دخلت قباضات الخزينة
العامة
المغربية مرحلة شلل جزئي، عقب تصعيد احتجاجي واسع أعلنه موظفو هذا القطاع الحيوي،
في خطوة تعكس حجم الاحتقان الذي رافق تنزيل إصلاحات جبائية تعتبرها الحكومة جزءًا من
توجه إقليمي أوسع لإعادة هيكلة المالية المحلية وتعزيز الحكامة الترابية.
ويعود أصل الأزمة إلى
شروع وزارة الاقتصاد والمالية في تفعيل القانون رقم 14.25 المعدل للقانون 47.06 المتعلق
بجبايات الجماعات الترابية، والذي ترتب عنه إحداث 92 قباضة جماعية جديدة، ضمن ما تصفه
الحكومة بمشروع تحديث الإدارة وتقريبها من المواطنين. غير أن موظفي قباضات الخزينة
يرون أن هذا الورش نُفذ بأسلوب “ارتجالي”، دون توفير شروط مهنية وإدارية تضمن استقرار
العاملين بالمرفق.
وبحسب بيان استنكاري
صادر عن موظفي القباضات، واطلعت عليه صحيفة "صوت المغرب"، فإن عملية إعادة
تخصيص عشرات المقرات التابعة للخزينة العامة جرت دون توفير بدائل مناسبة، ما أدى إلى
اشتغال موظفين داخل بنايات لا تتبع لقطاعهم الوظيفي، رغم استمرارهم في تدبير أموال
عمومية وملفات محاسبية ذات طابع حساس.
اظهار أخبار متعلقة
وسجل البيان حالات
تدخل لرجال السلطة من أجل إخلاء بعض المقرات وتسليم مفاتيحها، دون استكمال المساطر
القانونية الخاصة بتسليم المهام والوثائق، وهو ما اعتبره الموظفون مساسًا بكرامتهم
المهنية وخرقًا لمبدأ استمرارية المرفق العمومي المنصوص عليه في الدستور المغربي. كما
تم تسجيل وقائع مماثلة في مدن عدة، من بينها الرباط وطنجة وبرشيد وبني ملال.
أمام هذا الوضع، أعلن
الموظفون برنامجًا احتجاجيًا تصاعديًا شمل ارتداء الشارة الحمراء، وتنظيم وقفات احتجاجية
أمام المصالح الخارجية للخزينة العامة، مع التلويح باللجوء إلى إضرابات وطنية في حال
استمرار ما وصفوه بـ“العبث التنظيمي”. كما حمّلوا وزيرة الاقتصاد والمالية والوزير
المنتدب المكلف بالميزانية المسؤولية الكاملة عن تداعيات الأزمة، مطالبين بتدخل عاجل
لرئاسة الحكومة.
في المقابل، أكدت وزارة
الاقتصاد والمالية أن هذا الإصلاح يندرج ضمن رؤية وطنية ذات بعد إقليمي، تهدف إلى بناء
شبكة محاسبية ترابية حديثة، مشددة على أن عملية الانتقال ستتم على أساس التطوع والحفاظ
على الحقوق المكتسبة، مع تخصيص اعتمادات مالية ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026 لضمان
الاستقرار المهني والاجتماعي للموظفين.