صحافة دولية

كيف ساهمت تغطية مواقع التواصل للحرب بتحول الرأي العام الأمريكي لصالح الفلسطينيين؟

غالبية الناخبين الأمريكيين يعارضون إرسال مساعدات اقتصادية وعسكرية إضافية للاحتلال- جيتي
غالبية الناخبين الأمريكيين يعارضون إرسال مساعدات اقتصادية وعسكرية إضافية للاحتلال- جيتي
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إنّ: "المواكبة والتغطية المكثفة للإبادة الجماعية في غزة على مواقع التواصل الاجتماعي، تسبّبت في تغيير الرأي العام الأميركي بشأن الحرب، حيث أظهر استطلاع للرأي تفوق نسبة المؤيدين لفلسطين على المنحازين لإسرائيل للمرة الأولى منذ بدء الحرب قبل نحو عامين".

ونشرت الصحيفة الأمريكية، تقريرا، أعدته شيرا فرينكل وستيفن لي مايرز، قالا فيه إنه "بعد مرور ما يقرب من عامين على الصراع، تتزايد تغطية وسائل التواصل الاجتماعي للخسائر اليومية في غزة، مع تحوّل الرأي العام الأمريكي تجاه الحرب".

وأبرز التقرير نفسه، كيف: "غمرت صور الفلسطينيين الفارين من الغارات الجوية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة  وهم ينبشون ردم المباني المنهارة بحثا عن أحبائهم، ويعاينون أنقاض مدنهم، صفحات الأمريكيين على وسائل التواصل الاجتماعي لما يقرب من عامين".

وتابعت: "ولكن في الأشهر الأخيرة، ومع تزايد أعداد سكان غزة الذين يعانون من الجوع، نشرت المزيد من مقاطع الفيديو على تيك توك وإنستغرام وإكس، تظهر أطفالا نحيفين يتوسلون الطعام ويبحثون عن مياه نظيفة، مما يمنح الناس نظرة عن كثب على الخسائر الفادحة للحرب".

وقد تزامن هذا التغير في المحتوى الإلكتروني مع تحول آراء الأمريكيين تجاه إسرائيل. في استطلاع رأي أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" و جامعة سيينا هذا الأسبوع، انحاز عدد أكبر من الأمريكيين إلى الفلسطينيين على حساب الإسرائيليين، وذلك لأول مرة منذ أن بدأت الصحيفة في سؤال الناخبين عن تعاطفهم عام 1998.


ووجد الاستطلاع أنّ تزايد رفض الحرب كان مدفوعا بانخفاض حاد في دعم الناخبين الديمقراطيين، وبينما واصل الناخبون الجمهوريون دعم دولة الاحتلال إلى حد كبير، أظهر الاستطلاع أيضا انخفاضا طفيفا في تأييد تل أبيب.

وقال خبراء الإنترنت بأنّ عوامل عديدة تفسر هذا التحول، لكن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا في ذلك، حيث نوقش عدوان الاحتلال الإسرائيلي على نطاق واسع في المجتمعات الإلكترونية، وقال إيمرسون بروكينغ، مدير الاستراتيجية في مختبر أبحاث الطب الشرعي الرقمي التابع للمجلس الأطلنطي، والذي يدرس المجتمعات الإلكترونية، إنّ: "الموقف العام لإسرائيل، يتآكل بسبب تزايد الأدلة الوثائقية كل يوم" على الإنترنت".

وتشهد الحروب الحديثة تصاعدا متزايدا على مواقع التواصل الاجتماعي، فمن أوكرانيا إلى ميانمار إلى السودان، وثّق الناس وحمّلوا لقطات من مناطق الصراع على الإنترنت. في غزة، انتشرت مقاطع الفيديو والصور على مدى فترة أطول وسط موجات عنف على مر السنين.
   

