البلاد وافعل ما تشاء؟"
وأضاف: "لأننا نقاتل من أجل بلدنا .. وليس لأجل الرئيس".
وتضيف الصحيفة "مع أن الجيش يأخذ معظم مجنديه من الأغلبية السنية إلا أن العمليات الخطيرة توكل إلى الوحدات الخاصة التي تتألف في معظمها من علويين، هذا بالإضافة للعلويين الذين انضموا إلى الميليشيات الحكومية، ولا يدري أحد كم مات منهم، فالحكومة لم تصرح عن قتلاها الذي يقدرون بمئات الآلاف".
وتواصل الصحفية قولها "في بعض القرى العلوية يقدر السكان بأنهم خسروا 10% من رجالها، وبعض المقاتلين الشباب يقلبون الصور على أجهزة الهاتف المحمول معهم، ومنها صور قتلى أصدقاء أو أقرباء لهم وبين هذه الصور أحيانا صور لجرائم ارتكبها هؤلاء نيابة عن الحكومة، من جثث ممثل فيها أو تجهيز لبراميل المتفجرات".
وهناك كثير من العلويين وضباط الأمن يقولون بأن الصراع زاد من إعجابهم بالأسد، حيث يرونه وقف وواجه عالما معاديا وسيكون من الصعب على العلويين أن أي شخص من الداخل يمكن أن يتحرك ضد الأسد بالسلاح أو بدون سلاح، فعلى مدى 40 عاما أبدى هو وأبوه حافظ الأسد براعة في عدم السماح لظهور قيادة علوية جديدة، وبنوا أجهزة مخابرات قوية لمنع حصول انقلاب.
ولكن المحللين بمن فيهم صايغ يقولون إنه إذا ظهرت المعارضة بين مؤيدي الأسد فلن يستطيع قمعها بالقوة حيث أعطى هذه المهمة لتلك المجموعات لإبقائه في الحكم.
وبحسب مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين فقد اتصل بهم ثلاثة على الأقل من قلب النظام السوري -مسؤولون علويون كبار أو أقاربهم- وأخبروهم بأن العلويين يحسون بأنهم في مصيدة، وهم متضايقون من الأسد، ولكن لا يستطيعون الوقوف بوجهه عندما يحسون بأن وجودهم مهدد.
وقال رجل أعمال علوي من عائلة لها نفوذ في المجال الأمني، إن هؤلاء الناس يعتقدون بأن المتمردين يريدون القضاء عليهم بسبب التطرف الديني أو لأنهم يرون أن العلويين مذنبين بعلاقتهم بالأسد، ولكن إذا هدأ الخطر فقد يواجه الأسد معارضة علوية منظمة لم تحدث منذ أن استولى أبوه على الحكم عام 1970. وفي هذه الحالة سيتجمع
العلويون ويرفضون البقاء في جيب الأسد.
وهناك بعض العشائر العلوية التي نظرت باستياء إلى عائلة الأسد كعائلة حديثة الثراء وليس لها تايخ يميزها، وازداد هذا الاستياء عندما تم تجنيد شباب طائش، ينظر إليهم على أنهم سيئو الأخلاق، في ميليشيات الدولة.
ويقول فريدريك هوف، المسؤول عن ملف سوريا في إدارة أوباما حتى عام 2012، إن علويا يعتبر مهما لجهاز الدولة وصف له "التعاسة" التي تعيشها طائفته والتي تشعر أنها "متورطة بجريمة ومحاصرة من قبل عشيرة بائسة"، لكنها في الوقت ذاته خائفة من المتمردين".
وأضاف هوف أن "شخصيات مشابهة أخرى قالت لأمريكا كلاما مشابها، ومع أن بعضهم لاموا الأسد لأنه لم يضرب أعداءه بقوة أكبر ومن زمن أبكر، إلا أن آخرين كانوا منزعجين من أنه لم يقدم تنازلات سياسية كبيرة لتجنب وقوع صراع تسبب في شيطنة طائفتهم، وهو لحد الآن لم ينبس بكلمة ندم واحدة".
وقال رجل الأعمال إن الطريق الوحيدة للانتقال السياسي مع إبقاء تركيبة الدولة، وهو الهدف الأمريكي المعلن، هو إقناع الأسد بالتنحي ربما بعد سنوات لعلوي آخر يستطيع أن يطمئن قوات الأمن بأن بإمكانهم وقف القتال دون انهيار في الأمن.
وقال هوف إن فكرة أن يتخلى الأسد من ذاته عن السلطة أو يشاركها مسألة غير واردة "ولا أظن أن بشار أو من معه قلقون حول مستقبل الطائفة العلوية".
وفي العلن يختلط العزاء العلوي بالتفاخر والوطنية، ففي أحد الجنائز، بحسب كلام رجل الأعمال، قام رجل كبير بالعيب على أولاده وعبر عن خجله لعدم موت أي من أولاده.
و"حتى في القرداحة، قرية عائلة الأسد، فهناك تذمر. ففي الخريف الماضي همس لي صاحب دكان في دكانته أنه وبعد تضحياتهم يريد الناس أن يقبضوا الثمن مثل الحصول على وظائف وانتهاء الفساد".
واشتكى العلويون في المناطق الساحلية، في الفترة الأخيرة من أن تركيز الأسد على حماية دمشق يتركهم عرضة للهجوم، وهناك تقارير بأن الميليشيات الحكومية التي شكلت لحماية قراهم ترفض الأوامر بالتحرك إلى مكان آخر.