سجلت شركات
صناعة السيارات الصينية أفضل أداء شهري لها على الإطلاق في أوروبا وعدد من دول العالم خلال أيلول/ سبتمبر الماضي، بفضل الطفرة المتصاعدة في الطلب على
السيارات الكهربائية والهجينة التي تعمل بالبطاريات.
ووفقًا لبيانات شركة "داتا فورس" للأبحاث، فقد استحوذت الشركات الصينية، بقيادة بي واي دي (BYD) العملاقة، وإم.جي التابعة لمجموعة سايك موتور، وشيري أوتوموبيل، على حصة قياسية بلغت 7.4 بالمئة من إجمالي مبيعات سيارات الركوب في أوروبا، وتعد هذه الطفرة اللافتة، التي رصدتها وكالة بلومبرغ، لم تكن مفاجئة تمامًا، بل جاءت تتويجًا لأشهر من التوسع المدروس والنمو المتدرج ، حيث عززت الشركات الصينية شبكات توزيعها، وقدمت طرازات هجينة وكهربائية بمواصفات عالية وأسعار تنافسية تستهدف الشريحة الأسرع نموًا من المستهلكين في العالم، وقال المحلل بنيامين كيبيس من "داتا فورس" إن هذا التحول "مجرد بداية لما قد يخبئه المستقبل".
اظهار أخبار متعلقة
قيادة الابتكار
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تجاوزت الشركات الصينية مرحلة "الاعتماد على الأسعار المنخفضة"، ودخلت الآن مرحلة جديدة من الابتكار والتوسُّع التكنولوجي، في وقت تتراجع فيه حصة الشركات الأوروبية والأمريكية في الأسواق الدولية بوتيرة متسارعة.
وقال رئيس شركة الشحن العالمية "والينيوس فيليكسون" لاسه كريستوفرسن، إن شركات
السيارات الأوروبية تواجه ما وصفه بـ"الضربة الثلاثية" من تراجع مبيعاتها في السوق الصينية، وضعف الطلب في أوروبا، وارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية، إلى وجود قفزة كبيرة في صادرات
السيارات الصينية إلى أمريكا اللاتينية، أوروبا وإفريقيا وأستراليا، وأضاف: "الصين لم تعد تفوز بالمنافسة بسبب انخفاض التكلفة فقط، بل لأنها تقود الابتكار.. انتقلت من موقع المنتج الرخيص إلى موقع الرائد تكنولوجيًا".
ووفقًا لتقديرات شركة الاستشارات AlixPartners، ارتفعت صادرات السيارات الصينية خلال عام واحد بنسبة 23 بالمئة لتصل إلى 6.4 مليون سيارة، متجاوزة اليابان بفارق يفوق 50 بالمئة، وتتوقع الشركة أن ترتفع حصة الصين في سوق السيارات العالمية من 21 بالمئة عام 2023 إلى 30 بالمئة بحلول 2030، مدفوعة بالطلب المتزايد في الأسواق الناشئة.
"السيارات الصينية خيارًا جذابًا"أما صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، فأشارت إلى أن شركات السيارات الغربية لا تزال تواجه صعوبة في الانتقال نحو السيارات الكهربائية، بينما تمكَّنت الصين من تحقيق قفزة نوعية بفضل التكنولوجيا المتقدمة والأسعار المنافسة التي تقل كثيرًا عن نظيراتها مثل "تسلا"، ما يجعل السيارات الصينية خيارًا جذابًا خصوصًا في الدول النامية محدودة القدرة الشرائية.
وتؤكد بيانات معهد "شميت" الألماني لأبحاث السيارات أن شركات مثل "بي واي دي" و"شيري" و"سايك موتور" تحقق توسُّعًا سريعًا في أوروبا الغربية، إذ ارتفعت حصتها من المبيعات الجديدة في الأشهر التسعة الأولى من 2024 إلى 5.7 بالمئة مقارنة بـ3.2 بالمئة العام الماضي، بينما بلغت حصة العلامات الصينية في سوق السيارات الكهربائية الأوروبية أكثر من 10بالمئة.
وترى "فايننشال تايمز" أن شركة الشحن النرويجية "والينيوس فيليكسون"، التي كانت في السابق تنقل سيارات الشركات الغربية إلى السوق الصينية، أصبحت اليوم تساعد الشركات الصينية على تصدير منتجاتها إلى الخارج، ويقول كريستوفرسن، إن المصنعين الأوروبيين "يفقدون حصصهم السوقية بسرعة"، في ظل تفوق الصين من حيث التكنولوجيا وسرعة الابتكار.
اظهار أخبار متعلقة
أزمات نقل السيارات
غير أن هذا التوسع السريع كشف أيضًا عن نقص حاد في القدرة اللوجستية البحرية لنقل السيارات، وأوضح المدير العام لشركة "SAIC Anji Logistics" أن صادرات الصين من السيارات قفزت من نحو مليون سيارة في عام 2020 إلى ما يقرب من 5 ملايين في عام 2023، أي بزيادة تقترب من أربعة أضعاف خلال ثلاث سنوات، بينما لم يواكب عدد سفن النقل هذا النمو، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الشحن البحري.
ووفقًا لبيانات مؤسسة "كلاركسون" البحرية، ارتفعت أجور استئجار سفن نقل السيارات سعة 6500 سيارة من 10 آلاف دولار يوميًا في عام 2020 إلى 115 ألف دولار يوميًا بحلول نهاية 2023، أي أكثر من عشرة أضعاف، ويقول كريستوفرسن إن بعض الشركات الصينية قررت شراء أو بناء سفنها الخاصة "خشية عدم توفر القدرة الكافية على الشحن"، مشيرًا إلى أن هذا القلق بدأ يتراجع تدريجيًا، لكنه يتوقع دخول شركات صينية جديدة إلى مجال النقل البحري خلال السنوات المقبلة.