يعيش حزب
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في
المغرب؛ من جديد تجربة الانقسام إلى صفين حسب تخمين أستاذ العلوم السياسية ميلود بلقاضي، وذلك بعدما عرف ذات الحزب منذ تأسيسه سنة 1959 حالات من الانقسام تعدت المرتين، كما أنه أسس هو نفسه بعد انقسام وقع داخل حزب الاستقلال الذي يعاني نفس واقع الانشطار اليوم.
تنبؤ المحلل السياسي باحتمال حدوث
انشقاق في الحزب الذي يتخذ الوردة البنفسجية رمزا له؛ عززه ما أقدم عليه الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر من إقالة أحمد الزايدي، رئيس فريق نواب نفس الحزب بالغرفة الأولى للبرلمان، قبل يومين عقب اجتماع للمكتب السياسي.
إقالة الزايدي بالإضافة إلى استقالة آخرين منهم وزيران سابقان والتهيؤ لطرد "مناضلين" آخرين حسب معطيات خاصة، ليس إلا القشة التي قسمت ظهر البعير حسب عديد متتبعين، أما التوتر داخل حزب الاتحاد الاشتراكي فقد انطلق مع المؤتمر التاسع نهاية سنة 2012 والذي أعلن بعده العديد من القيادات في الحزب بينهم
برلمانيون وأعضاء باللجنة الإدارية؛ أن أجهزة من المخابرات ومسؤولين كبار بوزارة الداخلية أجروا العديد من اتصالات بالمؤتمرين لاستمالة أصواتهم لصالح المرشح إدريس لشكر ضد منافسه حتى المرحلة النهائية للتصويت أحمد الزايدي.
كما أن أجواء التصدع تعاظمت داخل الحزب مع إعلان القيادي البارز أحمد الزايدي، برفقة العشرات من أنصاره، عن تأسيس تيار "الانفتاح والديمقراطية" كحركة تصحيحية لمواجهة ما اعتبروه اختلالات وانحرافات يعرفها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليوم. وهو ذات التيار الذي أعلن عن برنامجه النضالي الذي وصل كما أسرّت مصادر من تيار "الديمقرايطة والانفتاح" لـ"عربي21" تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقرات الحزب بمدن مختلفة على رأسها الرباط، فضلا عن فقرات أخرى، مؤكدين مضيهم فيها وعدم التراجع عنها مهما بلغ الإقالات والتهديد، وهو ما سيتم الحسم في مواعيده نهائيا يوم الجمعة المقبل.
وتعليقا على هذه التطورات اعتبر ميلود بلقاضي، أستاذ العلوم السياسية والتواصل بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في حديث لـ"عربي 21" أن إقالة رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب ستكون لها تداعيات كبيرة منها لجوء الزايدي وأنصاره للقضاء، أو ربما يتجه الحزب نحو تكرار تجربة الانقسام من جديد.
واعتبر بلقاضي أن خطوة الإقالة ستزيد الطين بلة، قبل أن يعتبرها قرارا متسرعا وغير مبررة وليست لها أسباب مقنعة، مما يرجح كفة انشقاق الحزب إن لم تتحرك لجنة الحكماء بالحزب لرأب الصدع وسد الفجوة بين أحمد الزايدي وإدريس لشكر، لأن الخاسر الأكبر في نظر بلقاضي سيكون هو حزب الاتحاد الاشتراكي.
وفي مزيد من تحليل بلقاضي لواقع التصدع الذي يعيشه الحزب ذو الخلفية الاشتراكية، اعتبر ان ما يقع به اليوم يعبر عن غياب الديمقراطية الداخلية، والحدود المطلوبة من ثقافة تدبير الاختلاف، وهو حسب بلقاضي ما ستكون له انعكاسات حتى عن صلة المواطنين بالسياسة، مسجلا أنه في الآونة الأخيرة سجلت مثل هذه التصدعات عند أكثر من حزب مما سيؤثر عن مهمتهم الأساسية في مصالحة المواطن مع السياسة بالمغرب.
بلقاضي أثار سؤال من له الحق في إقالة رئيس الفريق النيابي بالبرلمان، وهو ما أجاب عنه قيادي بالاتحاد الاشتراكي فضل عدم ذكر اسمه؛ بالقول إن القانون التنظيمي للفريق الذي صادق عليه الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي نفسه لا يعطي الحق للمكتب السياسي للحزب لا في إقالة رئيس الفريق ولا في تعيينه.
وختم بلقاضي حديثه بالقول إن الاتحاد الاشتراكي يعيش اليوم "أقبح مرحلة في مساره السياسي".
يشار إلى أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حزب مغربي ذو إيديولوجية اشتراكية، تأسس عام 1959 من رحم حزب الاستقلال بسبب صراعات سياسية، وقاد الانشقاق آنداك زعماء من قبيل عبد الرحيم بوعبيد والمهدي بن بركة وعبد الله إبراهيم وغيرهم. وظل الحزب في المعارضة إلى حين تشكيل حكومة التناوب بين الحزب والقصر والذي صوت بموجبه الحزب بالتأييد لدستور 1996 وقاد الحكومة التي تلت اعتماد الدستور حتى سنة 2002، واستمر مشاركا في الحكومات المتعاقبة حتى عام 2011.