سياسة دولية

كيف تقوم بكين بتنظيف شبكتها المصرفية الهشّة بشكل سري؟

أفادت الصحيفة بأن التباطؤ يدفع بكين إلى أن تكون أكثر يقظة- جيتي
أفادت الصحيفة بأن التباطؤ يدفع بكين إلى أن تكون أكثر يقظة- جيتي
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، تقريرًا، تحدّثت فيه عن دفع تباطؤ النمو، السلطات الصينية، إلى التّعجيل بإعادة هيكلة البنوك الريفية الصغيرة، التي تركز على القروض ذات المخاطر. ‌

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إعادة هيكلة البنوك تتم بسرّية، بحيث تقوم سياسة الصين على عدم تسليط الضوء على الحلقة الضعيفة في الاقتصاد العالمي الثاني المتمثلة في بنوكه الإقليمية.‌

وأضافت الصحيفة أن التحدي الذي يواجه بكين لا يتمثل في إثارة موجة من الذعر من شأنها أن تؤدي إلى "تهافت على البنوك" وخسارة أعداد كبيرة من العملاء بل خطر إثارة قلق المستثمرين الدوليين.

في هذا الصدد، قال جون بلاسار، وهو خبير مجموعة بنوك میراباود: "إن الثقة هي سيد الموقف في القطاع المصرفي"، مستشهدًا ببنك كريدي سويس الذي استحوذ عليه بنك "يو بي إس" بشكل عاجل في ربيع 2023، بعد سحب العملاء أموالهم منه نتيجة أزمة ثقة.

وذكرت الصحيفة، أنّ عملية التطهير، التي توصف بكونها "إعادة تنظيم سرّية"، للبنوك الريفية الصغيرة التي تركز الديون المعدومة قد بدأت بالفعل. وفقًا لوكالة الأنباء المالية "ييكاي".

وفي النصف الأول من السنة الجارية، تجاوز عدد المؤسسات المصرفية التي تمت تصفيتها أربع أضعاف الرقم المسجل سنة 2023 بأكملها. وفي نهاية حزيران/ يونيو، اختفى 40 بنكًا في أسبوع واحد.

وفي مقاطعة لياونينغ الشمالية وحدها، على الحدود مع كوريا الشمالية، تم دمج 36 بنكاً في بنك واحد. ويوضح مستشار استراتيجية الاستثمار في مجموعة "بيكتيت إيه إم"، كريستوفر ديمبيك، أنّ التقديرات تُشير إلى مواجهة ما يقرب من 3800 بنك محلي صغير، تقع بشكل رئيسي في المناطق الريفية، صعوبات. وتمثل القروض المتعثرة 13 بالمئة من الأصول المصرفية الصينية.

البنوك التي تعاني من نقص رأس المال
تدعم هذه المؤسسات النّسيج الاقتصادي الصيني المحلي للشركات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين والمزارعين. ويقول جونيو تان، الاقتصادي في المؤسسة الفرنسية للتأمين على التجارة الخارجية "كوفاس": "هذه البنوك معرضة للخطر لأن الائتمانات الممنوحة تتركز على صغار العملاء وعدد قليل من القطاعات. وهي عموما تعاني من نقص رأس المال".

كذلك، فإن تباطؤ القاطرة العالمية مع تقديرات صندوق النقد الدولي للنمو هذا العام بنحو 4.6 في المئة يؤدي إلى تفاقم ديون الشركات وزيادة مخاطر التخلف عن السداد. 

اظهار أخبار متعلقة


وتشير أحدث دراسة أجرتها شركة كوفاس حول آسيا، والتي نُشرت في حزيران/ يونيو، إلى تدهور في الصين بعد إبلاغ 62 في المئة من الشركات عن تأخر سداد مستحقاتها في سنة 2023، مقارنة بنحو 40 في المئة في سنة 2022.

موجة دمج
وحرصاً منها على تجنّب حدوث انهيار مصرفي واسع النطاق، تعمل الحكومة والجهات التنظيمية على تنسيق عمليات الدمج. ففي مقاطعة هينان، شهدت البنوك الريفية أزمة سيولة واحتيال إلى درجة إثارة الحركات الاحتجاجية وإرغام السلطات المحلية والبنك المركزي على تعويض المودعين.

ولذلك فإنه تم إنشاء بنك أكبر في أيلول/ سبتمبر 2023، وتم تكرار العملية للتو في لياونينغ. كما حدّدت لجنة الشعب الصينية نقاط الضعف في مقاطعات تشجيانغ وشانشي وقوانغشي وهاينان وسيتشوان. ومن بين الاستراتيجيات الأخرى، تقوم الحكومات الإقليمية بإصدار السندات لإعادة رسملة البنوك.

إلى ذلك، يقول رئيس قسم التحليل الكلي بساكسو بنك، كريستوفر ديمبيك: "تقوم السلطات بتطهير القطاع المصرفي منذ عدة سنوات إما عن طريق السماح للهياكل الصغيرة بالإفلاس عندما لا يكون هناك تأثير كبير، أو إنشاء مجموعات صغيرة محلية لاستيعابها".

اظهار أخبار متعلقة


ويضيف ديمبيك أنه على النقيض من أوروبا، لم تكن الصين قادرة على إنشاء "بنوك رديئة" لعزل الديون المعدومة، وذلك لأنّه ليس لديها رؤية واضحة جدًا لوضع هذه البنوك الإقليمية، والتي تشارك أيضًا في "الظل المصرفي".

المخاطر الاجتماعية
وأفادت الصحيفة بأن التباطؤ يدفع بكين إلى أن تكون أكثر يقظة. بخصوص هذا يشير جون بلاسار، إلى أن فشل البنوك الإقليمية المتكرر يُمكن أن يكون مصدرًا للتوترات الاجتماعية، وهو ما تريد الحكومة تجنبه تمامًا.

وفي ختام التقرير؛ نوّهت الصحيفة إلى أن الهروب من الأزمة المالية يرتبط في المقام الأول بوتيرة النمو. وفي حين يهدد الضعف الملحوظ في النشاط الاقتصادي بإثارة دوامة سلبية من ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع الديون وإفلاس البنوك، فإنه يتعين على بكين الرد.
التعليقات (0)