تنصب الجهود الدولية والإقليمية على دعم
الاستقرار في
سوريا، عقب إسقاط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، وسط دعوات إلى تشكيل حكومة انتقالية شاملة، تنضوي في إطارها كل المكونات السورية.
وطغت التحركات والتصريحات السياسية على الشأن السوري الأربعاء، بالتزامن مع تواصل عودة المهجرين إلى بلداتهم وقراهم، وفق ما رصدته "عربي21"، في ظل حالة من الترقب لما ستفصح عنه الأيام القليلة القادمة بشأن سلوك القيادة الجديدة في سوريا، وحالة التعاطي الدولي معها.
الشرع يلتقي مسؤولا أمميا
وفي أول لقاء من نوعه، التقى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتش، مع قائد الإدارة السياسية الجديدة، أحمد الشرع في العاصمة دمشق.
المسؤول الأممي وصف الوضع الحالي في سوريا بأنه "لحظات أمل حذرة"، مشيرا إلى أن لقاءه بالشرع ومباحثاته في دمشق، عززت من ثقته.
وأكد "فليتش" على أهمية تعزيز الدعم الإنساني لسوريا، مبينا أن الأمم المتحدة لديها الأساس والأرضية اللازمة لزيادة الدعم الإنساني الحيوي.
الائتلاف يدعو لحكومة شاملة
ودعا رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هادي البحرة، الأربعاء، إلى تشكيل حكومة انتقالية شاملة لكل مكونات الشعب، وبعيدة عن الطائفية.
وقال البحرة في مؤتمر صحفي عقده في إسطنبول، إن الحكومة الانتقالية ينبغي أن تبنى "على حوار واسع يشمل كل مكونات وأطياف الشعب السوري، وعند تشكيلها يجب أن تكون شاملة للجميع تمثل سوريا بكل مكوناتها، وألا يتم إقصاء أي طرف عنها".
والثلاثاء، أعرب الائتلاف عن دعمه للحكومة السورية المؤقتة برئاسة محمد البشير، التي تم تشكيلها غداة إسقاط نظام بشار الأسد.
وسبق أن رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، بتعهد الحكومة الانتقالية المؤقتة بسوريا بشأن حماية المدنيين والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية.
أردوغان يتعهد بدعم الاستقرار
وتُعقد آمال كبيرة على دور تركي إيجابي في سوريا، عقب إسقاط نظام الأسد، باعتبار أن تركيا الدولة الجارة، أكبر المعنيين باستقرار سوريا ووحدتها.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن أنقرة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري خلال المرحلة المقبلة كما فعلت منذ بداية النزاع وستقدم كل المساهمات اللازمة.
وعبر أردوغان، الأربعاء، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، بالعاصمة أنقرة بأن "الشعب السوري، ببصيرته وحنكته، سيدير هذه المرحلة بنجاح، وهدفنا كتركيا ولبنان هو نهوض سوريا".
وتابع: "نتطلع إلى مساهمة كل من يدرك أن استقرار سوريا يعني استقرار المنطقة ونرغب بتحقيق ذلك بصدق".
وقال إن حقبة جديدة بدأت الآن في سوريا و"باعتبارنا جارتين مهمتين لسوريا، فإننا نتفق على ضرورة العمل معا". مشددا على أن تركيا لن تقدم تنازلات بأي شكل من الأشكال فيما يخص الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وهيكلها الموحد.
مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "عملية سياسية جامعة"
بدوره، دعا مجلس الأمن الدولي، في بيان، إلى تنفيذ عملية سياسية جامعة في سوريا تلبي تطلعات الشعب السوري.
وأعرب أعضاء المجلس كذلك عن دعمهم لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، في تيسير مثل هذه العملية التي يقودها السوريون ويملكونها. "وينبغي لهذه العملية السياسية أن تلبي التطلعات المشروعة لجميع السوريين، وتحميهم جميعًا، وتمكنهم من تحديد مستقبلهم سلميًا ومستقلًا وديمقراطيًا".
وأكد الأعضاء، بحسب البيان، أن العملية السياسية المطلوبة يجب أن تلبي التطلعات المشروعة لجميع السوريين، وتمكنهم من تقرير مستقبلهم، كما أكدوا التزامهم القوي بسيادة واستقلال سوريا، ووحدة أراضيها، وسلامتها الإقليمية.
وشدد البيان الصحفي على أهمية محاربة الإرهاب في سوريا، ومنع التنظيمات الإرهابية من إعادة تأسيس قدراتها في الأراضي السورية، مشيرا إلى التزام جميع الأطراف بمحاربة الإرهاب بموجب القرارات الأممية ذات الصلة.
ودعا البيان سوريا إلى الامتثال لجميع قرارات مجلس الأمن في ما يتعلق بالأسلحة غير التقليدية، داعين دمشق إلى التعاون مع الجهود الدولية في هذا الصدد.
نتنياهو يوعز بمواصلة احتلال المنطقة العازلة بسوريا
أوعز رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للجيش بمواصلة البقاء في المنطقة العازلة السورية، والاستمرار في السيطرة على جبل الشيخ.
وأشارت القناة الـ12 العبرية إلى أن الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات من نتنياهو بالبقاء في منطقة جبل الشيخ السورية، حتى نهاية عام 2025 على الأقل.
وتابعت القناة: "سبب تحديد هذا التاريخ هو التقييم بأنه بحلول ذلك الوقت سيستقر الوضع السياسي الأمني في سوريا، وسيكون ممكنا معرفة ما إذا كان سيكون هناك كيان في البلاد يحترم اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وفرض تفاصيله، ومنع النشاط المعادي ضد إسرائيل"، وفق تعبيراتها.
واستدركت: "الآثار المترتبة على بقاء الجيش في هذه المنطقة هائلة، خاصة في ما يتعلق بنشر القوات، ففي الواقع، يتم إضافة جبهة جديدة إلى الجيش، بجانب القوات المنتشرة في قطاع غزة ولبنان".
وفي حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، احتلت إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان جنوب غرب سوريا، بما في ذلك أجزاء من سفوح جبل الشيخ، ثم أعلنت ضمها إليها في 1981، وهو ما لا تعترف به الأمم المتحدة.
"عربي21" ترصد استمرار عودة السوريين
يشهد معبر "نصيب" على الحدود السورية مع الأردن توافد العديد من السوريين العائدين إلى قراهم وبلداتهم، في حركة متواصلة بشكل متفاوت الوتيرة منذ سقوط النظام وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى روسيا.
ورصد
مراسل "عربي21" تصاعد وتيرة المقبلين على
العودة إلى سوريا، حيث يشهد معبر "جابر" الأردني المقابل لمعبر "نصيب" السوري توافدا متواصلا منذ عودته إلى الخدمة بعد سيطرة المعارضة على البلاد.
وعند بوابة معبر "جابر"، تصطف العديد من المركبات المحملة بالأثاث والأمتعة للسوريين العائدين، دون الكشف بعد عن إحصائية دقيقة توضح أعداد المسافرين.
ولا تزال سوريا تمر في مرحلة حساسة للغاية بعد سقوط النظام، حيث تواصل الحكومة المؤقتة مساعيها لتقديم الخدمات الأساسية وبسط الأمن في البلاد.
وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وسبقها مدن أخرى، مع انسحاب قوات نظام بشار الأسد من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد.