بدت الشرطة المصرية، اليوم الجمعة، "أكثر إصرارا" على تفريق المحتجين من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، تنفيذا لقانون التظاهر الجديد، الذي يحظر التظاهر من دون إذن مسبق من وزارة الداخلية، بحسب متابعين للشأن المصري.
واشتبكت قوات الأمن مع المحتجين، في جمعة "القصاص قادم"، التي دعا لها "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانفلاب"، المؤيد لمرسي، في عدة مدن، باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، وحده في أغلب الأحيان، حتى غطت سحب الدخان سماء عدة مدن بالبلاد، وأحياء متفرقة بالقاهرة.
وكان اللافت أيضا لجوء قوات الشرطة إلى تفريق المظاهرات في الأحياء الشعبية ومطاردة المشاركين فيها بالشوارع الجانبية، كما جرى في أحياء (الهرم، الطالبية، العمرانية) بالجيزة، غربي القاهرة.
وكان المشهد في مدينة حلوان (جنوبي القاهرة)، أكثر تعبيرا عن إصرار الشرطة هذه المرة على تطبيق "حازم" لقانون التظاهر، حيث حاولت، لأول مرة منذ عزل مرسي في 3 تموز/ يوليو الماضي، فض المظاهرات في هذه المدينة بالقوة، رغم أنها تشهد مظاهرات يومية للمطالبة بعودة الرئيس المعزول إلى منصبه.
كما شهدت مظاهرات اليوم حالة من الكر والفر بين الشرطة والمحتجين، الذين حرصوا على إعادة التجمع مرة ثانية، في أكثر من مدينة، عقب تفريق الشرطة لهم، وهو ما حدث في مدينة حلوان ومنطقة حي المهندسين (غربي القاهرة)، ومدينة السويس (شرق القاهرة)، وغيرهما من المدن.
وانعكس اكتفاء قوات الأمن بقنابل الغاز على طبيعة الإصابات في صفوف المتظاهرين، والتي كانت عبارة عن حالات اختناق في أغلبها، فيما قال خالد الخطيب، رئيس الرعاية الحرجة، بوزارة الصحة، أن هناك 8 حالات إصابة بـ"كدمات وكسور وسحجات"، في كافة أنحاء البلاد.
وكانت الحالة الوحيدة للإصابة بطلق ناري في السويس (شرق القاهرة) أثناء تفريق مسيرة مؤيدة لمرسي، بحسب مصدر طبي.
وأعلنت وزارة الداخلية، في بيان لها، أنها ألقت القبض على 183 ممن وصفتهم بـ"مثيري الشغب"، خلال اشتباكات وقعت اليوم مع متظاهرين "لم يحصلوا على تصريح للتظاهر"، مشيرة إلى أنه تم ضبط 106 بمحيط قصر القبة الرئاسي (شرقي القاهرة)، و77 آخرين في بقية المحافظات.
ومن بين المسيرات التي تم فضها، بعد ظهر يوم الجمعة، عقب توجيه تحذيرات في بعض الحالات، مسيرات في محافظة القاهرة، والجيزة (المتاخمة للقاهرة شرقا)، وفي الإسكندرية (شمالا)، ودمياط والغربية (بدلتا النيل شمالا)، والفيوم وبني سويف (وسط)، والسويس (شمال شرق) وأسيوط وقنا (جنوبا).
واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع في بعض الحالات، فيما اختارت مسيرات أخرى الانصراف والتفرق مع اقتراب قوات الشرطة منها؛ تجنبا للاحتكاكات والاشتباكات، وقام المتظاهرون في بعض الحالات باستخدام الطوب والحجارة في مواجهة الشرطة، بحسب شهود عيان.
ووقعت عدة إصابات خلال تفريق مسيرة منطقة الهرم بالجيزة، التي استخدمت فيها الشرطة القنابل المسيلة للدموع؛ ما أسفر عن إصابات بالاختناقات، وجروح قطعية، وألقت الشرطة القبض على عدد من المتظاهرين، وترددت أنباء عن إصابات خلال محاولة فض مسيرة حلوان بالقاهرة.
كما وقعت إصابات خلال فض مسيرات في دمياط باختناقات، فيما قالت جماعة الإخوان إن أربعة متظاهرين أصيبوا بطلقات الخرطوش (طلقات نارية تحتوى على كرات حديدية)، وهو ما نفته الأجهزة الأمنية بالمحافظة، التي قالت إنها استخدمت الغاز فقط لتفريق المسيرة التي لم تتقدم بإخطار الجهات المعنية بطلب تنظيم المظاهرة.
وألقت الشرطة القبض على عدد آخر من المتظاهرين في دمياط، وفضلت مسيرات أخرى بذات المحافظة إنهاء فعالياتها قبل الاحتكاك مع قوات الشرطة.
وفي محافظة الغربية، فرَّقت قوات الشرطة مسيرة مؤيدة لمرسي بمدينة المحلة.
وشهدت المدينة كذلك مناوشات كلامية وتراشق بالحجارة بين مؤيدين ومعارضين لمرسي أسفرت عن 4 إصابات بكدمات وسحجات، وتحطم إحدى المقاهي، وذلك قبل أن تسيطر الشرطة على الموقف وتفصل بينهم، بحسب شهود عيان.
وغضافة إلى الاحتجاجات النهارية، شهدت عدة محافظات مظاهرات مسائية شملت: أسيوط (جنوب)، والدقهلية (دلتا النيل)، والإسكندرية، (شمال)، والقاهرة.
وسبق أن قالت وزارة الداخلية، إنها ستتصدى بـ"حزم وحسم" لمسيرات دعت إليها جماعة الإخوان ، معتبرة أنها مظاهرات "غير قانونية"، لأنها ستجري دون إخطار أقسام ومراكز الشرطة المختصة أو الحصول على الموافقات الأمنية أو اتباع الإجراءات القانونية المنظمة لهذا الشأن.
ويلزم قانون التظاهر، الذي أصدرته السلطات مطلع الأسبوع، من يريد التظاهر أن يقدم إخطارا لوزارة الداخلية بذلك يتضمن مكان وسبب التظاهر، وإلا يعد مخالفا للقانون.
كما يسمح القانون لقوات الشرطة بالاستخدام المتدرج في القوة لفض المظاهرة "غير القانونية"، تبدأ بتوجيه إنذارات عبر مكبرات الصوت للمتظاهرين بالانصراف، ثم محاولة تفريقهم بخراطيم المياه والهروات، ثم استخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع، ويفرض عقوبات بالسجن والغرامة المالية على المخالفين ومن يحمل السلاح خلال المظاهرة.
وفيما ترى الوزارة هذا القانون "ضرورة" للحد من أعمال العنف التي شهدتها بعض المظاهرات في الفترة الماضية، يرى المعارضون أن القانون "يفرض قيودا" على التظاهر، سواء باشتراط تقديم إخطار أو بحجم العقوبات المفروضة على المخالفين.
ومسيرات اليوم تأتي تلبية لدعوة "التحالف الوطني لدعم الشرعية والرافض للانقلاب" المؤيد لمرسي تحت شعار "القصاص قادم" للمطالبة بالقصاص للقتلى والمصابين الذين سقطوا خلال مظاهرات سابقة، ومن بينهم 37 شخصا قتلوا بعد القبض عليهم خلال فض اعتصام "رابعة العدوية" بالقاهرة في شهر آب/ أغسطس الماضي، إضافة إلى الاحتجاج على الحكم بسجن 14 فتاة مؤيدة لمرسي.