اظهار أخبار متعلقة


قتل الصحفيين عرقل توثيق مجازر غزة
أصبح توثيق الروايات المباشرة من غزة والتحقق منها أكثر صعوبة مع استشهاد عشرات الصحفيين في العدوان ونزوح الفلسطينيين. لكن شبكة من المصورين والصحفيين الفلسطينيين لا تزال تنشر صورا يوميا على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن بينهم وسام نصار، وهو مصور مقيم في غزة، ومعتز عزايزه، وهو مصور كان في غزة، العام الماضي، ولكنه ينشر صورا متكررة لأفراد عائلته وأصدقائه في القطاع، ولكل منهما عدد كبير من المتابعين على إنستغرام، ويوم الثلاثاء، نشر نصار وعزايزه رثاء على إنستغرام ليحيى برزق، وهو مصور فلسطيني معروف بصوره للأطفال حديثي الولادة. وجاء في منشوراتهما أن برزق استشهد في غارة جوية للاحتلال الإسرائيلي على مقهى في غزة.

يحظى إنستغرام وتيك توك بشعبية كبيرة بين الشباب الأمريكيين، الذين كانوا الأكثر عرضة لمعارضة المساعدات الاقتصادية أو العسكرية الإضافية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وفقا لاستطلاع رأي أجرته صحيفة التايمز وجامعة سيينا هذا الأسبوع. واتّهم بعض المشرعين الإسرائيليين والأمريكيين تيك توك بالترويج المتعمد لمحتوى مؤيد للفلسطينيين، فيما نفى تطبيق الفيديو هذه الادعاءات، قائلا إنه محايد وله سياسات ضد معاداة السامية.

فشل "إسرائيل" بالوصول إلى الجماهير 
في المقابل، تعثرت محاولات دولة الاحتلال الإسرائيلي للوصول إلى الجماهير عبر الإنترنت، كما قال بروكينغ من المجلس الأطلنطي. وأضاف أن حكومة الاحتلال بدت وكأنها "تقلل من أهمية الإقناع تماما"، لصالح محاولة إغلاق منشورات مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية من خلال استهداف أبراج الهواتف المحمولة والإنترنت في غزة.

لقد تعقدت كيفية تكوين الناس لآراءهم بشأن عدوان الاحتلال الإسرائيلي وغزة بسبب حملات التأثير، بالإضافة إلى الصور والبرامج الروبوتية التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي والتي قد تدفع بمحتوى أحادي الجانب، وقالت إيمي سبيتالنيك، الرئيسة التنفيذية للمجلس اليهودي للشؤون العامة، وهو تحالف من جماعات المناصرة: "هناك صلة مباشرة بين تصاعد الاستقطاب حول قضايا مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والطرق التي تم بها تعزيز هذا الاستقطاب مرارا وتكرارا من خلال التفكير الصفري ونظريات المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعي".

في الأسبوع الماضي، تحدّث رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن قوة مواقع التواصل الاجتماعي في الحرب، في اجتماع مع مؤثرين أمريكيين في القنصلية العامة لدولة الاحتلال الإسرائيلي في نيويورك، وصف مواقع التواصل الاجتماعي بأنها "أهم سلاح" تمتلكه بلاده "لتأمين قاعدة دعمنا في الولايات المتحدة"، وفقا لمقطع فيديو نشرته ديبرا ليا، إحدى المؤثرين الذين حضروا الحدث.

اظهار أخبار متعلقة


جيل الشباب الأكثر معاداةً لـ"إسرائيل"
اتّهم نتنياهو وكالات غير حكومية وجماعات أخرى بنشر رسائل معادية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ومعادية للسامية عمدا للأمريكيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف أنّ: "تيك توك كان أهم منصة للتأثير على آراء الناس، مع احتلال منصة إكس المرتبة الثانية بفارق ضئيل".

ووفقا لاستطلاع صحيفة  "نيويورك تايمز" وجامعة سيينا، فإنّ: "غالبية الناخبين الأمريكيين يعارضون الآن إرسال مساعدات اقتصادية وعسكرية إضافية إلى إسرائيل، في تراجع كبير منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ووجد الاستطلاع أن ما يقرب من سبعة من كل عشرة من الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما يعارضون مثل هذه المساعدات، بغض النظر عن الانتماء الحزبي".
التعليقات (0)

خبر عاجل