نشرت صحيفة "
فاينانشال تايمز" البريطانية تقريراً حول اللحظات الأخيرة للرئيس السوري السابق بشار
الأسد قبل فراره من دمشق.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن بشار الأسد صعد إلى عربة مدرعة روسية برفقة ابنه الأكبر حافظ وغادر تاركاً خلفه أقارب وأصدقاء ومؤيدين في حالة من الفوضى وهم يبحثون عن الرجل الذي وعد بحمايتهم.
وأضافت الصحيفة أن بعض شركاء الأسد القدامى، وأثناء مرورهم بمنزله في حي المزة الراقي بدمشق حوالي الساعة الحادية عشرة مساءً في السابع من كانون الأول/ ديسمبر وجدوا مواقع الحراسة مهجورة والمباني شبه فارغة بينما كانت الأنوار لا تزال مضاءة، وأكواب القهوة نصف ممتلئة، والزي العسكري مبعثر في الشارع.
اظهار أخبار متعلقة
التحضيرات للهروب ومغادرة مفاجئة
وأوردت الصحيفة أن الرئيس السوري السابق كان بحلول منتصف الليل في طريقه مع حافظ ابنه إلى
قاعدة حميميم الجوية الروسية على الساحل الشمالي الغربي لسوريا، وفقاً لقائد عسكري في المعارضة وضابط استخبارات سابق وأشخاص مطلعين على عملية
هروب عائلة الأسد.
وأضافت الصحيفة أن الأسد لم يأمر جيشه بالانسحاب حتى غادر دمشق، حيث أصدر تعليماته بإحراق المكاتب والمستندات، وذلك وفقاً لأحد أعضاء المجلس العسكري للمعارضة وشخص مطلع على الأحداث. ومن جهتها، وعدت روسيا بتأمين ممر آمن إلى قاعدة حميميم، لكنها نفت أن تكون هناك مفاوضات مع هيئة تحرير الشام لتسهيل خروجه.
وربطت الصحيفة بين هذه التفاصيل وما ذكرته عن أن موسكو جعلت الأسد وابنه ينتظران حتى الساعة الرابعة صباحاً في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر للحصول على اللجوء لأسباب إنسانية، قبل أن تقلع طائرتهما إلى روسيا. وبذلك انتهى فجأة حكم عائلة الأسد الذي استمر لخمسين عاماً.
وبيّنت الصحيفة أنها جمعت تفاصيل هذه الأحداث من أكثر من عشر مقابلات، بما في ذلك مع أشخاص من داخل النظام وآخرين مطلعين على تحركات العائلة، مشيرة إلى أن المصادر طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية الموضوع.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسد كان يعتقد أنه انتصر في الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011، وأنه في طريقه لإعادة التأهيل عالمياً بفضل جهود دول عربية وأوروبية للتقارب معه. لكن المعارضة، بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام، تمكنت خلال عشرة أيام فقط من السيطرة على العاصمة بعد هجوم خاطف.
وذكرت الصحيفة أن الأسد اجتمع بزوجته أسماء في موسكو حيث كانت تتلقى علاجاً من عودة مرض السرطان. وقد كان والداها موجودين في العاصمة الروسية، بالإضافة إلى أبنائه، بما في ذلك زين، التي كانت تدرس في جامعة السوربون في أبو ظبي.
مغادرة مفاجئة وصدمة الموالين
أفادت الصحيفة بأن الأسد غادر دمشق دون أن ينبس ببنت شفة لأولئك الذين بايعوه لعقود، تاركاً الموالين في حالة من الصدمة والغضب بسبب تخليه عنهم، وبعض الموالين رأوا في ذلك دليلاً نهائياً على أنانية الأسد.
وبيّنت الصحيفة أن الأسد أبلغ من حوله قبل ساعة واحدة من هروبه بأن كل شيء سيكون على ما يرام. قال رئيس الوزراء حينها، محمد الجلالي، إنه تحدث مع الأسد في الساعة الـ10:30 مساءً وأخبره عن حالة الذعر والنزوح الجماعي، لكن الأسد لم يرد على مكالماته اللاحقة عند الفجر.
اظهار أخبار متعلقة
وذكرت الصحيفة أن الأسد ربما غادر برفقة اثنين على الأقل من الموالين الماليين، وهما ياسر إبراهيم ومنصور عزام، ما يعزز الاعتقاد بأنه قدّم ثروته على أفراد عائلته الموسعة.
وأضافت الصحيفة أن الأسد قدّم روايته الخاصة للأحداث قائلاً إنه بقي في دمشق حتى الساعات الأولى من يوم الأحد لأداء واجباته، ونفى أن تكون مغادرته مخططاً لها مسبقاً. وقد وثّقت المعارضة مغادرة الأسد من خلال مقاطع فيديو تُظهر مؤشرات على مغادرة على عجلة من أمره من مقر إقامته الخاص.
وبيّنت الصحيفة أن مغادرة الأسد جاءت بعد أيام من محاولات دبلوماسية فاشلة مع موسكو وطهران، حيث لم تعودا قادرتين على دعمه وسط انشغالهما بصراعات أخرى. وقد حاول الأسد التفاوض على محادثات مع المعارضة السياسية، لكنه لم يجد استجابة من موسكو. أما بالنسبة للموالين والمستفيدين من نظام الأسد، فقد فرّوا من دمشق إلى بيروت حيث اختبأوا في منازلهم الثانية أو فنادق فاخرة، ثم تفرقوا إلى وجهات مختلفة، بما في ذلك روسيا ودول الخليج وأوروبا.