لا
زالت الأوساط الاسرائيلية منشغلة بما أعلنه ناشر صحيفة هآرتس عاموس شوكان في أحد
المحافل الدولية في العاصمة البريطانية لندن، حول أن الأوضاع في فلسطين لا يمكن
وصفها إلا بـ"نكبة" جديدة تطال الشعب الفلسطيني، وأن
الاحتلال بات عبئًا
على جميع الأطراف، واصفا
المقاومة الفلسطينية بأنها "نضال من أجل
الحرية"، وأن معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال تتطلب موقفًا حاسمًا من
المجتمع الدولي، داعيًا لفرض عقوبات على الاحتلال وقادته الذين يعرقلون نيل
الفلسطينيين لحقوقهم.
وقال الرئيس
الأسبق للكنيست ورئيس الوكالة اليهودية أبراهام بورغ، إنه "أتفق تماما مع كلام شوكان حول أن "الإرهابي" هو في الحقيقة مناضل
من أجل الحرية"، صحيح أنه لا يجوز له حتى أن يفكر في قتل أحد من الإسرائيليين
واليهود، ولكن ما هو المسموح له فعلاً رداً على ما يتعرض له من اقمع والإذلال على
يد الاحتلال الاسرائيلي ذاته، ولذلك فإنني كلمات شوكان في لندن كانت واضحة بذاتها
وبديهية، رغم أنه من الصعب على الإسرائيليين قبول ذلك، لكنها حقيقة مرة".
وأضاف
في مقال
نشره موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أن "كل الإنكارات
والخداع والكليشيهات الطفولية التي تجد رواجا بين الاسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني
الذي يجد أرضه محتلة، لن تساعدهم، ورغم أن الطرفين يعيشون على هذه الأرض، لكن
المقارنة بينهما واضحة؛ فهناك منتصر، وهناك مهزوم، مما يستدعي على الشعب الواقع
تحت الاحتلال أن يسأل نفسه عما يمكن أن يفعله، وكيف يمكنه الحصول على المزيد من
السلام في الحياة، وكل حديث آخر سوى ذلك لن يكون حلاً، وهو ما لن يحدث في الحالة
الفلسطينية أيضاً".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار
أنه "لا أحدا يحب العنف، ولكن بما أن عقيدتنا اليهودية تتجه نحو "يهوه
رجل حرب"، فنحن مخلوقون على صورته ومثاله، نحب الحروب والقتال مثله، لكننا
نفضل خوض هذه الحروب بدون أن يسقط لنا موتى، ويا له من عار أنهم لم يخترعوا مثل
هذا بعد، أي خوض الحرب بدون خسائر، لكننا في المقابل نريد حربًا يُسمح لنا فيها
بقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين".
وتابع، "أما هم فيجب عليهم ألا يفكروا حتى في قتل أحد
منا، رغم أن الواقع القائم في الأراضي الفلسطينية يطرح بالأساس أسئلة عما هو
المسموح للمغلوب والمظلوم والمذلول والمسروق أن يفعل لتحسين وضعه".
واستدرك
بالقول أن "هناك اليوم في قلب تل أبيب، وعلى جدار الكريا مقر المؤسسة
العسكرية، توجد لوحة تذكارية صغيرة كتب عليها -في هذا المكان كان مركز اتصال
القوة المتنقلة للانتداب البريطاني-، لكنه في يوم 25 يناير 1947، نفذ أفراد عصابة ليحي الصهيونية هجوما داميا على المركز، فقتلوا وأصابوا عددا من
البريطانيين".
وأردف، "كان الزعم اليهودي حينها أن المنفذين هم مقاتلون من أجل الحرية،
ماذا اليوم لو قمنا بتبادل الأسماء والأماكن والأوقات، ونفترض أن مقاتلين
فلسطينيين زرعوا 250 كيلوغراماً من المتفجرات في قلب أجهزة التنصت والاتصالات
والاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلي، ماذا نسميهم.. إرهابيون؟".
وتساءل
بورغ "لماذا سمي أولئك اليهود مقاتلون من أجل الحرية، والفلسطينيون الذين
يناضلون من أجل إزالة عبء الاحتلال عنهم، وإقامة دولتهم، نصفهم بأنهم إرهابيون؟
رغم أن وقائع التاريخ تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن النضال من أجل التحرير مسموح
به، لأنها كما أن القمع وحشي ومغلق، كذلك فإن قوة المقاومة ضده تنطوي على العنف،
وجزء من النضال الفلسطيني المشروع، وبعضه دفاعي، له التبرير اللازم لخوض تلك
الحروب".
اظهار أخبار متعلقة
ورغم
هجومه على عملية طوفان الأقصى في 2023، لكن بورغ اعتبر "حرب الانتقام
الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة سفك دماء فاحشة، وليس لها أي مبرر على الإطلاق،
لأن الاحتلال تحت مزاعم التفوق اليهودي يقدّس كل الوسائل النجسة، لكن النتيجة أن
الضحية الفلسطيني سيشعر دائمًا بأنه ضحية عمل إرهابي، أما الجاني الإسرائيلي
فسيشعر دائما بأن جميع أفعاله كانت صحيحة، ولذلك تتكرر مزاعم الاحتلال بأن لديه
الجيش الأكثر أخلاقية في العالم".
وأوضح
ان "الحرب الاسرائيلية كانت وستظل دائماً تعبيراً عن الفشل، أما مقاومة أي
احتلال فهي مشروعة، وأي أحاديث إسرائيلية عن الحجج الدينية لبقاء احتلال الاراضي
الفلسطينية ستبقى فارغة مثل وعد الله، والتفوق اليهودي، والحفاظ على الأغلبية
الديمغرافية، لأن سفك إسرائيل للدماء سيبقى عبثاً، ودون مبادئ أخلاقية، وهو مقدمة
لدمارها القادم، ونفيها، الذي سيأتي بعد ذلك".
وختم
بالقول أنه "من الصعب هزيمة موجة العداء للاحتلال التي تجد لها رواجا في
مساجد حماس بين عشية وضحاها، ولن يتحقق لإسرائيل ما تدعيه من نصر مستقبلي، ولا
حياة مستدامة، دون النظر بشجاعة للمرآة الثاقبة أمام أعيننا للاعتراف بمشروعية ما
يقوم به الفلسطينيون".