زعم الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس "الدعوة السلفية"، المنبثق عنها حزب "النور"، وأحد أبرز القيادات السلفية بمصر، أن الدماء التى سالت خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة غير مؤثرة على شعبية المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع (قائد الانقلاب) بالنسبة إلى مجموع الشعب المصري، على حد تعبيره.
وأكد أن المشير السيسي والقيادة تقول إنها لم تعط أوامر بالقتل بهذه الطريقة العشوائية، مضيفا أن ما حدث كان نتيجة رفع السلاح من جانب المتظاهرين، وأنه إذا ثبت أن شخصا قتل ظلما يتم تعويض أهله بالدية الشرعية؛ لأن القصاص فى هذه الأحوال شبه مستحيل طبقا للضوابط الشرعية، على حد تعبيره.
وقال في حوار مع جريدة "التحرير" المصرية الأربعاء إن المشير عبد الفتاح السيسي ناجح فى إدارة المؤسسة العسكرية التي ينتمي إليها، ونال حب من حوله، وله شعبية كبيرة فى الأرض، مضيفا أن المستشار عدلي منصور (الرئيس المعين من قبل العسكر لإدارة البلاد) يتولى المرحلة الانتقالية، وحريص على مصلحة البلاد، وزاهد فى منصب الرئاسة!
وتابع أن قضية الدماء ستؤثر على شعبيته (السيسي) لدى أبناء التيار الإسلامي، وأنه لو تم حل هذه المشكلة عن طريق الإسراع في التحقيقات وإظهار الجناة وتقديمهم للمحاكمات ستتغير شعبيته بالطبع لدى التيار الإسلامي.
ودافع عن مشاركته في خارطة الطريق بالقول: "ما زلنا نقول إن عدم مشاركتنا في خارطة الطريق كانت ستؤدي إلى إراقة دماء أكثر، ولزادت أعداد القتلى، لأن البعض كان يدفع إلى الوصول إلى النموذج السوري، وكانت هناك محاولات جادة لذلك".
الزعم بتكفير الإخوان للمجتمع
وهاجم ياسر برهامي جماعة الإخوان المسلمين فقال: "لدي شواهد صحيحة تؤكد أن قيادة الإخوان الحالية يبطنون تكفير المجتمع بالفعل، ومن هذه الشواهد سعيهم لطرح عشرة مشاريع حاولوا تنفيذها كنوع من العقوبة الجماعية للمجتمع الجاهلي، كما يسميه سيد قطب.
وضرب أمثلة لتلك المشروعات بزعمه فقال إنها مثل مشروع «عطل عربيتك»، وحملة «اتفسح بجنيه» لتعطيل المرور، ومشروع «وقع شبكة» لتعطيل الاتصالات والشبكات، وحملة «لِم الدولار» لإسقاط الاقتصاد، ومشروع «شغل المكيف وجميع الكهرباء» لإسقاط شبكة الكهرباء، و «افتح صنابير المياه لإسقاط شبكة المياه وخدمتها»، و «اسحب رصيدك» لإسقاط النظام المصرفي، والامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء والماء والغاز لإسقاط الاقتصاد والدولة، وقطع الطرق والشوارع الساعة 7 صباحا لتعطيل الأعمال والموظفين، و «لِم الفكة» لتصعيب التعامل اليومي على المواطنين، إضافة إلى مهاجمة الشرطة، والجيش وإعلان الجهاد ضدهما، وطلب التدخل الأجنبي، والتحريض على انقسام الجيش، وتمنى احتلال إسرائيل لسيناء ومصر، والتصريح بأن الذين خرجوا على مرسي ارتكبوا الشرك الأكبر، وغيرها من تصريحات القادة التي تعد دليلا واضحا على معاداة المجتمع، والسعي لهدم الدولة بأسرها، ودخول الشعب في اقتتال داخلي!
هجوم على تحالف الشرعية
واعتبر برهامي أن "التحالف الوطني لدعم الشرعية" جزء من الأزمة، حتى يغير موقفه من المطالبات غير المقبولة التى تجاوزها الواقع بالاستفتاء على الدستور، الذى يعني الموافقة على خارطة الطريق، على حد تعبيره، مطالبا إياهم بأن "يتجاوبوا مع هذه الجموع التي خرجت، ووافقت على الدستور، وأن الإصرار على محاولات هدم الدولة والمجتمع لا بد أن تتوقف، وكذلك المظاهرات المعطلة لحركة المجتمع، على حد تعبيره.
واتهم التحالف بأنه يطرح مطالب غير مقبولة، ويسميها مبادرات، مثل مطالبتهم بأن يخرج مرسي من السجن، ويعلن تفويضه شؤون الحكم لأحد ما، وتقديم استقالته، متسائلا: من الذى يقبل هذا الكلام؟
وتابع: "إن أفضل أحوال مرسي أن تتم تبرئته من التهم المنسوبة إليه، لا أن يخرج، ويقدم استقالته، وإلا فلن يكون هناك قيمة لكل ما حدث، خصوصا أن ما يسمونه مبادرات تتضمن المطالبة بحق التظاهر، والاستمرار فيه، ويسمونها سلمية، وفى الحقيقة لم تخل مظاهرة من عنف مثل المولوتوف، وحرق الناس، وعربات الشرطة"، بحسب مزاعمه.
