اختتمت في ساعة متأخرة من مساء أمس الأحد في
العاصمة البريطانية لندن
فعاليات مهرجان السلام والوحدة العالمية (GPU)، وكانت
فلسطين عنوانه الأبرز.
وأكد المدير العام للمهرجان محمد علي الحراث
في حديث مع
"عربي21"، أن "المهرجان في نسخته الحالية تمكن من جمع
أكثر من 50 ألف زائر على مدى يومين، تحت لواء واحد وتحت سقف واحد.. وهو أمر ضروري
لمواجهة التحديات، حيث كانت كل المدارس الفكرية الممثلة للمسلمين موجودة سواء من العلماء
والمفكرين أو رجال الأعمال أو من الفنانين أو من الزوار والمشاركين".
وأشار الحراث إلى أن "اللافت في نوعية
الحضور ليس فقط أن المهرجان تمكن من استقطاب النخب الإسلامية الأبرز في
بريطانيا،
وإنما في الحضور اللافت لعنصري المرأة والشباب، وهو حضور نوعي يؤكد أن المسلمين لم
يعودا أقلية طارئة، وإنما هم جزء أصيل من المجتمع البريطاني".
وأضاف: "نحن عندما نتحدث عن المسلمين
في بريطانيا نتحدث عن الجيل الثالث والرابع، عن أجيال لا تعرف من العالم إلا بريطانيا
التي ولدت وترعرعت فيها، أبا عن جد، وهؤلاء تجدهم في كل مؤسسات الدولة، حيث إن
نسبة المسلمين العاملين في قطاع الصحة تتجاوز الـ30 بالمائة، وهم في قطاعات القضاء
والمحاماة وغيرهما".
وأكد الحراث أن "فلسطين كانت الموضوع
الرئيس في مختلف فعاليات المهرجان، سواء من خلال الندوات الفكرية، حيث تم تخصيص
ندوة حول فلسطين، أو من خلال المشاركات الفنية، أو حتى من النقاشات الجانبية، إذ إن فلسطين في هذه الأيام لم تعد هما إسلاميا فقط بل هي هم عالمي بالنظر إلى حرب
الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن هذا الحضور اللافت لفلسطين في
المهرجان، دفع السلطات إلى الضغط من أجل إلغاء دورة رياضية لكرة القدم للبنين
والبنات، كانت تحمل أسماء فرق ترمز إلى غزة وقراها ومعالمها الرئيسية.
وأضاف: "لم يتم إلغاء الدورة الرياضية
فحسب، بل أيضا تم منع عدد من الضيوف من القدوم إلينا، بدءا بحفيد نيلسون مانديلا
الذي تم منعه من ذلك، ونشر مقالات هجومية في عدد من الصحف البريطانية العريقة كان
هدفها الضغط على عدد من البرلمانيين والسياسيين لدفعهم لعدم الحضور، وفعلا ألغى
بعضهم مشاركاتهم معنا.. لكن كل ذلك لم يمنعنا من الاستمرار في فعاليات المهرجان".
وحول أهم ما تم إنجازه في المهرجان، قال
الحراث: "الأمر الأبرز أيضا في مهرجان هذا العام، أننا بدأنا في كتابة مصحف
لندن، الذي سيكون حاضرا خلال عام من الآن بحول الله، وأيضا قررنا طباعة مليون نسخة
من القرآن لتوزيعها حول العالم، وهي جزء من رسالتنا نحو السلام والتعايش بين
المختلفين، وتكريس لسنة الحوار بين مختلف مكونات هذا العالم"، على حد تعبيره.
وشهد المهرجان هذا العام حضور أكثر من 50
ألف مشارك من جميع أنحاء العالم، ليصبح بذلك واحدًا من أهم الفعاليات التي تبرز
الدور الريادي للمسلمين في نشر ثقافة السلام والتعايش.
وشاركت في المهرجان شخصيات بارزة من العلماء
والسياسيين وقادة المجتمع، من بينهم الشيخ طارق جميل والداعية نعمان علي خان،
بالإضافة إلى الأكاديمي المعروف البروفيسور إيلان بابيه، والأكاديمي الأمريكي الدكتور نورمان فيلكنستاين، الذين ناقشوا قضايا
عالمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية ودور الإسلام في تعزيز قيم السلام.
لم يقتصر المهرجان على المؤتمرات فقط، بل
قدم تجارب متنوعة للمشاركين، شملت حفلات إنشاد دينية بمشاركة الفنانين مثل مسعود
كرتس وهاريس جي، والفنان الكويتي حمود خضر، الذي غنى لفلسطين، وردد معه الحضور
أغنيته ذائعة الصيت التي كتبها بعد الطوفان بعنوان "فلسطين بلادي"، التي
تركز على معالم الانتماء لفلسطين والتمسك بها في مواجهة الاحتلال، إلى جانب ورش
العمل والندوات التي غطت مواضيع متنوعة مثل السياسة والمجتمع والتعليم الإسلامي.
واستضاف المهرجان معرضًا ضخمًا على مساحة
18 ألف متر مربع ضم أكثر من 500 كشك من مختلف قطاعات الاقتصاد الحلال، بما في ذلك
الملابس، والرحلات، والتمويل الإسلامي.
ولم تغب الأنشطة الترفيهية والتعليمية عن
المهرجان، حيث خصصت مناطق للأطفال تضمنت ألعابًا وتحديات تعليمية، بالإضافة إلى
ركن للصحة شارك فيه أطباء ومستشارون صحيون لتقديم النصائح والفحوصات المجانية.
و أتاح المهرجان فرصة للاستمتاع بتجارب
الطهي الحلال من مختلف أنحاء العالم في ساحة الطعام، مع عروض طهي حية قدمها كبار
الطهاة.
جدير بالذكر أن مهرجان "السلام والوحدة
العالمية" يُنظم بواسطة قناة "إسلام تشانل"، التي أطلقته أول مرة
في عام 2005 بهدف الاحتفاء بالتنوع الثقافي والإسلامي وتعزيز قيم التعايش والسلام.