كتاب عربي 21

فواتير الحفلات الغنائية قد تقضي على سمعة رئيس بلدية أنقرة

إسماعيل ياشا
صراع داخل حزب الشعب الجمهوري- إكس
صراع داخل حزب الشعب الجمهوري- إكس
شهدت الأيام الأخيرة في تركيا اشتداد الصراع في حزب الشعب الجمهوري بين رئيس الحزب الحالي، أوزغور أوزل، وسلفه كمال كليتشدار أوغلو، من جهة، وبين رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، من جهة أخرى. وبدأ إمام أوغلو بضرب ياواش تحت الحزام عن طريق تسريبات يقوم بها أنصاره في صفوف الحزب ووسائل الإعلام، في محاولة لتشويه سمعة منافسه في سباق النيل بالترشح لرئاسة الجمهورية.

أوزل أعلن رفضه لتنظيم مؤتمر استثنائي لحزب الشعب الجمهوري لمناقشة المشاكل والتطورات الأخيرة، ووصف المطالبين به بـ"المتسولين". كما نشر رؤساء فروع حزب الشعب الجمهوري في 81 محافظة بيانا مشتركا أعلنوا فيه دعمهم لأوزل، وذكروا أن تنظيم مؤتمر استثنائي ليس في أجندتهم. إلا أن بعض هؤلاء حذفوا البيان من حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ونشروا صور كليتشدار أوغلو.

بدأ إمام أوغلو بضرب ياواش تحت الحزام عن طريق تسريبات يقوم بها أنصاره في صفوف الحزب ووسائل الإعلام، في محاولة لتشويه سمعة منافسه في سباق النيل بالترشح لرئاسة الجمهورية

الصراع الأشد الذي يشغل الرأي العام التركي أكثر هو ذاك الذي يدور بين إمام أوغلو وياواش، وقام أنصار الأول بتسريب وثائق تشير إلى أن بلدية أنقرة دفعت عشرات الملايين من أجل تنظيم حفلات غنائية، في الوقت الذي يدعي فيه الأخير منذ توليه لرئاسة البلدية بأنه أنهى الإسراف في النفقات وحافظ على أموال البلدية. وتثير المبالغ المدفوعة لتنظيم حفلة أو حفلتين علامات استفهام حول الجيوب التي تذهب إليها كل تلك الأموال، في ظل اعتراف إحدى المجموعات الغنائية التي شاركت في حفلة نظمتها بلدية أنقرة بأنها لم يُدفَع إليها المبلغ المذكور في الفاتورة المنشورة.

منصور ياواش يبدو مرتبكا منذ إثارة الموضوع في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، وزعم أولا أنه ليس على علم بالمبالغ المدفوعة، وأنه أمر بفتح تحقيق في الموضوع، ثم خرج أمام الكاميرات ليعلن الأرقام المدفوعة، وهي أيضا عشرات الملايين. وذكر أن تلك المبالغ تم دفعها للمغنين والمغنيات والشركات التي تم استئجار المعدات الكهربائية والإلكترونية والصوتية وغيرها منها لتنظيم أكثر من حفلة. ومع ذلك، تحول المؤتمر الصحفي الذي عقده ياواش للتهرب من الاتهامات، إلى جلسة اعتراف على الهواء مباشرة، بسبب ضخامة المبالغ التي أعلنها، كما لم يخفَ عن المتابعين للمؤتمر الصحفي أن رئيس بلدية أنقرة ذكر الأرقام دون إضافة ضريبة القيمة المضافة التي دفعتها البلدية بالإضافة إلى المبالغ الأصلية، وهي 20 في المائة، في محاولة لتقليل الأرقام.

الشركات التي تم تكليفها بأعمال تنظيم الحفلات الغنائية دون طرحها للمناقصة أربع شركات، إلا أن اثنتين منها يملكهما طبيب للمسالك البولية مقرب من مستشار رئيس بلدية أنقرة، كما أن شركتي ذات الرجل قامتا بتنظيم حملات ياواش الانتخابية، الأمر الذي يثير شكوكا حول وجود فساد كبير في تنظيم الحفلات والفعاليات. ويزيد تلك الشكوك ما ذكره رئيس بلدية أنقرة السابق مليح غوكتشيك، في حسابه بمنصة "إكس"، حيث قال إن بلدية أنقرة اشترت خلال رئاسته للبلدية 11 شاحنة كبيرة عليها كافة المعدات اللازمة لتنظيم الحفلات الغنائية، وادعى بأن تلك الشاحنات والمعدات التابعة للبلدية استخدمت في بعض الحفلات، ولكن تم دفع مبالغ كبيرة إلى الشركات وكأن البلدية قامت باستئجار الشاحنات والمعدات منها.

إمام أوغلو ينتظر من ياواش أن يعلن أنه لن يترشح لرئاسة الجمهورية وأنه يدعم ترشيح رئيس بلدية إسطنبول، إلا أن رئيس بلدية أنقرة يدلي بتصريحات توحي بأنه لن ينسحب من السباق، بل سيترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، لأنه يرى نفسه يستحق هذا الترشيح أكثر من إمام أوغلو، ويقول إن نتائج استطلاعات الرأي تظهر تقدمه على غيره كمرشح المعارضة لرئاسة الجمهورية. إلا أن أنصار رئيس بلدية إسطنبول يرون أن استطلاعات الرأي التي تظهر ياواش متقدما على إمام أوغلو مفبركة وتجري بتمويل رئيس بلدية أنقرة.

رئيسا بلدية أنقرة وإسطنبول المتنافسان على الظفر بترشيح حزب الشعب الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة، يحتاجان إلى تمويل لحملاتهما الدعائية وجيوشهما الإلكترونية. ويرى كثير من المراقبين أن المبالغ الخيالية التي تخرج من خزانتي البلديتين لتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية يتم استخدام جزء كبير منها في ذاك التمويل

وسائل الإعلام الممولة من قبل إمام أوغلو تسعى إلى لفت انتباه الرأي العام إلى ضخامة نفقات ياواش لتنظيم الحفلات الغنائية، إلا أن رئيس بلدية إسطنبول هو الآخر يصرف مبالغ كبيرة للغاية لتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية أكثر مما يصرفه ياواش. وتشير الأرقام المسرَّبة إلى أن بلدية إسطنبول دفعت ما بين عامي 2020 و2024 ستة مليارات ليرة تركية، أي ما يقارب 175 مليون دولار لتنظيم تلك الفعاليات والحفلات.

رئيسا بلدية أنقرة وإسطنبول المتنافسان على الظفر بترشيح حزب الشعب الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة، يحتاجان إلى تمويل لحملاتهما الدعائية وجيوشهما الإلكترونية. ويرى كثير من المراقبين أن المبالغ الخيالية التي تخرج من خزانتي البلديتين لتنظيم الفعاليات الثقافية والفنية يتم استخدام جزء كبير منها في ذاك التمويل.

رئيس بلدية أنقرة رفع في حملاته الانتخابية شعار "قليل من الكلام وكثير من العمل"، وتبنى استراتيجية الابتعاد عن الإدلاء بتصريحات كثيرة وعدم الخوض في مواضيع مثيرة للجدل، إلا أن سمعته التي بناها على التزام الصمت والبقاء خارج النقاشات قد تنهار تحت ضربات التسريبات التي يقوم بها رجال منافسه إمام أوغلو.

x.com/ismail_yasa
التعليقات (0)