حزب النور وبروتوكول الأوقاف
وعن حزب النور قال برهامي إن اسمه حزب النور، لا حزب النور "السلفي". وأضاف: "أرفض إطلاق لفظ "السلفي" على الحزب، لأنه حزب سياسي، وهذا الحزب يدخله كل المصريين ما داموا مقتنعين ببرنامجه ومبادئه التي من بينها إعلاء مرجعية الشريعة الإسلامية، ولدينا أقباط داخل الحزب، وبعضهم من المؤسسين"، كما قال.
وأشار إلى أن الحزب يستعد لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بالبحث عن الكوادر الحزبية المتميزة عن طريق تشكيل مجمع انتخابي، يتولى البحث عن هذه العناصر والكفاءات داخله، وكل من يؤمن بمبادئه من خارجه، ويقبل التعاون معه على ذلك.
واعتبر برهامي أن نص الدستور (الذي جاء به العسكر من خلال لجنة معينة بعد الانقلاب) على عدم السماح بإنشاء أحزاب على أساس ديني لا يهدد حزب النور من قريب أو بعيد، بحسب تعبيره؛ لأن المقصود بالحزب الذى يتم تأسيسه على أساس ديني هو الحزب الذي لا يقبل إلا عضوية أبناء الدين الواحد، ويرفض إنضمام غيرهم، باعتبار أن هذا الحزب من وجهة نظر أصحابه يمثل الإسلام دون غيره، وأن الخارج عنه خارج عن الإسلام، وهذا الأمر غير موجود لدينا.
وقال: "الدعاوى الموجودة في القضاء للمطالبة بحل حزب النور، قال عنها كبار القانونيين إن مرجعية الشريعة الإسلامية منصوص عليها في الدستور، ولا يمكن أن تكون سببا فى حل الحزب، لأنه هو الذى نص على هذه المرجعية، بل إن كل الأحزاب ملزمة وفق الدستور بأن تكون مرجعيتها الشريعة الإسلامية".
وأكد أنه إذا اقتنع أبناء الدعوة السلفية بحزب النور أنَّ الحياة السياسية تحولت إلى مسرحية هزلية كما كانت قبل الثورة فلن يستمروا في المشاركة فيها.
وكشف عن أن هناك "بروتوكول تعاون بين وزارة الأوقاف والدعوة السلفية، وتواصلا مستمرا بيننا وبين الوزارة والأزهر من أجل مواجهة الفكر التكفيري".
وأضاف: "أظن أنه سيتم التفاهم حول قرار وزير الأوقاف بضم جميع المساجد والزوايا، والأزمة الحقيقية أن عدد المساجد والزوايا يفوق عشرة أضعاف المتاح من الخطباء والأئمة، وبالتالي لابد أن يتصدى للخطبة في المساجد الذين يتميزون بالاعتدال والمنهج الوسطي الذى لا يتسم بالعنف، ولابد من التنسيق بين وزارة الأوقاف والجمعيات التي لا تتبنى فكر التكفير والعنف مثل أنصار السنة والجمعية الشرعية وجمعية دعوة الحق، وأؤكد أنه ليس كل من حصل على شهادة من الأزهر بريء من فكر العنف، وأكبر مثال على ذلك ما نراه اليوم من مظاهرات طلاب بجامعة الأزهر، التي تُعد من أكثر الجامعات التى يمارس فيها العنف"!
وأكد ضرورة أن توجد طائفة قادرة على توجيه المجتمع إلى الإصلاح، وأقر بأن هذا غير موجود حتى الآن، إذ لا توجد طائفة قادرة على توجيه المجتمع، ولا إدارته بالمنهج الإسلامي المتكامل.
من هو ياسر برهامي؟
ولد ياسر حسين محمود برهامي حشيش، في عام 1958، بمحافظة البحيرة، وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1982، وماجستير طب الأطفال عام 1992م من جامعة الإسكندرية، وليسانس الشريعة الإسلامية عام 1999م من جامعة الأزهر.
أنشأ الحركة السلفية خلال دراسته بكلية الطب مع محمد إسماعيل وأحمد فريد. وفي أثناء وجودهم بالكلية نشرت الرسائل الإسلامية، وانتشرت محاضراتهم وخطبهم بالإسكندرية.
وتخصص ياسر في الاعتقاد، ودرس كتب محمد عبد الوهاب، خاصة كتاب التوحيد، وكذلك كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وله دروس كثيرة في العقيدة والتفسير والحديث والأصول خاصة في مسجده القريب من بيته.
وهو الزعيم الروحي لحزب النور السلفي ثاني أكبر حزب سياسي إبان ثورة 25 يناير. وشارك في كتابة دستور مصر 2012. وحضر اجتماعا سريا في أثناء الانتخابات الرئاسية مع الفريق أحمد شفيق. واشتهر بمواقفه المعادية للإخوان المسلمين، وللرئيس محمد مرسي، واعتبر أنهم لا يمثلون الإسلام في شيء.
كما أيد الانقلاب العسكري فى يوليو 2013 الذى قاده السيسي ضد أول رئيس مدنى منتخب، وأيد اتهام الإخوان بالإرهاب، ووصف خطاب قيادتها بالتكفيري. ودعم دستور 2014. ووصف السيسي بأنه "رجل متدين وذكي ولديه القدرة والكفاءة على إدارة الدولة خلال الفترة المقبلة".
وقد انتقده عبدالرحمن عبدالخالق، القيادي بالدعوة السلفية، فقال: "قام بخيانة الأمة المصرية كلها، التي تعبت وثارت وجاهدت من أجل أن تقيم نظاما ديمقراطيا حرا، كما تآمر على المصريين، ووضع خارطة الطريق مع العسكر لإرجاع الأمة المصرية إلى الحكم الفردي الاستبدادي".