سياسة عربية

تفجير بيروت..أمن وسياسة وتراشق بين السعودية وحزب الله

التفجيران خلفا 23 قتيلا وعشرات الجرحى (الاناضول)
التفجيران خلفا 23 قتيلا وعشرات الجرحى (الاناضول)
لم يتوقف سيل التنديد بالعملية الانتحارية المزدوجة التي استهدفت سفارة إيران في بيروت، وكان طبيعيا أن يكون النظام السوري هو الأول والأسبق في مسلسل الإدانة، لكن المواقف ما لبثت أن تداعت لتشمل أكثر الدول العربية، بمن فيها تلك التي تُحسب على معسكر خصوم النظام السوري، وبالضرورة خصوم حزب الله في هذه المرحلة، كما هو حال دولة قطر والإمارات.

مسلسل الإدانة شمل الأوساط الدولية أيضا، حيث بادر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى إدانة الاعتداء الذي وصفه بـ"الإرهابي الدنيء"، الأمر الذي انسحب على المتحدث باسم البيت الأبيض جي كارني، فيما أدانه أيضا مجلس الأمن الدولي وإن بدت لافتة دعوة المجلس اللبنانيين إلى "الامتناع عن أي تورط في الأزمة السورية"، وهو موقف سلبي جدا بحسب تصنيف حزب الله وحلفائه.

وفي حين حمَّلت إيران المسؤولية للكيان الإسرائيلي، فإن أحدا لم يأخذ هذا الكلام على محمل الجد، لاسيما بعد أن أوضح حزب الله موقفه عبر محمد رعد، الناطق باسم كتلته البرلمانية والذي جمع الكيان الإسرائيلي إلى قوىً إقليمية إلى جهات تكفيرية هدفها كما قال هو إجهاض صحوة الشعوب.

كان لافتا في السياق تلك الإشارات الواضحة من طرف حزب الله للسعودية كمتورطة في الهجوم، وهو اتهام سبق أن وجهته دوائر حزب الله للمملكة إثر عمليات تفجير أقل شأنا في الضاحية الجنوبية، وهو ما دفع دوائر إعلامية مقربة من المملكة إلى اتهام التنظيم الذي تبنى الهجوم (كتائب الشهيد عبد الله عزام) بأنه "منتج إيراني".

وكان لافتا أيضا أن رد حزب الله لم يتوقف عند اتهام السعودية، بل ذهب نحو التأكيد على أن سياسة الحزب في سوريا لن تتغير، ما يشير إلى إدراكه لحقيقة الربط بين التفجيرين وبين دور الحزب في الأزمة السورية، لاسيما بعد تصاعده بشكل لافت خلال الشهور الأخيرة، بل تصاعده أكثر فأكثر، بل وإعلانه ذلك بوضوح خلال الأسابيع الأخيرة.

على أن البعد الذي لاحظه مراقبون هو المتعلق بالنجاح النسبي الذي أحرزه التنظيم الذي يقف خلف التفجيرين، وفي المقابل الإخفاق الأمني اللافت للحزب الذي بوغت بضربة في منطقة حساسة، الأصل أنها تخضع لإجراءات أمنية دقيقة.

المراقبون في الساحة اللبنانية لاحظوا قدرا من الارتياح في بعض الأوساط السنيّة الشعبية للتفجيرين، رغم استهدافها لمنطقة مدنية، ورغم أن غالبية الضحايا هم من المدنيين. ويربط المراقبون ذلك بتصاعد المشكلة المذهبية في لبنان، وبما يرونه استخفافا من طرف حزب الله بالسنّة، وإصراره على التدخل في الشأن السوري، لكن الموقف الذي اتخذته القوى والأحزاب السنية كان الإدانة الواضحة.

من هنا يرى مراقبون أن احتمال تكرار مثل هذه الأعمال لا يبدو مستبعدا، ويتخوف بعضهم تبعا لذلك من انفجار للحرب الأهلية المذهبية، وإن استبعد آخرون ذلك بسبب عدم وجود طرف يمكنه مواجهة قوة حزب الله في لبنان، مذكّرين في هذا الصدد بسيطرة الحزب على بيروت عام 2008 خلال ساعات محدودة.

هل سيؤدي التفجيران إلى إثارة جدل مقابل في المعسكر الشيعي؟ لا يستبعد مراقبون ذلك، بخاصة أن أطرافا شيعية، وإن كانت محدودة كانت ولا تزال ضد تدخل حزب الله في سوريا، وارتفعت أصواتها على هذا الصعيد، كما هو حال الأمين العام الأسبق لحزب الله صبحي الطفيلي، فضلا عما يمكن أن يثيره ازدياد خسائر الحزب في سوريا، وكثرة النعوش القادمة من هناك، حيث بلغ عدد القتلى ثمانية في غضون أقل من عشرة أيام.
التعليقات (0)