نشرت صحيفة الإندبندت اللندنية تقريرا حول دراسة مثيرة للجدل، توصلت إلى أن "نتائج الثانوية العامة تتأثر بالجينات أكثر من المدرسة أو البيئة البيتية".
فقد توصل الباحثون في جامعة كنغز كوليج في لندن إلى أن التباين في
الجينات مسؤول عن 58% من الفروقات بين نتائج الطلاب في امتحانات الثانوية العامة، بينما عزت الدراسة 29% من فروقات النتائج لتباين البيئتين المدرسية والبيتية. كما توصلت الدراسة إلى أن نتائج الذكور تتأثر بالجينات أكثر من الإناث.
هذه النتائج المثيرة ستفضي إلى إعادة الجدل حول دور الجينات في التعليم؛ لتأخذ مركز الصدارة بعد شهرين من استقالة دومينيك كمنغز، مستشار وزير التعليم البريطاني على خلفية هذه القضية.
وكان كمنغز قد رتب مقابلة بين الوزير والبروفيسور روبرت بلومين، المختص في علم الجينات وأحد القائمين على البحث الجديد. ثم قدم له تقريرا من 250 صفحة يطرح فيه إشكالية أن القائمين على نظام التعليم أهملوا العلاقة بين الجينات والذكاء.
وما زاد حدة الجدل اقتراح عمدة لندن بوريس جونسون توفير إمكانيات إضافية لتدريس الطلاب الذين يتمتعون بدرجات
ذكاء عالية حيث قال: "كيفما كنتم تنظرون لاختبارات الذكاء، فهي مهمة عندما نتحدث عن المساواة حيث أن 16% من البشر يحرزون تحت 85 في الاختبار بينما يحرز 2% فقط أكثر من 130".
وكان موضوع ارتباط الذكاء بالجينات محرما في الدوائر المسؤولة عن السياسات التعليمية لسنوات طويلة، بعد أن نشر الكاتبان الأمريكيان هيمرستون ومري كتاب "ذي بل كيرف"، والذي طرحا فيه العلاقة بين الذكاء والعرق.
ويوضح الدكتور جون جيريم من كلية التعليم بجامعة لندن، والذي أجرى أبحاثا حول أثر الجينات على إمكانية القراءة لدى الأطفال، عن وجود ربط في الماضي "بين دراسة الجينات والتوجهات السياسية اليمينية".
وتعترف الدراسة بأن هناك خوفا متأصلا "من أن قبول أهمية الجينات يبرر التمييز، أي تعليم الأفضل ونسيان الباقين"، لكن الدراسة تقول أيضا إن عكس ذلك يمكن أن يحدث، وهو توفير الإمكانيات التدريسية لتمكين جميع الطلاب من تحصيل الحد الأدنى من قدرات القراءة والكتابة والرياضيات.
وقد أجريت الدراسة على 11117 توأما، بعضهم متشابهين تماما، وبعضهم غير متشابهين، حيث وجدت أن الجينات هي المؤشر الأقوى لأداء الطالب في المواضيع الرئيسية، إذ كان أثرها 52% بالنسبة للغة الإنجليزية و 55% للرياضيات و58% للعلوم.
ويقول الباحثون إن نتائج البحث تبين أن اختلاف نتائج الامتحانات في نهاية المرحلة الإلزامية من التعليم ليست مقياسا لكفاءة المدرسة والمدرسين، "فنتائج امتحانات الثانوية يمكن عزوها إلى الجينات، أكثر منها إلى البيئة المدرسية أو البيتية".
وقد قارن الباحثون نتائج التوائم المتشابهين الذين يحملون نفس الجينات، والتوائم غير المتشابهين الذي يتشاركون بمعدل 50% من الجينات، فكانت نتائج الامتحانات لدى التوائم المتشابهين متقاربة، بينما تباينت نتائج الامتحانات لدى التوائم غير المتشابهين. وربطوا ذلك بالجينات. كما أن أثر الجينات والبيئة المتشابهة لم يختلف كثيرا بحسب الموضوع، لكن أدنى أثر لها كان في المواضيع الأدبية 40%، وأعلى أثر لها كان في المواضيع العلمية.
ويقول نيكولاس شيكشافت، طالب الدكتوراه في جامعة كنغز كوليج، وأحد رواد البحث "هناك فرق بين إمكانيات الأطفال في التعلم في
المدارس، وقد بين بحثنا أن لذلك علاقة بالطبيعة أكثر منه بالتربية".