توصلت أبحاث كشف النقاب عنها يوم الخميس إلى تحديد الخلايا العصبية في مخ
ذبابة الفاكهة المسؤولة عن سلوك الحشرة حتى وهي في طور اليرقة وهو الأمر الذي يعضد احتمالات أن يصبح بمقدور علماء الأعصاب وضع "أطلس" شبيه بذلك بالنسبة للبشر.
ويمثل هذا الكشف تطورا في سياق الربط بين الخلايا العصبية التي تباشر عملها حين يأتي الناس بأفعال محددة وربما حين يشعرون بانفعالات ما أو يبصرون الأشياء أو يسمعون الموسيقى أو عندما تتبادر الأفكار إلى أذهانهم.
ووضع أطلس لمخ الإنسان أحد أهداف مبادرة أطلقها الرئيس الأمريكي باراك
أوباما منذ عام حجمها 100 مليون دولار ويطلق عليها اسم (برين) فيما ينعش التطور الخاص بذبابة الفاكهة الآمال بان بات بالإمكان التعامل مع سيل منهمر من المعلومات سيتمخض عنها هذا البرنامج.
وقال أرافينثان صمويل عالم الفيزياء بجامعة هارفارد الذي يستعين بتقنيات ونماذج حسابية يطبقها على مخ الكائنات الصغيرة والذي لم يشارك في هذا البحث "هذه الدراسة تجيء في اطار طفرات هائلة في مجال بيولوجيا الأعصاب حيث يتعين علينا أن نتعامل مع كم ضخم من المعلومات لذا فان الأمر يبعث على التفاؤل أن نراقب ما سوف يأتون به."
وخلال هذه الدراسة استهل العلماء -تحت إشراف خبيرة الأحياء مارتا زلاتيتش من مركز بحوث جانيليا فارم التابع لمعهد هاوارد هيوز الطبي في فرجينيا- العمل بتنشيط عدد من الخلايا العصبية في يرقة ذبابة الفاكهة المعروفة باسم الدروسوفلا بالاستعانة بتقنيات تستخدم الضوء لتنشيط بعض هذه الخلايا. ونشرت نتائج الدراسة في دورية (ساينس).
وبعد ذلك قامت العالمة زلاتيتش وفريقها البحثي بجمع تسجيلات بالفيديو تضمنت آلاف الساعات لكيفية سلوك 37780 يرقة من ذبابة الفاكهة في سياق الاستجابة لكل عملية تنشيط على حدة. ورصد الباحثون جميع حركات اليرقات المختلفة.
وبعد ذلك ومن خلال برمجيات أعدت خصيصا لهذه الدراسة لتحليل كميات هائلة من البيانات التي تضمنتها التسجيلات نجح عالم الرياضيات كاري بريب من جامعة جونز هوبكنز من رصد 29 سلوكا مختلفا أتت بها اليرقات من الزحف إلى الأمام والى الخلف إلى الدوران يمنة ويسارا وما شابه ذلك.
جاءت النتيجة في صورة أطلس للخلايا العصبية التي نتج عن تنشيطها مختلف الحركات التي أتت بها يرقات ذبابة الفاكهة. وعلى سبيل المثال فان خليتين عصبيتين في قاع مخ يرقة ذبابة الفاكهة كانتا هما المسؤولتان عن معظم حركات الدوران لليرقة.
ويكتسب مشروع (برين) قدرا لا بأس به من الجدوى العلمية ليس لمجرد أن هذه اليرقات قادرة على الإتيان بالكثير من أنواع السلوك بل لأن مخها وحبلها العصبي يتألف من عشرة آلاف خلية عصبية فقط مقارنة بمخ الإنسان الذي يضم نحو 86 مليار إلى 100 مليار خلية عصبية.
وقالت زلاتيتش "يمكن تصنيف الخلايا العصبية حسب القرارات وأنواع السلوك الناجمة عنها."
وفي نهاية المطاف فان مثل هذا الأطلس الخاص بسلوك الخلايا العصبية يمكن أن يقترن برسم تخطيطي واضح للمخ فيما أوشك علماء بيولوجيا الأعصاب على الانتهاء من وضع أطلس متكامل لمخ الفأر.